المذاهب الاسلامية وضرورة التقريب بينها

السبت، 06 فبراير 2016 06:50 م
 المذاهب الاسلامية وضرورة التقريب بينها
كمال الهلباوي يكتب:


ذكرنا فى المقال السابق عن هذا الموضوع أو الفتنة المذهبية، رأى الاستاذ الدكتور/ مصطفى الشكعة ، رحمه الله تعالى، عن المذاهب الاسلامية ، نقلاً عن كتابه العظيم : إسلام بلا مذاهب، الذى شرح فيه موقف الفرق الاسلامية المختلفة من فهم الاسلام، وموقف كل من الخوارج، والاباضية، والزيدية، وغلاة الشيعة، والدروز، والعلويين، والقاديانية، والأحمدية، ونشأة المذاهب، والتعريف بالأئمة، والمتصوفة وطرقهم، ثم الحرب والاقتتال بين المسلمين بسبب المذاهب. وقد خرج الدكتورالشكعة رحمه الله تعالى بنتيجة واضحة، قد يوافق عليها من يوافق ويعارضها من يعارض، وهى أن المذاهب أضعفت الاسلام وأن التقريب بينها ضرورة. ثم يقول الدكتور الشكعة رحمه الله تعالى:
"وهناك مسألة خلافية أخرى بين الشيعة الامامية من ناحية، وبين بقية المذاهب المشار إليها آنفاً من ناحية أخرى، هى مسألة المتعة، ونحن نقول أنها مسألة فقهية محضة، يمكن حسمها بالحوار الفقهى والبحث والاستقصاء فى نطاق سماحة العقيدة".
ثم يواصل الدكتور الشكعة قوله فيقول" هذا بالاضافة الى أمور أخرى، ليست بأهل لأن توسع شقة الخلاف بين هذه المذاهب، لأن الخلاف يقوم أحيانا بين أئمة المذهب الواحد نفسه، فأبو حنيفة، أقرب الى الزيدية فى بعض المسائل منه الى الشافعى، مع أن كليهما إمام من أئمة أهل السنة، ولم يقل عاقل إن أحداً من الامامين الفاضلين، قد خرج عن الجادة أو انزلق عن الربقة ، ففى بعض الحالات، نجد إماما سنيا أقرب فى إجتهاده وتفكيره الى إمام شيعى، منه الى زميل له من أئمة السنة". ثم يواصل الدكتور الشكعة فيقول:
"فنحن نستطيع أن نقول، إنه لا يوجد الخلاف الذى يؤدى الى هذه الفرقة الطويلة الخطيرة بين السنة والامامية والزيدية والاباضية، اللهم إلا ما كان نتيجة الجهل والجمود والتعصب، عند بعض من ينتسبون الى واحد من هذه المذاهب، ممن جعل العامة لهم مكانة دينية مرموقة". ثم يواصل الدكتور الشكعة حديثه القيم فيقول:
" فمن الميسور إذن أن تقترب هذه المذاهب، الواحد من الآخر فى سهولة ويسر، وأن تلتقى فى صواب الطريق ، وأن تعقد الجلسات والمؤتمرات التى تظللها السماحة، ويكون رائدها الخير للاسلام والمسلمين، وإذا كانت وزارة الأوقاف المصرية قد بدأت الخطوة الأولى بمحاولة التقريب بين السنة والجعفرية، فإن من الخير أن تبادر الى توسيع الدائرة ودعوة الزيدية والاباضية الى نفس الغرض ،ونحن نعتقد مخلصين أنه لو حسنت النيات وألقيت رواسب الماضى البعيد جانباً، لخرجنا من هذه المحاولات صفَّا واحداً، لا يفرق جماعة من جماعة، إلا كما يحدث من خلاف بين أئمة المذهب الواحد". ثم يواصل الدكتور الشكعة رحمه الله تعالى حديثه القيم فيقول:
"تلك هى فكرة ( الاسلام بلا مذاهب ) نادينا بها فى ظل هذه الدراسة ، ولم يكن هناك من دافع إليها سوى ما لمسناه من الشر والضر والأذى الذى يقع على المسلمين متفرقين، والخير والنفع والعزة التى يعيش فى ظلها المسلمون، ما كانوا متكاتفين متحدين، هذا فضلاً عن أن لب العقيدة واحد، ومصدرها واحد ، وإلهها واحد، ورسولها واحد". إنتهى كلام الدكتور الشكعة رحمه الله تعالى. لقد أوردته هنا رغم طوله فى هذا الموضوع والزمن الخطير، لعل بعض العقلاء من الفريقين من السنة والشيعة – ممن ساروا فى طريق الفتنة - يرجعون عن تشددهم وغلوهم ، ويتوقفون عن إثارة الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة، ويتوقفون عن أن يسخرونها – وهى مسألة دينية أو فقهية لكل من المذاهب فيها رأيه - لأغراض سياسية .
وهنا أقول، هكذا نجد أن الدكتور الشكعة رحمه الله تعالى ، يؤكد على عدة حقائق – أعتقد أنا منها وفيها جازما – وهى محور الاهتمام الأساسى، منها:
1- أن نتيجة الجهل والجمود والتعصب عند بعض المذهبيين واضحة جدا لمن يعقل وتهمه مصلحة الأمة وأن سوء فهم الموضوع وعرضه على الاعلام على الواسع ، مما تسبب فى ظهور بعض العامة (أنصاف المتعلمين) ، وجعل لهم مكانة دينية مرموقة، عند بعض الشعوب، نتيجة ما نفخه الاعلام فيهم وكأنهم علماء، وهذا غطى على مقولات بعض العلماء الكبار مثل الشيخ شلتوت فى موضوع السنة والشيعة والصراع المذهبى، وكذلك اقوال الشيخ الشرباصى والشيخ الفحام والشيخ سيد طنطاوى والشيخ الغزالى وغيرهم . رحمهم الله تعالى
2- أنه من الخير المبادرة الى توسيع دائرة الحوار بين المذاهب جميعا، بما فى ذلك الزيدية والاباضية، فضلا عن مذاهب أهل السنة والجماعة والاثنى عشرية .
3- أن الضر والأذى الذى يقع على المسلمين بسبب تفرقهم أكبر من الوصف، وأن الخير والنفع والعزة التى يعيش فيها وفى ظلها المسلمون ما كانوا متكائفين متحدين، خير عميم.فلماذا نفقد هذا الخير؟.
وأقول: ليس هناك فائدة من تحويل الصراع السياسى بين ايران والسعودية والخليج أو حتى بين ايران والعرب أو بعضهم ، الى صراع دينى لا يستفيد منه المسلمون هنا أو هناك، بل يستفيد منه فقط أعداء الامة . وأولى بالعرب جميعا أن يسعوا الى التخلص أولا من الهيمنة الأمريكية والقواعد العسكرية الغربية فى بلاد العرب، وأولى بهم أن يقطعوا علاقاتهم بإسرائيل ، مثلما فعلت الثورة الايرانية، التى طردت السفير الاسرائيلى ، وأعطت تلك السفارة للفلسطينيين. فإن لم يستطيعوا ذلك فمن الضرورى الاستعانة - بعد الله تعالى – بإيران وتركيا والدول الأعضاء فى منظمة المؤتمر الاسلامى لحل المشكلات الداخلية فى الأمة عن طريق الحوار، ومواجهة التحديات الخارجية مجتمعين، وبقوة التكامل والتعاضد، وبعد الاعتماد على الله تعالى.
المهم ألا يقع العرب فى مزيد من المخططات الشيطانية التفتيتية التى مزقت ولا تزال تمزق الأمة الاسلامية بل الأمة العربية إرباً إرباً. ومن المهم كذلك أن يعود مفهوم الأمة الواحدة الى المقدمة، "إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ". ومن المهم كذلك أن نسعى جميعا الى استعادة المكانة البارزة للعرب والمسلمين فى العصر الحاضر بعدما كثرت عليهم الأمراض والتحديات وفى مقدمتها الارهاب والفساد والتخلف والقواعد الأمريكية والغربية فى البلاد .
أقول للقراء الكرام، طبعا الاتهامات التى توجه للشيعة كثيرة، منها ما له علاقة بالعقيدة أو بالتوحيد، ومنها ماله علاقة بغير ذلك من الأمور الاجتهادية. من التهم: تحريف القرآن (قرآن فاطمة) ، العصمة (عصمة الأئمة) ، المهدى المنتظر، سب الصحابة وأمهات المؤمنين ، الاستعانة والتوسل بالعباد الصالحين، الزكاة ( الشيعة يدفعون الخمس فى الزكاة) ، زواج المتعة، وضع اليدين على الصدر والاسدال فى الصلاة مع الجمع ، السجود على التربة ، الآذان (حى على خير العمل أو شهادة أن عليا ولى الله). طبعا من هذه التهم إذا فعله أحد من المسلمين أو اعتقده عامدا مثل تحريف القرآن أو الاعتقاد بأن هناك (قرآن فاطمة) مغاير للقرآن الذى بين دفتى المصحف المعروف فقد كفر، ومنها تهم إختلافيه لا تخرج عن الملة حتى حسب تصنيف نواقض الاسلام التى اعتقدها الشيخ محمد بن عبدالوهاب. ولكن هناك من يكفر الآخرين بالمعاصى كبيرها أو حتى صغيرها.وللحديث صلة عن حرب المذاهب.
والله الموفق


 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة