لا يا ريس عبد الفتاح لا

السبت، 06 فبراير 2016 06:51 م
 لا يا ريس عبد الفتاح لا
محمد حسن الألفي


كان مشهدا نازيا بامتياز ، ذلك الذي وقع وظهر في ملعب التتش !
يمكن القول بإطمئنان أن مشهد الحشد الأحمر لجماعة الألتراس في ملعب مختار التتش ، واستدعاء البكاء والعويل والحزن ، وكلها مشروعة ، علي قتل وسحل وقذف ٧٢ شابا ، من شباب مصر ، من مدرجات استاد بورسعيد ، هو استعراض للقوة ،بلا أدني ريب .
والحق أن العدد الغفير والهتافات المتفق عليها ، واللزمات البيانية ، والالتزام بقواعد السب والشتم وقلة الادب في الجيش والقادة الذين يحمون مصر ، دون تفجير الموقف وانتهاج سبيل العنف ، كلها شواهد ومظاهر ، لخطة تخويف أكثر منها لحظة لطم وعويل وشق جيوب علي شباب تم الغدر به ، ونتألم عليه بأعمق منهم .
تداعيات استعراض القوة ، ظهرت فورا عند عمرو أديب ، وعند الرئيس . دخل الرئيس ليتكلم ، وهو كان في حال من الشجن الفائق ، وكالعادة كان صوته متريثا ، ونبرته هادئة ، وبدا في نزوع الي استرسال ، يشكو همه وبثه ، مما وجده من عطن ومن عفن يسأل عنه اربع رؤساء سبقوه جملة . جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك ، والزفت الخائن محمد مرسي !

قال إن مصر في ٢٠١١ ، كانت أشلاء دولة ، بقايا دولة ، مهلهلة ، وأن تلك السنة لم تكن حصيلة أداء مبارك فحسب بل الترهل والعطن والفساد والاتكالية ، بدأت منذ ١٩٦٧.
هي سنة الهزيمة في حرب يونيو ، ومن يومها ونحن مهزومون ، حتي مع الإنتصار العظيم في حرب أكتوبر تحولنا الي شعب السداح مداح ، منتهزين اقتصاد الانفتاح ، حتي سادت بعد رحيل السادات غيلة مقولة: اللي مبقاش مليونير في عصر السادات ، عمره ما حيبقي مليونير .
كذبت المقولة وظهر المليارديرات في عصر الرئيس مبارك ، نتيجة للأخذ بسياسة كرابيج الليبرالية المتوحشة ، التي دهمت المواطن العادي .
علي أن كل ماسبق كوم ، وماقاله الرئيس عن لقائه بعشرة من شباب الألتراس كوم آخر . اولا لايمكن أن يعترض أحد علي حق الرئيس في مقابلة أي مجموعة أو جماعة من مكونات الوطن المصري ، ومن باب أولي الجلوس الي الشباب ، والتعرف علي أفكارهم وأرائهم ، والعمل علي حل مشاكلهم ، وتسخير الحماس والطاقة والقوة لحفظ أركان الدولة ، وليس التهديد بإفشالها !
ثانيا لست قط أكره أن يجلس هؤلاء الي الرئيس ، فهم أبناء مصر وهو رئيس كل المصريين . فيم المشكلة إذن ؟!
المشكلة في ما خرج من مكنون صدر الرئيس السيسي ، من تشكيل لجنة منهم يتابعوا ويحققوا ويدلوا ويجمعوا ، ويعطوا معلومات عن مجزرة بورسعيد .!
لجنة بحث ومراجعة وتحقق يا ريس ؟
ما طبيعة هذه اللجنة ، وكيف سيتم اختيار أعضائها ، وكيف تضمن الآ يكون فيهم أبريليون ؟!
أو إخوان ؟!
ألن تلد اللجنة لجانا ؟!
لجان تتعاون أم تتعارض مع جهات التحقيق ؟!
لجان تنازع السلطات الرسمية قواعد وصلاحيات عملها ؟!
أفهم جيدا رغبة الرئيس في احتواء غضب الشباب ، بعد مشهد الحشد في الملعب ، وأفهم أن الأب يستمع ويصبر ،لكني لن أفهم قط ،أن تشكل ميلشيات تحقيق وتدقيق ومتابعة ، تنمو ، وتتوحش ، متدثرة بعباء حنان السيد الرئيس .
أقول هذا خوفا علي وطني وحبا في وطني ، واستدعاء للتاريخ ، ولا تزعل مني يا ريس الله يخليك ، فكلنا نحبك . روح التعاطف هذه ،لا تستقيم مع روح القطيع الداهم . عفوا ، لا أقصد آحاد الشباب ، بل أقصد الكتلة الصماء المتفاعلة التي تحركها غريزة التململ والرفض ، وهي بطبيعة احتشادها وشحنها ، جاهزة للإنفجار .
نذكر جميعا أن الرئيس السادات كان أول من تعاطف مع الاخوان ، فأفرج عنهم ، وأطلق منابرهم في المساجد والزوايا والمجلات والجرائد ، والبزنس ،كيدا في أفندية عبد الناصر ورذالاتهم ، علي حد تعبيره الله يرحمه ، فهل صانت الأفعي المعروف ؟
لم يعرف عن لبوءة تربيها في فراشك وفاء ، ولم يعرف عن أفعي ودا وحبا وامتنانا . الأسد يهجم ويأكل ويهضم
وهذا ما فعلوه مع السادات .. قتلوه في يوم الزفاف الوطني احتفالا بعيد النصر في السادس من اكتوبر . وهل سلم منهم مبارك ؟!
لقد كان عصر الرئيس مبارك هو عصر الإخوان الذهبي ، وانا هنا لا اطعن في رجل حبيس ، ولن أفعل قط ، ولن يتغير رأيي في أن يناير غير برئ في أدني الأوصاف ذكرا ، احتراما لمن نزل واحتج وهتف بحسن نية وبوطنية . لم يتغير موقف النظام من الاخوان الابعد ٢٠٠٢ ، في الوقت الذي كانوا فيه قد اسسوا مدارسهم وأطفالهم وميلشياتهم ، واقتصادهم ، وعلاقاتهم الدولية .
واليوم ، ومع الفارق ، لكن التاريخ درس وعظة وخبرات لايجوز غض العقل عنها ، يتعاطف السيد الرئيس مع كتلة مدمجة ، عناصرها لا نعرفها ، ورد ذكرها في وثائق لجنة الحصر والتحفظ ، بوصفها أداة ضغط مع البلاك بلوك ، لمواجهة جماهير ثورة الثلاثين من يونيو .
هم أحرقوا ، وخرجوا علي الدولة ، ويهتفون ضد القوات المسلحة ويرددون شعا رات الخيانة الليبرالية والاخوانية معا ، وأربأ بلساني أن أنطقها أو اكتبها هنا ، بينما تملأ الدموع مآقي المصريين كل صباح وكل ليلة علي شباب في العشرين ، والثامنة عشرة علي حدود الوطن ساهرون ويستشهدون ،لا هم ألتراس ولا بلاك ، ولا أي اسم غبي مجهول، منتسب للعنف والتهديد، بل هم جنود مصريون ، يعرفون معني الوطنية . أداء الألتراس أداء نازي ، والكوارث التي ستواجه المجتمع والدولة ، بلا حدود ، لولم تتخذ الإجراءات الصحيحة ووفق القانون لحل هذه الجماعة التي تمثل تهديدا للدولة ، تحت دعوي أنهم عيال !
لا يوجد عيال .
يوجد مواطن أو لا مواطن . غير هذا نحن نفرط في عنق البلد لشوية عيال .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة