انقسام بين وسائل الإعلام في فرنسا حول نشر أسماء وصور منفذي الاعتداءات الإرهابية

الخميس، 28 يوليو 2016 06:20 ص
انقسام بين وسائل الإعلام في فرنسا حول نشر أسماء وصور منفذي الاعتداءات الإرهابية

تشهد فرنسا حالة من الجدل بين مختلف وسائل الإعلام حول مسألة نشر أسماء وصور منفذي الاعتداءات الإرهابية، وما قد يمثله ذلك من تمجيد لهم، الأمر الذي دفع عددا منها باتخاذ قرارا بالامتناع عن ذلك غداة اعتداء "داعش" على كنيسة بشمال فرنسا، وبعد فترة طويلة من النقاش والتفكير.

وقال جيروم فينجليو، مدير صحيفة "لوموند" اليومية الفرنسية - في مقالة افتتاحية له الأربعاء- إن "لوموند" لن تنشر من الآن فصاعدا صور القتلى لتجنب تمجيدهم بعد وفاتهم.

وذكرت قناة "بي إف ام تي في" التليفزيونية أيضا أنها لن تنشر صورا لعادل كيرميش، الذي تم الإعلان عن أنه أحد مهاجمي الكنيسة. وكتب ألكسيس ديلاهاوس، مدير القناة "في مواجهة تعدد الهجمات في فرنسا، نحن لا نريد أن نقوم بإصدار دليل للإرهابيين، سوف نوقف نشر صورهم، بما لا يعيق إجراءات التحقيق حول خلفياتهم وطرق تحركهم".

وأضاف "الاستثناء الوحيد لهذا المبدأ هو نشر إعلانات صادرة عن الشرطة من أجل المساعدة في التحقيقات التي تجريها".
وقررت إذاعة "أوروبا 1" عدم ذكر أسماء منفذي الاعتداءات، وكذلك صحيفة "لاكروا" الكاثوليكية التي أعلنت بدورها عدم نشر الأسماء والصور.

كما قررت "فرانس 24" و"إذاعة فرنسا الدولية" وإذاعة "مونت كارلو الدولية" عدم نشر أو بث صور منفذي الاعتداءات على قنواتها ومواقعها الإلكترونية والرقمية، إضافة إلى استعمال أدنى الوسائل للدلالة على أسمائهم.

وأضافوا أن التفكير في هذه المسائل سيظل قائما داخل "فرانس ميديا موند" بالتواصل مع وسائل إعلام أخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار الضرورة القصوى لتوخي الحذر في عدم نقل الدعاية.

وقد لاقت الفكرة قبولا في الرأي العام الفرنسي؛ حيث جمعت عريضة، تطالب بعدم الإفصاح عن بيانات الإرهابيين في وسائل الإعلام، 75 ألف توقيع بعد أسبوع من إطلاقها. كما تقوم قناة "تي في 5 موند" بتشويش كل صور الإرهابيين في نشراتها الإخبارية.

وعلى المستوى السياسي، أعرب المسؤول المحلي بالمنطقة الباريسية جوفروا ديديه عن أمله في أن تلتزم السلطة القضائية ووسائل الإعلام بعدم نشر أسماء أو صور للإرهابيين.

وكانت وزيرة الدولة الفرنسية المعنية بشؤون الضحايا جوليت مياديل قد أعلنت مؤخرا أنها ستتقدم بمقترحات حتى تتوصل وسائل الإعلام وشركات مثل (جوجل، أمازون، فيسبوك وأبل) إلى التوافق حول ميثاق أخلاقي وضرورة توخي الحذر في الإعلان عن الضحايا وفي طريقة التعاطي مع المعلومات الخاصة بمنفذي الهجمات.

من جهته، اقترح المجلس الأعلى للإعلام السمعي والبصري في فرنسا وضع مدونة لقواعد السلوك بشأن التغطية الإعلامية للأعمال الإرهابية.

وفي المقابل، قال يوهان هوفناجل - المسؤول بصحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية - إن نشر صور الإرهابيين وتمجيدهم شيئان مختلفان، لافتا إلى أن الاكتفاء بوضع الأحرف الأولى لأسماء الإرهابيين سيعد أمرا "غير معتاد"، وأن الامر لا يزال محل النقاش داخل الصحيفة.

كما رأت مديرة الأخبار بوكالة الصحافة الفرنسية ميشيل ليريدون أن معيار الوكالة لا بد أن يظل قيمة المعلومة من خلال نص أو صورة، وبالتالي فإن اسم أو صورة لمنفذ عمل إرهابي ستعد معلومة لا يجب حرمان عدد مشتركيها الـ5 آلاف حول العالم منها والذين بإمكانهم فيما بعد عدم استخدامها.

من جانبه.. علق المحلل النفسي فتحي بن سلامة على مسألة نشر أسماء وصور الإرهابيين قائلا إن العديد من الأفعال يرتكبها أشخاص ضعاف النفوس والتمجيد الإعلامي يمثل حافزا لهم، معتبرا أن هناك بعدا وقائيا في الحد من تسليط أضواء الإعلام عليهم.
وأضاف أن الحرب على الإرهاب هي أيضا إعلامية ونفسية، لافتا إلى سعى الإرهابيين للاشتهار وتركهم آثار قبل موتهم للحصول على اعتراف عالمي.

كما أيد تلك النظرية مايكل جيتر، الباحث بجامعة "ويتسرن استراليا" والمتخصص في العلاقة بين الإرهاب والإعلام، مشيرا إلى أن حجم التغطية الإعلامية له، بدون شك، مردود على أفعال الإرهابيين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق