جدل في فرنسا حول وسائل مراقبة العناصر المتشددة

الجمعة، 29 يوليو 2016 11:51 ص
جدل في فرنسا حول وسائل مراقبة العناصر المتشددة

تشهد فرنسا حالة من الجدل حول آليات مراقبة العناصر المتشددة في البلاد، بعد إعلان السلطات هوية مرتكب عملية ذبح الكاهن في كنيسة في شمال فرنسا، و بعد اتضاح أن مرتكب الجريمة معروف لدى أجهزة الأمن المتخصصة في شؤون الإرهاب، ويضع سوارا إلكترونيا لمراقبة تحركاته، ورغم ذلك فقد أخفقت الأجهزة الامنية في توقع أو تجنب ارتكابه للاعتداء.
وتواجه السطات الفرنسية معضلة مراقبة العناصر المتشددة التي لم تقدم بعد على تنفيذ هجمات. فمقتل القس جاك هاميل عاد إذكاء هذا الجدل اذ ان قاتله عادل كرميش كان معروفا لدى اجهزة الامن الفرنسية وهو مدرج على القائمة "اس" الخاصة بالاشخاص المتطرفين.
واستجابت العدالة الفرنسية الى رغبته في الاندماج مجددا في المجتمع و وفرت له اطلاق سراح مشروط في انتظار محاكمته. و فرضت عليه منذ عدة أشهر إقامة جبرية مراقبة الكترونية و تمتع بحرية التنقل بين ####ال8h30 #### صباحا و منتصف النهار من الاثنين الى الجمعة و من الثانية الى السادسة مساء في نهاية الاسبوع واثار حادث ذبح الكاهن في شمال غرب فرنسا و هجوم نيس الذي خلف 84 قتيلا قبل ذلك بأيام العديد من التساؤلات حول مدى تناسب الاجراءات الامنية السارية في إطار حالة الطوارىء مع حجم التهديدات الارهابية التي تواجهها فرنسا.و جددت المعارضة اليمينية مقترحاتها بتشديد تشريعات مكافحة الاٍرهاب الا ان معظمها قوبل بالرفض من الحكومة التي اكدت تمسكها بالدستور و الحريات .
وقال الرئيس السابق نيكولا ساركوزي :" يجب ان نتعامل بدون رحمة.. التعقيدات القانونية والاحتياطات و الذرائع التي تبرر أنصاف الحلول كلها ليست مقبولة". وطالب الحكومة الاشتراكية بتطبيق دون تأخير الحلول التي طرحها حزبه "الجمهوريون" خلال الاشهر الأخيرة.
وأكد ساركوزي أن فرنسا لا يمكن ان تظل في الإطار القانوني الحالي. و كانت من ابرز مقترحاته ايداع نحو 12 الف شخص المدرجة أسماءهم ضمن القائمة (اس) (للأشخاص الذين يمثلون تهديدا على امن الدولة) بمراكز احتجاز.
ولفت ساركوزي الى ان تعديل القوانين الحالية بات أمرا حيويا و الى ان منفذي اعتداء الكنيسة حاولا مرتين السفر الى مناطق النزاعات للقتال في صفوف التنظيمات الارهابية وذلك بالرغم من صغر سنهما. و تسائل:"ألا يبرر ذلك وضعهما في مراكز احتجاز؟"
وردا على ذلك، اعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند رفضه لدعوات المعارضة من اليمين واليمين المتطرف لتشديد قوانين مكافحة الإرهاب بعد الاعتداء على الكنيسة، معتبرا أن القوانين التي تم التصويت عليها منذ العام 2015 تمنح السلطات "القدرة على التحرك".
وتابع أن "الحكومة تطبق وستطبق بأكبر حزم ممكن القوانين التي قمنا بالتصويت عليها والتي تعطي القضاء و المديريات وقوى الأمن القدرة على التحرك ويعززها تمديد وتشديد حالة الطوارئ".
كما رد وزير العدل جون جاك أورفواس على مقترحات ساركوزي بالتأكيد على حرص الحكومة على احترام القواعد الدستورية و الاوروبية وعلى ان فرنسا لا يمكنها محاربة الاٍرهاب و التطرّف سوى باسلحة القانون، منددا بفكرة حزب "الجمهوريون" بحبس اشخاص يمثلون تهديدا قبل ان يقدموا على ارتكاب جريمة، و واصفا إياها "بالجوانتانامو على الطريقة الفرنسية".
كما انتقد وزير العدل حصاد فترة حكم ساركوزي (٢٠٠٧-٢٠١٢) و التي شهدت شطب عشرات الالاف من الوظائف في القضاء و الشرطة والدرك.
وفي سياق متصل، أشارت فانيسا كوداسيوني استاذة العلوم السياسية بجامعة "باريس ٨" الى ان قانون الطوارىء يتيح فرض الإقامة الجبرية على اشخاص يشكلون خطرا أو "جهاديين محتملين" الا ان احتجاز اشخاص في مخيم هو امر مخالف لدولة القانون ومرفوض بشدة على اي حال من مجلس الدولة.
ومن جهته ، وصف سيباستيان بيتراسنتا مقرر لجنة التحقيق البرلمانية في اعتداءات باريس مقترح ساركوزي بأنه يشكل خطورة حيث قال:" لا يمكننا ايداع معتقلين متطرفين في المركز نفسه لأن ذلك سيمكنهم من التواصل مع بعضهم وتشكيل شبكة مشتركة".
وترى الحكومة أن اجراء من هذا النوع يتنافى مع احكام القانون والدستور نظرا لأن اي احتجاز يحتاج الى قرار قضائي و ليس أمرا اداريا. و تعتبر ان القوانين الثلاثة التي اصدرتها لمواجهة الاٍرهاب تمنح الأجهزة الامنية المختلفة صلاحيات واسعة للتحرك و ذلك بالاضافة الى اعلان الرئيس أولاند اطلاق حرس وطني بحلول الخريف للمساعدة في تخفيف الضغط على قوات الشرطة والدرك ولتعزيز الأمن بعد سلسلة الهجمات الإرهابية وكذلك انشاء مراكز لاعادة تأهيل المتطرفين وافتتاح 13 منها بحلول العام المقبل. وتذكر الحكومة باستمرار بضرورة توحيد الصف في مواجهة الاٍرهاب واعلاء قيم الوحدة الوطنية وعدم الاستسلام لمحاولات داعش لتأليب الفرنسيين على بعضهم و اثارة حرب بين الأديان.
و يجمع المحللون السياسيون أن الجدل المتواصل حول التعاطي مع التهديدات الأمنية موضوع سيطغى بلا شك على الانتخابات الرئاسية المرتقبة العام المقبل في فرنسا والتي من المنتظر ان ينافس فيها بقوة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق