الانتخابات الرئاسية الأميركية.. بداية حقبة جديدة في العلاقات الأوروأطلسية

الثلاثاء، 08 نوفمبر 2016 07:20 ص
الانتخابات الرئاسية الأميركية.. بداية حقبة جديدة في العلاقات الأوروأطلسية

مع انطلاق الانتخابات الرئاسية الأميركية اليوم، تنظر القارة الأوروبية بعين من الحذر والريبة إلى ما ستشهده الضفة الأخرى من الأطلسي و ما ستستفر عنه هذه الانتخابات الحاسمة التي ستتوج الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية داخل البيت الأبيض.

ورغم أن أوروبا هي الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة على مدار عقود، غير أنها لم تحتل مكانة بارزة في تصريحات المرشحين الرئاسيين، هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديموقراطي ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري. في المقابل يتابع الأوروبيون عن كثب السباق الساخن بين المرشحين الرئاسيين في ظل أجواء من الخوف والقلق مما ستحمله نتائج تلك الانتخابات من تغيرات للعلاقات الأميركية الأوروبية.

ويتفق المراقبون على أن انتهاء ولاية باراك أوباما تمثل بشكل أو بآخر بداية لمرحلة جديدة من العلاقات الأوروأطلسية أيا كان المرشح الفائز، وأن انتخابات اليوم ستشكل نقطة تحول في مسار العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة. فسواء كان الفائز كلينتون أو ترامب لن يكون التحالف السياسي والاستراتيجي كما كان عليه طوال السبعين عاما الماضية.

وعلى الرغم من أن كلينتون تبدو أكثر اعتدالا من منافسها في العديد من القضايا الداخلية والخارجية، غير أنها تختلف عن الرئيس السابق باراك أوباما وعن كثير من سابقيها من الرؤساء الأميركيين في توجهاتها الخارجية حيث أنها تميل لتبني نهج أكثر تدخلية وستكون أقل انفتاحاً في التجارة من سابقيها.

بشكل عام تُظهر القارة الأوروبية تأييدا ودعما للمرشحة هيلاري كلينتون حيث يراها غالبية الأوروبيين بمثابة "اليد الآمنة" التي ستحافظ على استمرارية العلاقات الأوروأطلسية فهي أكثر مهارة ودبلوماسية في التعامل مع التحديات العالمية المطروحة على الساحة حاليا وعلى رأسها التنظيم الإرهابي "داعش"، كما أنها أكثر خبرة في إدارة شؤون البلاد وتتبنى خطابا أقل حدة على مختلف المستويات فضلا عن أن لديها مبادىء وقيما واضحة خاصة فيما يتعلق بالدفاع عن الديمقراطية الليبرالية واقتصاد السوق والعولمة.

ويتوقع المراقبون أنه في حالة انتخاب هيلاري كلينتون، سيكون هناك التزام أكبر من الولايات المتحدة إزاء أوروبا حيث أنها لن تنسحب من منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" وربما لن تبدأ بسحب قواتها من أوروبا، وستظل تتعاون مع الدول الأوروبية كحليف وشريك في المفاوضات المتعلقة بالشرق الأوسط أو بالحرب الدائرة في سوريا أو تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

أما ترامب، فهو يمثل"المجهول" للأوروبيين ولم يكن يلتفت إليه أحد إلا بعد التقدم الذي أحرزه في الحملات التمهيدية وتصريحاته المثيرة للجدل، فقد وعد بالانسحاب من منظمة حلف شمال الأطلسي إذا لم يتول الحلفاء المزيد من مسؤوليات الدفاع عن أمنهم، وبالتالي فإن فوزه بالنسبة للأوروبيين سيكون بمثابة كارثة عالمية تشبه انفجار مفاعل نووي، كما أن سياساته الخارجية سيكون لها تداعيات كارثية على أوروبا - حسب بعض المراقبين.

ويحظى ترامب بدعم فئة محدودة من الأوروبيين حيث يجد خطابه صدى لدى تيارات اليمين المتطرف والتيارات الشعوبية في أوروبا مثل بعض دول أوروبا الشرقية كالمجر وبولندا فضلا عن الأحزاب اليمينية المتطرفة في هولندا وبلجيكا ورابطة الشمال في إيطاليا.

وتعكس استطلاعات الرأي حالة الخوف التي تسيطر على الرأي العام في أوروبا إزاء احتمالات فوز ترامب، حيث تظهر نتائج استطلاع للرأي، أجرته شركة أبحاث "إيفوب" لحساب وكالة سبوتنيك الروسية أمس، أن 56% من الفرنسيين و55% من الإسبان و53% من الإيطاليين، و50% من الألمان و47% من البولنديين و36% من البريطانيين، يؤيدون فوز كلينتون بالرئاسة. ويعكس هذا الاستطلاع الرفض الواضح لترامب والرغبة في إسقاطه أكثر من التأييد والدعم لكلينتون.

كما أوضح الاستطلاع أن نسبة كبيرة من الأوروبيين لا يؤيدون أيا من المرشحين، كلينتون وترامب، وبلغت تلك النسبة 46% فى بريطانيا، و40% فى ألمانيا، و31% فى إسبانيا، و30% فى إيطاليا، و26% فى فرنسا.

ويرى المراقبون أن الاتجاه الذي يمثله ترامب يعكس نموذجا متطرفا لاتجاه متصاعد داخل المجتمع الأميركي يطالب الولايات المتحدة بأن تكون أكثر اهتماما بمصالحها أولا والتخلي نوعا ما عن دورها كشريك دولي على الساحة العالمية.

في ضوء ماسبق يُتوقع أن تحدث الانتخابات الأميركية الحالية نقلة نوعية في مسار العلاقات مع القارة الأوروبية وأنه حتى في حالة فوز هيلاري كلينتون فإن العلاقات ستشهد تغيرا واضحا مقارنة بما كانت عليه، وعلى أوروبا ألا تنتظر مزيدا من الدعم الأميركي على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو العسكري وأن تحافظ على مصالحها دون انتظار دعم من الحليف الأميركي التاريخي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة