فوضى الإعلام

الأربعاء، 07 ديسمبر 2016 11:21 ص
فوضى الإعلام
فادي غالي

شهدت الانتخابات الأمريكية الأخيرة نقطة فاصلة في تاريخ العالم الإعلامي، حيث سقطت هالة بعض كبريات المؤسسات الإعلامية الأمريكية والدولية وهُزمت شر هزيمة في أقوى معارك الجيل الرابع للحروب وهي الحروب الإعلامية، لقد كانت هذه المؤسسات تُروج وتسوّق لهيلاري كلينتون من خلال كُتاب ومذيعين وفنانين وإحصائيات ومراكز للتفكير (think tanks)، ومن خلال دعاية من المؤكد أنها تفوق قيمة حملة دعايتها الانتخابية!.

هُزمت هذه المؤسسات في عقر دارها وفشلت في أكبر اختبار لها في خلق واقع إعلامي مغاير للواقع على الأرض، وهو بالمناسبة نفس المبدأ الذي اُستخدم في الربيع العربي من خلال نفس الوسائل وعلى رأس حربتها قناة «الجزيرة».. ولم يدركه إلا شعوب قليلة نجت مؤقتًا من مذبحة الشرق الأوسط الكبير بينما بقيتها يصارع للبقاء حتى الآن، لكن ليس معنى نجاة بعض الدول – سواء لم تدخل في اضطرابات أو مرت بثورتين مثل مصر – أن منظومتها الإعلامية تتمتع بالتنظيم والكفاءة والمهنية، والأدلة على ذلك كثيرة، خصوصًا بعد تكرار الأخطاء الإعلامية من كل الأطراف وتعلم الشعوب بالمحاولة والخطأ.

وهنا لا نستطيع أن نتغاضى عن دور المواقع الإخبارية المعروفة والمجهولة معًا، بالإضافة لدور وسائل التواصل الاجتماعي الذي ظهر جليًا لأول مرة في حادثة «بوعزيزي» في تونس، ثم واضحًا وضوح الشمس في ثورة يناير متصاعدًا ليصل للذروة في 30 يونيو!.

الفرق بين الحرب الإعلامية في الانتخابات الأمريكية والحرب الإعلامية في الشرق الأوسط، هو بين منظومة في قمة المهنية والوعي وتطبيق القوانين في العالم الأول، حيث السقطة لا تُغتفر بدليل اعتذار صحف أمريكية ذات أسماء رنانة عن عدم حياديتها في التغطية، وقيام سيناتور من مجلس الشيوخ بعمل قائمة سوداء بأسماء الذين غشوا الرأي العام الأمريكي، وبين قمة الفوضى الإعلامية في منطقة الشرق الأوسط، بين قنوات فضائية تطلقها دول ضد دول وقنوات تطرف تُبث من خارج المنطقة أصلا وقنوات محلية لا ينظم عملها شيء بعد انتشار موضة رفض وزارات الإعلام وإلغائها في بعض الدول بدون إيجاد بديل تنظيمي للعملية الإعلامية!.

وإذا تحدثنا بشكل أعمق عن أزمة الإعلام في مصر، نجد أن المشكلة الرئيسية أصبحت أن الفوضى بلغت مداها، حيث أصبحت تستنزف قوى المجتمع ككل، وهنا لا نجد من يُحاسب على نشر كلام مرسل بلا أي دليل في ظل غياب وجود مرفق تنظيمي للإعلام أو قانون يُلزم الإعلام بنشر الدليل أو بضوابط مهنية واضحة أو يلزمه أمام القاضي إما بكشف مصدره أو دفع غرامة كبيرة جدًا كما يحدث في الدول المتقدمة، ولا يوجد ما يُلزم الحكومة بالرد من خلال مسؤول أو مركز إعلامي مهمته الرد على أسئلة الإعلاميين، ولا يوجد ما يُلزم كل وزارة بإعطاء المعلومات للإعلام مثل قانون حرية تداول المعلومات الذي ننادي به منذ عقود.. لا سبيل لبناء الوطن بدون إعلام مهني مُنظم مُنضبط.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق