سياسي لبناني: عودة مصر إلى لبنان تبعده عن الحضن الإيراني (حوار)

الأربعاء، 07 ديسمبر 2016 05:37 م
سياسي لبناني: عودة مصر إلى لبنان تبعده عن الحضن الإيراني (حوار)
محمود علي

تشهد لبنان في الفترة الأخيرة حالة من الجمود السياسي، فبعد انفراجه أدت إلى انتخاب الرئيس اللبناني الجديد ميشال عون وصعوده إلى قصر بعبدا، يبدو أن هناك تحديات أخرى تقف امام أكتمال المشهد السياسي هناك لاسيما في ظل تأخر تشكيل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وذلك على أثر واقع التحالفات اللبنانية المختلفة ومماطلة أخرى، لذلك حاورت بوابة «صوت الأمة» المحلل السياسي اللبناني ورئيس تحرير موقع «الصوت الحر»، فادي عاكوم للتعرف على أخر تطورات الملف اللبناني ودور مصر واللاعبيين الإقليمين فيه، وإلى نص الحوار...

ما المعضلة الأساسية في تشكيل الحكومة اللبنانية؟.. وماذا خلف تأخر تشكيلها على الساحة السياسية والأمنية والاقتصادية؟
من الممكن جدًا اعتبار الأزمة الحكومية الحالية في لبنان امتدادًا للأزمة الرئاسية التي تم القفز فوقها من خلال ايصال الرئيس الحالي إلى سدة الحكم، حيث أن الخلافات السياسية القائمة بين الأقطاب السياسية لم تحل؛ بل على العكس تم التغاضي على أمل الوصول إلى حل ما يتعلق بقانون الإنتخاب المزمع تعديله، وهو القانون الذي يجب اعتماده لإنتخابات المجلس النيابي الجديد المفترض اجرائها في النصف الثاني من العام المقبل 2017، هذا بالإضافة إلى توزيع الحقائب الوزارية خصوصًا الحقائب السيادية منها، أي الوزارات الحساسة حيث يحاول كل فريق سياسي الحصول على القدر الأكبر من الغنائم بالإضافة إلى سعي بعض التيارات السياسية الضغط لاقصاء بعض التيارات الاخرى، وقد تكون مشكلة تمثيل تيار المردة الذي يتزعمه المرشح السابق لرئاسة الجمهورية سليان فرنجية العقبة الأكبر، حيث يحاول التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية الايحاء بانهم يمثلون القواعد الشعبية المسيحة في محاولة لعرقلة حصول المردة وحزب الكتائب (وهما من التيارات المسيحية أيضًا) على تمثيل وزاري.

وما التحديات التي ستواجها الحكومة في حال تشكيلها؟
في حال تشكيل الحكومة المقبلة فإن الملف الوحيد الذي من الممكن أن تعمل على انجازه هو قانون الانتخابات، حيث أن الفترة الزمنية المتاحة لها لا تتعدى البضعة أشهر حيث يجب أن تقدم استقالتها بمجرد انتخاب مجلس نيابي جديد لإعادة تشكيل حكومة جديدة لطرح الثقة بها أمام المجلس الجديد، علمًا أن العديد من الملفات تعتبر ذات أولوية قصوى، توجه العمل الحكومي في لبنان لكن ورغم طابعها التنموي أو الاقتصادي فإنها ترتبط بالتوزيع السياسي والطائفي وصولًا إلى توزيع المصالح والمكاسب من الصفقات، كملف النفايات وملف استخراج الغاز، بالإضافة إلى ملف اللاجئين السوريين، وملف تسليح الجيش اللبناني، أما الملف الأبرز الذي يمنع الاقتراب منه هو ملف سلاح حزب الله.

وفد عسكري لبناني في مصر للبحث في آخر تطورات المنطقة.. كيف ترى هذا التعاون اللبناني المصري عسكريًا؟
التعاون العسكري بين مصر ولبنان ليس بالأمر الطارئ، فلطالما كان التعاون موجودًا خصوصًا فيما يتعلق بالتدريبات المشتركة أو تدريب الضباط اللبنانيين في مصر، بالإضافة إلى التعاون الاستخباراتي المستمر من ناحية ملفات الارهاب، حيث يحتل هذا الملف أولوية قصوى لدى البلدين بسبب التماس المباشر مع التنظيمات الارهابية كتنظيمات القاعدة وداعش، وفي هذه المرحلة فإن الملاحقات وتبادل المعلومات واللوائح الخاصة بالارهابيين ضرورية لمنع تسلل الارهابيين من سوريا إلى لبنان ومنه إلى مصر أو بالعكس، حيث ممكن أن يستغل بعض المنتمين لداعش سهولة الانتقال إلى لبنان للتسلل بعدها إلى مصر للمشاركة في العمليات الارهابية في سيناء أو في أي محافظة أخرى.

ماهو حجم الدور المصري في حل المشاكل اللبنانية.. وكيف ترى زيارة سامح شكري إلى لبنان كأول وزير عربي يتوجه بعد انتخاب الرئيس؟
يعتبر الدور المصري في لبنان فريدًا من نوعه، فمصر ومن خلال الدبلوماسية الناعمة التي تمارسها تعتبر من الدول القليلة جدًا التي يمكنها التعاطي مع جميع الفرقاء السياسيين في لبنان، باعتبارها تقف على مسافة واحدة من الجميع، فالدور المصري حاليًا يتمثل بتقريب وجهات النظر وتذليل العقبات التي تعيق التواصل، وهذا أمر هام جدًا في لبنان في الوقت الحالي إذا ما نظرنا إلى الاحتقان السياسي الحاصل حاليًا، كما أن عودة الدبلوماسية المصرية إلى الساحة اللبنانية من شأنها أن تخفف من عزلة لبنان والارتماء في الحضن الإيراني بالكامل، وهو أمر يسعى إليه فريق سياسي لبناني له وزنه السياسي والعسكري، خصوصًا بعد انحسار التاثير السياسي السعودي وفشل المملكة من خلال فشل تيار المستقبل الحفاظ على المكتسبات الماضية، وفقدانه لجزء كبير من قواعده الشعبية في مختلف المناطق اللبنانية، خصوصًا بوصول ميشال عون إلى سدة الرئاسة، وهو مرشح التيار المعادي للمملكة أي مرشح إيران وحزب الله.

هل أنت مُتفاءل بالحقبة اللبنانية الحديثة في عهد ميشال عون؟

يخطئ من يقول أن عهد الرئيس اللبناني الحالي هو عهد استقلال القرار، ويكذب من يروج أن الرئيس اللبناني "صنع في لبنان"، فالقرار الأساسي إتخذ في طهران، وأصر عليه تيار الثامن من آذار المدعوم من المحور الايراني الى درجة ابقاء الكرسي الرئاسي فارغا امدة ثلاث سنوات تقريبًا بسبب الاصرار عليه، فعون يمثل التبعية التامة والكاملة للمشروع الايراني في المنطقة وبالتالي فإن وجوده في موقعه الحالي يعزز ويرسخ التبعية إلى أبعد الحدود.


البعض تحدث عن هجوم شديد من قوى 8 أذار على رأسهم نبيه بري ضد ميشال عون لتحجيم دوره وقراراته التنفيذية خاصة المتعلقة بتشكيل الحكومة؟
رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خلاف تاريخي مع الرئيس المنتخب ميشال عون، وذلك يعود إلى تاريخ العلاقة بين الرجلين طوال السنوات الماضية حيث أعلنها بري مرات عديدة أن عون رجل لا يمكن الوثوق به، كما أن خلافات أخرى تتعلق بوزير الخارجية جبران باسيل المقرب من الرئيس ورئيس التيار الوطني الحر حاليًا لها علاقة مباشرة بهذه الخلافات، ويسعى بري إلى التذكير بالأمر الواقع ليس فقط لتحجيم عون؛ بل لإيصال رسائل مشتركة منه ومن حزب الله بأن بعض الخطوط  الحمراء ممنوع الاقتراب منها على الاطلاق ومنها بعض الوزارات السيادية وبعض تعيينات مراكز الفئة الاولى، بالإضافة طبعًا إلى طبيعة العلاقات الخارجية خصوصًا من الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

وكيف ترى العلاقة بين حزب الله وزعيم التيار الوطني الحر في الفترة الراهنة هل يشوبها الخلافات والتوتر؟
ما بين عون وحزب الله حاليًا هو نفسه ما بين عون والحزب قبل حل أزمة الرئاسة، وما نراه ليس إلا توزيعًا للأدوار ونوع من التلاعب السياسي للايحاء بأن نوع من الديمقراطية واستقلالية القرار تسود في هذه المرحلة، إلا أننا إن نظرنا إلى جوهر ما يجري؛ نرى وبوضوح أن التناغم والتنسيق الكامل هما سيدا الموقف بامتياز.

كيف يؤثر حزب الله على السياسة اللبنانية في الفترة الأخيرة ؟
لا يمكن التطرق إلى سيطرة حزب الله وايران على القرار في لبنان كل منهما على حدة، فحزب الله يمثل السياسة الإيرانية في لبنان والمنطقة، وهذا ليس بسر باعتبار تبعية الحزب إلى الحرس الثوري وقرارات ولي الفقيه وحده وبشكل مباشر، وبالتالي فإن الحزب بات حاليًا يسيطر على مفاصل القرار بالشكل الكامل من خلال سيطرته على الغالبية في المجلس النيابي من خلال تحالفاته الوثيقة مع العديد من التيارات الأخرى، كما أن سلاح حزب الله والمربعات الأمنية التي يسيطر عليها في بيروت والبقاع والجنوب تعطيه القوة الكبيرة لفرض اي معادلة على الارض، وربما يكون التعاطي الدبلوماسي اللبناني من خلال وزير الخارجية جبران باسيل خصوصًا فيما يتعلق بالقرارات العربية المتعلقة باعتبار حزب الله منظمة ارهابية أكبر دليل على الانحناء الكامل للمؤسسات اللبنانية في الوقت الحالي لإرادة ايران التوسعية، وطبعًا زاد هذا الوجود مع التقلبات التي تشهدها الساحة السورية ونجاح إيران من خلال حزب الله من دعم النظام الحالي مما أعطاه قوة إضافية عسكرية وسياسية.

إلى أي مدى تسبب تحالفات إيران مع حزب الله والحوثيون زعزعة للاستقرار في المنطقة؟
إيران ومن خلال أذرعها في المنطقة العربية ومحيطها تسعى لبث أفكار الحرس الثوري وارساء التبعية على مبدأ طاعة الولي الفقيه، وللأسف بات هذا الأمر واقعًا ليس فقط في اليمن ولبنان، بل في عدة مناطق أخرى، حيث نجحت إيران بالتسلل من الباب الخلفي وجندت آلاف المواطنين العرب ليكون ولائهم التام لإيران، بعد استغلال الشعور بالنقص والظلم الطائفي الذي نشرته هي من الأساس وساعدها بذلك انتشار الأفكار السلفية الجهادية الرافضة لأي طائفة أو تيار يعارض توجهاتها، وأعتقد أن المنطقة لن تشهد الاستقرار إلا بعد سيطرة إيران على ما تريده من المناطق أو إعادة تقسيم النفوذ السياسي بين الدول النافذة محليًا وعالميًا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة