قطع غيار بشرية للبيع

الخميس، 08 ديسمبر 2016 09:38 ص
قطع غيار بشرية للبيع
سعيد السني

التحية واجبة لـ "هيئة الرقابة الإدارية"، على نجاحها في إسقاط أكبر شبكة دولية لتجارة الأعضاء البشرية، تتخذ مصر مسرحًا لنشاطها، من خلال مجموعة مستشفيات خاصة، وأحد المعاهد االطبية الحكومية.

 الشبكة مكونة من 41 متهماً بينهم جنسيات عربية، و12 طبيباً و8 ممرضين، وأساتذة بكليات طب جامعية، وسماسرة، وقال بيان رسمي صادر عن "الهيئة"، إن الشبكة تستغل ظروف الفقر لبعض المصريين، بشراء أعضاء بشرية منهم مقابل مبالغ مالية زهيدة، والتربح منها، وأن جراحات نقل الأعضاء أسفرت عن وفاة "المتبرع" في العديد من الحالات، نتيجة عدم توافر الشروط الطبية بالمستشفيات المتورطة في الجريمة. 
هذه الشبكة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فهذه "التجارة القذرة" تلقى رواجاً عالمياً، إذ تشير التقديرات الدولية إلى أنها تحتل المركز الثالث عالمياً بين الأنشطة الإجرامية، ولا يسبقها سوى تجارتي السلاح والمخدرات، وربما تتقدم لاحقاً على المخدرات، كون "الأعضاء البشرية" تجارة تنمو بسرعة، وتحقق أرباحاً ضخمة، مُغرية لهذه الشبكات، رغم تجريمها دولياً، وعربياً ومصرياً، إذ وفضلاً عن التجريم الأممي لها، فإن الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة قد تنبهت لهذه القضية الخطيرة وطالبت الدول العربية بسن التشريعات اللازمة لتجريم عمليات "انتزاع الأعضاء الجسدية" لأغراض الاتجار فيها أو نقلها بالإكراه أو الحيلة أو التغرير ( مادة 12)، كما أن هناك تجريم عربي لاستخدام الشبكات المعلوماتية في الترويج لها، كما أن لدينا قانون لتنظيم زراعة الأعضاء (رقم 5 لسنة 2010) يبيح نقل الأعضاء من "متبرعين"، وزراعتها لأحد الأقارب حتى الدرجة الرابعة، كما يبيح نقل الأعضاء من المتوفين حديثاً، وهذا كله وفقاً لضوابط محددة وتحت رقابة وزارة الصحة ونقابة الأطباء، كما يحظر هذا القانون تماماً، التبرع بـ "مقابل مادي"، ويرتب عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات على مخالفته، وهذا بخلاف المادة 291 بقانون العقوبات التي توفر الحماية للأطفال من الاستغلال الجنسي وكافة انواع الاتجار بما فيها نزع الأعضاء، وقانون مكافحة الاتجار بالبشر (رقم 64 لسنة 2012).. على أن كل هذه القوانين والتشريعات الوطنية والعربية والدولية لم تمنع توحش هذه التجارة البشعة اللا إنسانية التي تجد في الفقر المنتشر بمصر، مناخاً ملائماً للرواج وجني أرباح خيالية تفوق العائد من تجارة المخدرات، بما يدفع معدومي الضمائر من الأطباء والسماسرة وأصحاب الاستثمار الطبي إلى المضي قدما في تجارتهم القذرة غير عابئين بالقوانين، سيما وأن وزارة الصحة والجهات المعنية مشغولين عن هذه العصابات، وعن القيام بدورهم الرقابي على المستشفيات سواء عامة أو خاصة، إلى درجة أن بعض المستشفيات المتورطة في هذه الشبكة التي تم ضبها الثلاثاء، هي بدون ترخيص أصلاً ، ومع ذلك تمارس نشاطها بهذه التجارة المحرمة في قطع الغيار البشرية.
لقد سبق للأجهزة الأمنية في سبتمبر 2014، ويناير ويونيو من العام الجاري، ضبط سماسرة لشراء وبيع الأعضاء من الشباب الفقراء بالمناطق الشعبية، لكن أيادي أجهزة الضبط اكتفت بالسماسرة، لكنها لم تمتد إلى الأطباء والمراكز الطبية المشاركة في الجريمة إلا نادراً باستثناء هذه الشبكة، وليس بعيداً ما حدث في إبريل الماضي، إذ تم العثور بأحد شواطئ الأسكندرية على جثث أسرة صومالية من تسعة أفراد، منزوع منهم أعضاء مثل الكبد والكلى والقلب، هؤلاء الصوماليون كانوا في طريقهم إلى أوربا (هجرة غير شرعية)، إلا أن مجهولين اختطفوهم، وقاموا بسرقة أعضائهم، بما يؤشر إلى استغلال المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، واستغلال ظروفهم في سرقة أعضائهم بالإكراه، أخذا في الاعتبار أن أعداد الأفارقة العابرين لمصر إلى أوربا سنوياً، في هجرتهم غير الشرعية تبلغ عشرة آلاف إفريقي وفقاً لتقديرات دولية، يسقط بعضهم ضحية هذه العصابات، وهو ما أشارت إليه دراسة منشورة في أغسطس الماضي، ب "المجلة البريطانية لعلم الإجرام"، لباحث يدعى "كولمب"، كشف فيها أن الكلية تباع بمبالغ تصل إلى 105 ألف دولار، بينما يتم شرائها بنحو أربعة آلاف دولار فقط
وبينت هذه الدراسة معلومات كثيرة عن هذه السوق القذرة بمصر.
إن سقوط هذه الشبكة الكبيرة، لايعني القضاء على هذه التجارة التي توحشت، في ظل غياب وزارة الصحة، وإهمالها، أو تواطؤ المسؤلين المعنيين بها.. فغالبا هذه الشبكة ليست إلا واحدة من عصابات كثيرة تعمل في سوق واسع لهذا النشاط الإجرامي، بما يستلزم صحوة كبرى من الأجهزة المعنية للوقوف بالمرصاد لهذه العصابات، التي تستغل فقر شبابنا والمهاجرين الأفارقة وأطفال الشوارع، تطهيراً للبلاد من ها العار، عار بيع وشراء قطع الغيار الآدمية.
نسأل الله السلامة لمصر.
[email protected]

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة