السفير هاني خلاف: هذه أسباب توتر العلاقات المصرية السعودية (حوار)

الإثنين، 26 ديسمبر 2016 03:58 م
 السفير هاني خلاف: هذه أسباب توتر العلاقات المصرية السعودية (حوار)
السفير هاني خلاف
هبة شورى

الكثير من الملفات الشائكة على صعيد العلاقات المصرية السعودية، كانت محط قلق وانزعاج البعض، فيما لعب البعض الآخر دور نازعي فتيل الأزمة التي بدت تتكشف للسطح.. السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية، قدم لبوابة «صوت الأمة» فهم عميق لحالة الجفاء بين مصر والسعودية وكيفية التغلب عليها، واصفًا العلاقات بين مصر والسعودية بأنها تمر ببعض الجفاء لم ترقى لمستوى الأزمة، على خلفية مواقف متراكمة بدأت من رفض مصر المشاركة بريًا في الحرب الدائرة في اليمن، وانتهاءًا بتصويت مصر لصالح القرار الروسي الخاص بالأزمة السورية.. وإلى نص الحوار: -


 كيف تقيم الكبوة التي تمر بها العلاقات المصرية السعودية مؤخرًا؟ 
اتفق مع هذا الوصف، بالفعل العلاقات تمر بكبوة لم ترقى لمستوى الأزمة، مصر والسعودية طوال تاريخهما هما الدولتان العربيتان الحاضنتان للعروبة والإسلام وكلاهما ينطلق من دعم الآخر، ويُدرك أهمية التنسيق والتعاون فيما بينهما، ولطالما كانت مصر داعمة للمملكة في الكثير من الأزمات، وكذلك المملكة لا تتردد في دعم مصر في أي من المواقف، ولكن الحادث الآن هو حالة جفاء ولا يصح أن نصفه بالأزمة.
هناك عتاب سعودي على مصر في مواقف أخيرة، اتخذتها مصر من واقع قراءتها للأحداث لم تكن بالتنسيق مع الشقيقة السعودية، وللأسف هناك غياب للتشاور العربي المُسبق بين المجموعة العربية حول عملية اتخاذ القرار بشأن مشروع القرار الروسي الفرنسي الخاص بالأزمة السورية، والسعودية اعتبرت تأييد مصر للقرار الروسي الذي يُعطي الأولوية لوقف الأثر الداعشي وبتر الجماعات التكفيرية بصرف النظر عن وجود بشار الأسد، بينما كانت ترى السعودية أن أي مُعالجة للأزمة السورية بعيدًا عن الإطاحة بـ «بشار» غير مقبولة.

 - هل تُلقي بالمسؤلية في ذلك على هشاشة دور الجامعة العربية؟
 هذا أحد الأسباب، لكن لم يكُن التصويت على القرار الروسي هو كل الأزمة، كانت هناك مواقف سابقة لم تشأ المملكة أن تُدير نقاشًا مطولًا مع مصر بشأنها وتركتها تُزيد الجفاء، أهمها عدم ارتياح المملكة لمدى المشاركة المصرية في التحالف الإسلامي لإعادة الشرعية في اليمن، فهم اعتبروا اكتفاء مصر بإرسال بوارج عسكرية مصرية لحماية مداخل مضيق «باب المندب» وعدم إرسالها قوات برية للتعامل مع الأرض اليمنية كما فعل «عبد الناصر» هو نوع من التقصير المصري في حق السعودية، وظلت تلك المسائل عالقة في اُفق العلاقات المصرية السعودية لم يتم مناقشتها ولم تحاول المملكة مواجهة مصر بذلك.

- هل ما يدور حول جزيرتي «تيران وصنافير» هو أحد أسباب الأزمة؟
بكل تأكيد، السعودية اعتبرت أن جزيرتي «تيران وصنافير»، أرض سعودية مُنحت لمصر في مراحل مُبكرة في بداية الخمسينيات، لخلق حامية مصرية تواجه أي تحرك إسرائيلي مُضاد، ولم تكن السعودية في ذلك الوقت تمتلك أي قدرات عسكرية بحرية تُمكنها من الحماية، ومصر اعتبرت أن الموافقة المصرية على إيجاد هذه الحامية على الجزيرتين بمثابة مظهر استدام وجوده طيلة عقود، واعتبرت الشخصيات أن هذه الديمومة المستقرة للوجود العسكري المصري تُشكل ملكية أو سند للحيازة أو السيادة. لكن، مصر في النهاية «الرئيس والنظام الحاكم» وقَع للسعوديين ما يسمى بوثيقة استرجاعها للمملكة، الذي رأى القضاء المصري إرجاء البت في ملكية الجزيرتين لحين استيفاء كافة الوثائق والتأكد التام من حقيقة تبعية الجزيرتين، وتم إلغاء الوثيقة، وهو ما اعتبره السعوديون تراجعًا في موقف مصر، ومن هنا نشأت حالة الجفاء في العلاقات لم يتم المُصارحة بها رسميًا من قبل الطرف السعودي ولكنه ظل يتردد على خجل في الأروقة العربية. 

- كيف تشكل موقف مجلس التعاون الخليجي في بيانه الأخير ضد مصر؟
بيان مجلس التعاون الخليجي كان أحد الرسائل التي أرادت من خلاله السعودية القول إنها عاتبة على مصر، فجميعنا يعلم أن التعاون الخليجي هو كيان إقليمي تُديره المملكة لتحقيق مصلحة دول الخليج، والبيان ندد بجريمة تفجير الكنيسة البطرسية، ورفض الزج باسم دولة قطر في الجريمة، ولوَح بأن هذا التصرف قد يضر بالعلاقات العربية المصرية، وفي تقديري كان ذلك لهجة شديدة لم تعتدها طبيعة العلاقة بين البلدين. وأنا اعتبر أن رد الخارجية المصرية على هذا البيان جاء دون المطلوب، فالإكتفاء بمجرد التأكيد على عمق وصفاء العلاقات المتينة بين القاهرة والمجلس دون اتخاذ إجراءات حقيقية لاحتواء التوتر ليس كافيًا. 

- ما رأيك في تَلويح المملكة بالذهاب إلى أثيوبيا وإرسال موفدها وكأنها تؤسس لحالة عداء؟
 من الخطأ هذا التوصيف، العلاقات المصرية السعودية مُحصنة تمامًا من الوصول لمستوى العداء، ووجهة نظري أن يقترح الدبلوماسيين في كلا البلدين إجراء جلسة مكونة من بعض المُختارين من خبراء العلاقات الثنائية والدولية قادرين على اتخاذ القرار دون تحسب لفكرة نسبه إلى السلطة السياسية، يكون منهم خبراء جغرافيين وتاريخيين تكون لديهم قدرة على قراءة واستشراف المستقبل في ثلاث قضايا هامة، أولها مدى انعكاس الإدارة الأمريكية الجديدة على مصالح البلدين. وثانيًا صياغة رؤية عربية حول قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا» الذي سينعكس على كثير من البلدان العربية. وثالثًا دراسة موقف «ترامب» من الاتفاق النووي الإيراني، وهل سيكون مريح للأشقاء في الخليج أو ضدهم، من المهم التوحد في هذه اللحظة وابداء التفهم لمخاوف المملكة ودول الخليج من الإدارة الأمريكية الجديدة، التي تُعطي إشارات متُناقضة ومُتخبطة لاتطمئن الأشقاء العرب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة