غضب تونسي من تبني «الغنوشي» لقانون «عودة الدواعش» (تقرير)

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016 02:13 ص
غضب تونسي من تبني «الغنوشي» لقانون «عودة الدواعش» (تقرير)
محمود علي

تشهد تونس مظاهرات عدة في الفترة الأخيرة رفضًا لقانون «التوبة» الذي يعرف بـ«عودة الدواعش» التونسيون الذين انخرطوا في القتال بالخارج، وهو قانون أثير حوله الكثير من الجدل والتباين في ردود الفعل الداخلية، لاسيما وأن من اقترحه وتبناه هو رئيس حركة النهضة التونسية الإسلامية راشد الغنوشي، المعروف بانتمائه لجماعة الإخوان المصنفة إرهابيًا في عدد من الدول العربية.

دعوة "الغنوشي" لإصدار قانون التوبة، والتي تسمح بعودة التونسيين المتشددين من بؤر التوتر في سوريا والعراق ليست مسألة جديدة فقد سبق وأن طرحت في العام 2014 بما يسمّى بـ"قانون الرحمة" من طرف الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، ولكن هذه المرة واجهت غضبًا شعبيًا واسعًا كونها لاقت ترحيبًا من الرئيس التونسي الليبرالي الباجي قائد السبسي، لتتوسع المظاهرات بشكل ملحوظ حيث تجمع المحتجون أكثر من مرة أمام البرلمان رافعين شعارات تعكس قلق الرأي العام مما قد يفعله العائدون بمجتمعهم وما يشكلونه من خطر، وهي شعارات من قبيل "كلنا معنيون .. كلنا مهددون" و"لا عودة لبائعي الوطن بالمال". 

وعلى الرغم من عدم إصدار الأحزاب البرلمانية أي تصريحات تؤيد دعوة الغنوشي التي من شأنها أن تفتح الباب لإبداء ليونة مع الإرهابيين الدواعش الذين يبدون رغبة في العودة لتونس بعد التضييق عليهم في سوريا والعراق، إلا أن هناك قلق يعم الكثير من قطاعات داخل المجتمع التونسي، أبرزها مؤسسات المجتمع المدني التي يتقدمها الاتحاد العام للشغل الحائز على نوبل، لاسيما وأن التونسيون يعدون من أعلى معدلات السفر للقتال مع التنظيمات الإرهابية، وتشير بعض الإحصائيات أن عددهم يتراوح بين 5 آلاف إلى 10 آلاف.

ويأتي الغضب التونسي المشتعل في الأوساط المحلية من دعوة رئيس حركة النهضة الإسلامية، بالتزامن مع تصريحات رسمية لوزير الداخلية التونسي هادي مجدوب، يؤكد فيها أن 800 مسلح تونسي عادوا من ساحات القتال في عدد من بؤر التوتر منذ فترة، معترفا بضعف منظومة الاستخبارات في البلاد، كما أقر الوزير التونسي بوجود عدد من المسلحين العائدين إلى البلاد، لا تتوفر بشأنهم معطيات كافية، لكنه أكد أن أجهزة الأمن التونسية تعمل بكل جهدها لتوفير كافة المعلومات بشأنهم ومراقبتهم.

تصريحات وزير الداخلية التونسي جاءت كالصاعقة على المناهضون التونسيون لعودة الدواعش، لاسيما وأنهم استدلوا بهجومي نيس في يوليو الماضي وبرلين الأخير الذي راح ضحيته العشرات من المواطنين الألمانيين، وكانت جنسية المنفذين تونسية وهو أمر يشير إلى مولد جيل إرهابي جديد من التونسيين جرى تجنيدهم في أوروبا ويستهدفون أوروبا من داخلها، ولاشك أن عودتهم إلى البلاد لم تريح المجتمع التونسي خاصة بعد تأكيدات من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للرئيس الباجي قائد السبسى في اتصال هاتفي الأسراع بأن "عودة الإرهابيين التونسيين إلى بلادهم أمر مفروض وليس رغبة".

من جانبه حذر المحلل السياسي التونسي فريد العليبي من "قانون التوبة" الذي سيعيد المنتمين للتنظيمات الإرهابية إلى تونس مؤكد أن هذا الأمر يشكل خطرًا على المجتمع موضحا أنهم سيعودون بخطاب تكفيري ممزوج بتجربة قتالية، مضيفًا أن سلوك هؤلاء سيكون مبني على فكر تكفيري لقاعدة أوسع من المجمتع والاعتقاد بأن عودة الناس إلى الصراط المستقيم لن يتأتى إلا من خلال قتالهم والشدة والغلظة في التعامل معهم.

وأكد أن المشكلة تأتي عندما هيمن اليمين الديني "في إشارة إلى الإخوان المسلمين في تونس" على السلطة بعد ثورات الربيع الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه لإرسال الشباب التونسي إلى سوريا بشكل خاص للقتال إلى جانب الجماعات التكفيرية، وكان قادة سياسيون وشيوخ يوجهون الدعوات لهذا الغرض لإضفاء المشروعية الأخلاقية عليهم.

تصريحات المحللين التونسيين نحو إعادة الإرهابيين إلى البلاد وإدماجهم في المجتمع ووضع قيود عليهم يوضح سبب الغضب الشعبي، فيرى المتوجسون من إقرار قانون التوبة أن بعد ما دعا الإسلاميون على شاكلة الغنوشي وحلفائه في السلطة بخروج الشباب للجهاد في سوريا ومحاربة النظام السوري، يأتون في الوقت الراهن ليضغطوا لإدماجهم في المجتمع وهو ما قد يهدد الوضع الأمني التونسي في الفترة المقبلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق