«الجنرال» و«مفتي الشباب».. حكاية 14 عاما بدار الإفتاء (تقرير)

الإثنين، 09 يناير 2017 12:40 م
«الجنرال» و«مفتي الشباب».. حكاية 14 عاما بدار الإفتاء (تقرير)
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق
حسن الخطيب

شهدت دار الإفتاء في الألفية الجديدة، تولي اثنين من كبار علماء الأزهر والدين، أولهما الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، والذي عينه الرئيس الأسبق حسني مبارك في 28 من سبتمبر 2003، واستمر حتى عام 2013، ليتولى «الفتوى» من بعده الدكتور شوقي علام المفتي الحالي، في 11 فبراير 2013، بعد انتخابه من بين أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر، والتي تشكلت تبعا للقانون الجديد لتنظيم الأزهر، ليكون أول مفتي منتخب، وقبل أن تنتهي ولايته في 11 فبراير المقبل، جددت له الهيئة فترة ثانية.

وفي مقارنة بين الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية الحالي، تجريها بوابة «صوت الأمة» للتعرف على خط سير الفتوى في مصر، وكيف أصبح موقعها من قضية التجديد باعتبارها عاملًا مهمًا من عوامل تجديد الخطاب والفكر الديني، وما أبرز فتاويهم المثيرة للجدل.

علي جمعة «جنرال الفتوى»
عين الدكتور علي جمعة مفتي للجمهورية خلفا للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي، لتبدأ دار الإفتاء عهد جديد، شهدت خلاله استقلال مالي وإداري عن وزارة العدل المصرية، بعد أن كانت تابعة لها، كما شهدت الدار بعد الاستقلال توسعًا هائلًا في إنشاء إدارات متخصصة، أبرزها إدارة الأبحاث الشرعية، والتي أنشئت في عام 2005م، وإدارة التدريب لكوادر الإفتاء الجديدة من شيوخ الدار ولجان الفتوى بالأزهر، بالإضافة لتدريب مفتين من مختلف دول العالم وأنشئت الإدارة في العام 2006، بالإضافة لإدارة المركز الإعلامي والتي أنشئت في العام 2008، بهدف بمتابعة وسائل الإعلام، وإدارة الفتاوى الإلكترونية التي أنشئت في العام 2007 لتلقي أسئلة البريد الإلكتروني والرد عليها.

كما خصص الدكتور علي جمعة إدارة متخصصة معنية بفتاوى المواريث في العام 2008، وتم دمجها فيما بعد في إدارة الحساب الشرعي بداية من عام2012، كما أسس إدارة للمراجعة والتدقيق اللغوي بهدف المحافظة على تراث الفتاوى، ودعم كل ما يصدر عن الدار من الناحية اللغوية، كما أنشأ مركزًا لإعداد المفتين، وافتتحت الدار فرعًا لها بمحافظة أسيوط، والإسكندرية في العام 2012.

من أكثر الفتاوى التي صدرت من «الجنرال» وأثارت جدلًا بين المجتمعات فتاويه عن «النقاب»، والذي قال فيها بأن النقاب عادة وليس عبادة، وأن الأئمة الأربعة لم يقولوا بفرضيته، كما جاءت فتوى «فوائد البنوك» لتتصدر قائمة الأكثر جدلًا، وأقر فيها بجواز أخذ الفائدة على الأموال المودعة لدى البنوك، مستدلًا بتغير الواقع النقدي، وغطاء العملات لم يصبح كالسابق بالذهب والفضة، وأنه مع فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، التي تجيز تحديد قيمة الأرباح مقدما على الأموال المستثمرة في البنوك.

ضد التوريث
الفتاوى السياسية كانت لها مع نصيب كبير «الجنرال» فأفتى في مطلع 2009 بحرمة توريث الحكم في مصر، مبينا في فتواه بأن حكم مصر لابد أن يكون بالانتخابات، وأن الالتزام بالدستور ونظام الدولة المتفق عليه بين أفراد الشعب هو أمر واجب شرعًا، كما أفتى بأن المظاهرات التي خرج فيها الشعب المصري في 25 يناير 2011 مشروعة.

استخدام أسلحة الدمار الشامل في حالة واحدة
كما حرم «استخدام أسلحة الدمار الشامل»، قائلا إنه لا يجوز استخدام أسلحة الدمار الشامل إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس وبقرارات تصدرها الدول التي تتعرض للعدوان، أما استخدام بعض الأفراد والجماعات أو الفرق لأسلحة الدمار الشامل ضد الدول والأفراد أمر غير جائز شرعًا.

وتصدى «جمعة» للرد على فتاوى جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين أيضا، وعرف «الجنرال» بعدائه لتيارات الإسلام السياسي، انتقد فتوى السلفيين عن «هدم الأضرحة»، مؤكدا حرمانية فتواهم؛ لما فيها من اعتداء سافر على حرمة الأموات، وسوء الأدب مع أولياء الله الصالحين، كما أفتى بجواز الصلاة في المساجد المشتملة على الأضرحة.

وحرم الانضمام لفرقة البهائية، مشيرًا إلى أنه مزيج من ديانات وعقائد فلسفية وباطنية مختلفة ينقض بعضها بعضًا، لا علاقة لها بالإسلام، وأنها خلطت كل الفلسفات السابقة بزعم أنه وحي سماوي.

وأفتى بجواز واستحباب أداء تحية العلم والوقوف للسلام الوطني.

فرض الضرائب على الخمر حلال
ومن فتاوى جمعة المثيرة للجدل فتوى إباحة فرض الضرائب على المحرمات، وشراء بضائع الجمارك المهربة، وجواز شراكة غير المسلم، وحرمة عمليات تغيير الجنس، أما أكثر الفتاوى إثارة فتواه التي قال فيها بأن قول الزوج لامرأته «أنت طالئ» بدون التصريح بلفظ الطلاق كما هو جار على لسان أهل مصر: يخرج اللفظ مِن الصراحة إلى الكناية التي تحتاج إلى نية فهذا لا يقع، وأن تلك الفتوى مراعاة لأحوال الناس والزمان.

شوقي علام «مفتي الشباب»
شهدت دار الإفتاء خلال فترة تولي علام توسعًا في عدد من الإدارات بها فأسس إدارة متخصصة للحساب الشرعي، بعد دمج إدارة فتاوى المواريث إليها، وتضم الإدارة مجموعة علماء متخصصين في العلوم الشرعية والاقتصادية، وتختص بكل الفتاوى والأمور الشرعية التي تتعلق بالمعاملات المالية؛ كالزكاة والوقف والحكر وتقسيم المواريث، والوصايا والديات والنفقة والقسمة والفلك، وجميع العقود المالية الموروثة، والحديثة وغير ذلك من الفروع والمسائل، كما أسس إدارة الأبحاث الشرعية، تختص بالأبحاث الفقهية والشرعية ومسائل الخلافات الفقهية، تضم شعبة للرد على الشبهات، وشعبة الأبحاث الشرعية، وشعبة القضايا الإسلامية، وشعبة الفكر الإسلامي.

وفي مجال التوثيق أسس علام إدارة خاصة بالتوثيق الإعلامي والإصدارات، وقسمها إلى شعب منها شعبة المكتبة، وشعبة التوثيق والأرشيف الإعلامي، وشعبة إصدارات دار الإفتاء، وشعبة الموقع الإلكتروني، وإدارة الترجمة، كما أسس إدارة متخصصة لنقد ودحض الفتاوى المتطرفة وتصحيح صورة الإسلام تحت مسمى «مرصد الإسلاموفوبيا».

كما شهدت الدار في عهده اعتماد البرلمان الأوروبي لها كمرجعية للفتاوي، كما حازت الدار عضوية مبادرة «أكاديمك إمباكت» بالأمم المتحدة، وحصلت الدار على جائزة ميديا تينور في مجال الإعلام والتواصل، وكان لها إسهامات في تأهيل عدد من المفتين من مختلف دول العالم.

وكان للدكتور شوقي علام خلال فترة ولايته الأولى لدار الإفتاء، فتاوى أثارت جدلًا في الأوساط الإسلامية، وكان من أبرزها فتوى «الحجاب»، والذي قال فيها إن حجاب المرأة المسلمة فرض على كل من بلغت سن التكليف، وهذا الحكم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وقوبلت الفتوى بالاستنكار الشديد في بعض الأوساط، خاصة أنها أوجبت على الطالبات والفتيات البالغات سن الرشد ارتداء الحجاب.

وأفتى علام بجواز سفر المرأة إلى لخارج بدون محرم، وذلك بشرط موافقة ولي الأمر، ما أثار الجدل بسبب حديث النبي بأنه لا يجوز سفر المرأة بدون محرم، وأفتى بارتداء بجواز ارتداء الرجل للذهب، حيث قال «يجوز ارتداء خاتم من فضة به فص من ذهب».

وفي السياسة، أثارت فتواه بخصوص قتلى المظاهرات الجدل، والتي قال فيها: «من ذهب للتظاهر أو الاعتصام المشروعين ووفقا لقانون التظاهر، ثم وقعت حوادث أدت لمقتله، فيجوز وصفه بالشهادة دعاء أو احتسابًا، ما لم يكن معتديًا أو كان سبب هلاكه معصية، كمخالفة القانون، أو الخروج للدعوة إلى فتنة، أو العمل على إذكاء نارها، أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة، ونحو ذلك، فمن كان كذلك فليس بشهيد، ولا يجوز إطلاق هذا الوصف الشريف عليه».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق