القائمة الكاملة لأقباط شمال سيناء الذين اغتالتهم يد الإرهاب

الجمعة، 24 فبراير 2017 08:39 م
القائمة الكاملة لأقباط شمال سيناء الذين اغتالتهم يد الإرهاب
داعش - أرشيفية
مـحمـد الحـر

«ما تقتلوش حرام عليك مليش غيره»، عبارة أطلقتها زوجة بائع الأحذية القبطي جمال توفيق، 55 سنة، في وجه مسلح ملثم وهو يرفع سلاحه بوجه زوجها، إلا أن الرصاص التي سكنت رأسه كانت أسرع وغطى صوتها على صوت الزوجة العجوز.

قتل «جمال» بائع الأحذية، الذي زار العريش منذ سنوات طويلة فأحبها وارتبط قلبه بها، وأقام وتزوج بها وأنجب أبناءه وعاش معهم في مدينة العريش بشمال سيناء، إلى أن كانت نهايته برصاصتين أطلقهما إرهابي ملثم، على رأسه وصدره، لم يرحم صرخات وتوسلات زوجته التي أخرستها موجات الدم وهي تتقاذف من زوجها.

لم يكن «جمال» أول قبطي تغتاله يد الإرهاب في شمال سيناء، لكنه المواطن الثالث الذي لقي حتفه خلال أسبوعين فقط برصاص الإرهاب الأسود الذي يطارد الأقباط بمحال عملهم، وبالشوارع أيضا بدافع إرغامهم على الهجرة والرحيل من شمال سيناء.

قبل أيام قتل طبيب بيطري يدعى «بهجت زاخر»، بحي العبور جنوب المدينة، وسبقها بأسبوعين مقتل المواطن «وائل ميلاد» داخل محل بقاله يمتنلكه بمنطقة وسط العريش.

وبحسب تقديرات الكنيسة الأرثوذكسية، يقيم في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء وخاصة حوالي 400 أسرة قبطية، كانت حوالي 26 أسرة من بينهم موزعه في مدين رفح، والشيخ زويد، والحسنة، ونخل، بوسط سيناء.

وفي عام 2011 تم حرق وتخريب كنيسة العائلة المقدسة والقديس مار جرجس في رفح بشمال سيناء، ولعدة أيام متتالية، وتعرضت الكنيسة لاعتداءات مسلحة، وعمليات نهب وسرقة وحرق وطمس للرموز الدينية.

ودخلت كنيسة رفح عامها الخامس من الإغلاق بعد حرقها وتدميرها، أما كنائس العريش الثلاث فلا تقيم سوى قداس واحد صباح يوم الجمعة، يتم اختصاره والتبكير بموعد انتهائه والانصراف منه خشية حدوث أي احتكاك مع المتوجهين لصلاة الجمعة.

وخلال عام 2012 تم إطلاق النار على مواطن قبطي يدعى ممدوح نصيف وشهرته «أبو جورج» وتم تدمير محل البقاله الخاص به بمنطقة صلاح الدين بمدينة رفح.

وخلال نفس العام، وزعت عناصر تابعة لتنظيم «بيت المقدس – الموالي لداعش» منشورات تطالب الأقباط بالرحيل من جميع أنحاء شمال سيناء، وأمهلتهم 48 ساعة فقط للرحيل، وهددت من سيبقون بعد هذه المهلة بالتصفية واستهدافهم داخل بيوتهم ومحلاتهم.

تلا هذه الواقعة إطلاق النيران بكثافة على منازل تعود لمواطنين أقباط برفح، وسادت حالة من الذعر بين العائلات المسيحية، ما اضطر كافة الأسر القبطية برفح وعددها 11أسرة لنقل أمتعتها ومغادرة رفح إلى العريش، خشية استهداف أسرهم وأبناءهم، وبعض الأسر أقامت بالمجمع الكنسي الملحق بكنيسة مار جرجس بحي المساعيد بالعريش، وبعضهم استأجر شقق بأنحاء المدينة.

ودفعت هذه الوقائع 4 أسر قبطية كانت تقيم بمدينة الشيخ زويد بالرحيل إلى مدينة العريش، فيما غادرت قرابة 40 أسرة شمال سيناء تماما بعد انتشار حوادث استهداف وقتل الأقباط.

من جانبه اجتمع اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء، واللواء أحمد بكر مدير أمن شمال سيناء السابق، خلال عام 3012، مع الأنبا قزمان أسقف عام شمال سيناء، والأسر القبطية بالعريش بمقر المجمع الكنسي بحي المساعيد بالعريش، وتم احتواء الأمر ومنع وسائل الصحافة والإعلام من مقابلة الأقباط أو تناول الأزمة التي يمرون بها.

ووعد المحافظ ومدير الأمن الأسر القبطية بتوفير الأمن والحماية اللازمة لهم، واخبروهم بأن الأسر التي تريد العودة لرفح والشيخ زويد لن ينالها أي سوء لأنها ستكون مؤمنة من قوات الجيش والشرطة، إلا أن الجميع آثروا السلامة واستقروا بمدينة العريش بعيدًا عن مناطق الحدود.

ورد اللواء سامح عيسى سكرتير عام محافظ شمال سيناء آنذاك على المستغيثين بالمحافظ من أقباط رفح بعد تعرضهم لهجمات متتالية من «داعش»، في سبتمبر 2012 بمطالبتهم بمغادرة رفح، قائلًا: إن كل ما يستطيع عمله هو إصدار قرارات ندب للموظفين الأقباط للعمل بالعريش بدلا من رفح.

ولم يتوقف مسلسل استهداف الأقباط، وأقدمت عناصر تابعة لتنظيم «أنصار بيت المقدس – الموالي لداعش» خلال شهر فبراير من عام 2013، بذبح التاجر مجدي لمعي، وقتل القس مينا عبود شاروبين، 39 سنة، كاهن كنيسة مارمينا، بحي المساعيد غرب مدينة العريش، وقتل المواطن القبطي هاني سمير، وقد وجد مع جثمانه رسالة تهديد لبقية الأقباط في شمال سيناء، بهدف رحيلهم عن المحافظة.

وفي الوقت الذي نزحت فيه بعض الأسر القبطية من رفح إلى العريش، فإن أقباط العريش يتطلعون إلى الرحيل من سيناء والهجرة العكسية إلى وادي النيل، كما حدث مع عدد كبير من المواطنين الأقباط.

وتواصل استهداف المواطنين الأقباط، وتم قتل المواطن وليام ميشيل «أبو هاني» صاحب محل سن السكاكين، أمام المحل الخاص به بمنطقة ضاحية السلام بمدينة العريش، في شمال سيناء.

وفي عام 2013، تغيرت منهجية الجماعات التكفيرية، تغيرًا جذريًا، فأصبح اختطاف الأقباط لطب الفدية لتمويل العمليات الإرهابية، وتم اختطاف المواطن القبطي مجدي لمعي، تاجر أدوات صحية، مقيم بالشيخ زويد، وذبحه وفصل رأسه عن جسده، وإلقائه على الطريق تاركين معه نفس الرسالة التي تهدد أقباط العريش بترك المدينة.

ثم تم اختطاف الشاب هاني سمير، الذي كان يقيم بحي المساعيد، وقتلوه بعد رفض ذويه دفع الفدية، وتوالى استهداف الأقباط بخطف التاجر مينا متري، صاحب محل أدوات صحية بشارع أسيوط، وأطلق سراحه بعد دفع فدية مالية.

بعد فتره قليلة تم اختطاف المواطن القبطي شنودة رياض، صاحب مزرعة على طريق مطار العريش، وتم إعادته محملًا برسالة تهديد أخرى لأقباط العريش بعد دفع الفدية التي زادت قيمتها عن نصف مليون جنية.

وتوالت خلال 2014، حوادث خطف الأقباط بالدكتور وديع رمسيس، صاحب مستشفى رمسيس الخاصة، وتم استهدافه أمام المستشفى بعدما أطلق على سيارته الرصاص، وأصابته في ذراعه، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم، وطلب التكفيريين فدية تقدر قيمتها بنحو 10 مليون جنية، تم دفع مليون ونصف المليون منها، وتم تحريره بعد أكثر من ثلاثة أشهر في 15 سبتمبر 2014.

وبعد إطلاق سراح وديع رمسيس بيوم واحد فقط، تم اختطاف تاجر أسمنت يدعى جمال شنودة، في وضح النهار من أمام المحل الخاص به، وتم إعادته بعد دفع الفدية التي تقدر بنحو ربع مليون جنية، ثم اختطف مهندسًا قبطيًا يعمل بمصنع الاأسمنت بوسط سيناء، ولا توجد أي معلومات عنة حتى الآن.

ومن أشد الحوادث الأكثر ترويعًا لكافة الأقباط المقيمين بمدينة العريش، واقعة مقتل المواطن نبيل محروس، موظف مدني بمرور شمال سيناء، بعد تفجيرات العريش التى استهدفت الكتيبة «101»، ومديرية أمن شمال سيناء في يناير 2015، حيث تمت تصفيته داخل منزله، وفي غرفة نومه أمام أولاده وزوجته، بعد تثبيتهم بالأسلحة الآلية، وتوجيهها على رؤوسهم، واستغل الإرهابيين انشغال الشرطة والجيش بالتفجيرات وقاموا بقتله.

وبعد شهر من هذا الحادث، وفي الساعة الثانية من صباح يوم 12فبراير2015، اقتحم 15 مسلحًا منزل المواطن عبد الشهيد توفيق، والكائن بحي السمران بالعريش، لقتله هو وأولاده على هويتهم الدينية، حيث أنه رجل فقير جدًا لا يملك من المال إلا الذي يكفى لمعيشته هو وأسرته، ولكن العناية الإلهية لمغادرتهم العريش، وانتقامًا منهم قام المسلحين بإشعال النيران بالمنزل.

وفي 30 يونيو 2016، أطلق مسلحين النار على القس رافائيل موسى، كاهن كنيسة الشهيد مار جرجس بالعريش، ما أسفر عن مقتله متأثرًا بإصابته بعدة طلقات نارية بالرأس والصدر، وتبنى مقتله تنظيم «أنصار بيت المقدس» الموالي لداعش.

المواطن سيدهم ميخائيل قال: سيناء التي كانت تمثل لنا الجنة على مدى 30 عاما من الإقامة على أرضها في محبة وسلام، أصبحت تمثل لنا الجحيم، وأصبح الموت يتسلل للأقباط في بيوتهم وبالشوارع وداخل محلاتهم، ولذلك فلم تعد لنا حياة في سيناء، ولن ننتظر حتى نرى أبناءنا وأسرنا وقد وقعوا مضرجين في دماءهم.

مريم بولس مواطنة تقيم بمدينة العريش، قالت: إن الجميع هنا بمدينة العريش ينتظر استهدافه في أي لحظه بعدما أشار البعض إلى إنهم يرصدون كافة المسيحيين الموجودين على أرض شمال سيناء بالاسم، وسط حالة من الخوف والذعر، حيث يردد الجميع «الدور الجاي على مين»؟.

و أعرب عدد من مشايخ القبائل بشمال سيناء، عن استنكارهم لما يحدث في العريش في حق الأسر القبطية، وقال الشيخ عبد الحميد الأخرسي: إن استهداف الأقباط وقتلهم بسيناء بعيد كل البعد عن التسامح الديني، ولا ينتمي إلى دين من الديانات السماوية.

ووصف الشيخ حميد منصور أحد زعماء القبائل، ما حدث من تهديدات وإطلاق نار على المواطنين الأقباط بشمال سيناء بأنه نوع من البلطجة، ولا علاقة له بالفتن الطائفية، أو الصراع الديني.

بدوره قال الأب جبريال إبراهيم راعي مطرانيه السيدة العذراء والملاك ميخائيل بمدينة العريش، إنَّ الأقباط الثلاثة الذين قتلوا قبل أيام، على يد الجماعات المسلحة في العريش خلال الأسبوعين الماضيين، تلقوا تهديدات بالقتل من المسلحين، إلا إنهم لم يأخذوها على محمل الجد، رافضين مغادرة سيناء لحفنة من الإرهابيين، حتى نفذوا تهديداتهم وقتلوهم.

وأشار الأب إبراهيم، إلى أن الإرهابيين أفلسوا بعد توجيه الضربات النوعية لهم من قبل قوات إنفاذ القانون، ويريدون إحراج قوات الأمن والإيحاء بأنها غير قادرة على السيطرة الأمنية داخل مدينة العريش، وهذا أمر مفروغ منه.

وقال الأب إبراهيم: لن نسمح بتدويل قضايا الأقباط، أو محاول زرع الفتنة بين الأقباط، وقوات الأمن التي تبذل أقصى جهد لحماية أرواح كافة المواطنين في شمال سيناء وليس الأقباط وحدهم.

واستنكر أبانوب جرجس، محام ومنسق ائتلاف أقباط شمال سيناء، ما يحدث مع بعض المسيحيين المقيمين بحي ضاحية السلام وحى المساعيد من مراقبة لمنازلهم، ومتابعه تحركاتهم وخطواتهم، ومراقبة أماكن عملهم، بل والسؤال على أماكن سكنهم وتواجدهم من قبل المسلحين، ذلك لاستهدافهم وهذا ما نهابه جميعًا في الفترة القادمة.

وأوضح جرجس، أن محاولة الجماعات التكفيرية لإجبار الأقباط على الرحيل من سيناء، تهدف إلى إحراج الدولة في المقام الأول بعدم مقدرتها على حماية الأقباط بالعريش، خاصة مع تزايد حالات بالخطف والقتل للمواطنين الأقباط، واستهدافهم وحرق منازلهم وحرق الكنائس والاعتداء على الأبرياء.

وبدوره قال الأنبا قزمان أسقف عام شمال سيناء: أن أحدًا لم يجبر الأسر القبطية على مغادرة مدينة العريش، وأن الحوادث التي وقعت مؤخرًا، وطالت مواطنين أقباط لا تمثل خطرا على جميع الأقباط، لكونها تطال المسلم والمسيحي المقيمين بسيناء على السواء.

وأشار قزمان، إلى أن هناك تطمينات من قيادات عليا – لم يسمها – بتأمين الأقباط، والعمل على الأمن والسلامة لهم، رافضًا قيام الأسر القبطية بمغادرة العريش وشمال سيناء.

من ناحيته أكد مصدر أمني من قوات إنفاذ القانون في شمال سيناء، أنَّ استهداف الأقباط يعادل استهداف المقار والأكمنة الأمنية من قِبل الجماعات التكفيرية المسلحة، قائلًا: «الوطن هو المستهدف من الجماعات الإرهابية والإجرامية في شمال سيناء».

وأشار المصدر، إلى أنَّ التنظيمات المسلحة في سيناء غالبًا ما تجنِّد أشخاصًا في مختلف الأحياء لتوفير غطاء لهذا النوع من الاستهداف الديني في المناطق السكنية بشمال سيناء.

وأوضح المصدر، أنَّ هذا العمليات النوعية ضد الأقباط تستهدف الإجبار على التهجير، وفرض واقع جديد لإصباغ منطقة معينة بطابع ولون ودين واحد، مؤكِّدًا أنَّ هذه الظاهرة غير مقتصرة على سيناء فحسب بل تمتد لتشمل بعض قرى ومراكز الصعيد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق