حكاية أول شارع "مستقيم" في القاهرة الحديثة .. شهرته ذاعت بالفنون وشهد تسيير أول خط ترام وشارع الصحافة القديم

الإثنين، 27 فبراير 2017 06:00 م
حكاية أول شارع  "مستقيم" في القاهرة الحديثة .. شهرته ذاعت بالفنون وشهد  تسيير أول خط ترام  وشارع الصحافة القديم
شارع محمد على
شريف على

هو دون شك أحد أبرز شوارع القاهرة وأكثرها شهرةً على مدار التاريخ الحديث، ولم يكتسب هذا الشارع الذى أطلق عليه إسم محمد على مؤسس الأسرة العلوية أهميته من كونه شارعاُ للفن فحسب، بل لأنه أول شارع مستقيم تشهده القاهرة الحديثة، فقبله كانت الشوارع  أزقة وحوارى ضيقة ملتوية ولكن جاء الشارع ليكون الأوسع والأنظف والأكثر جمالاً فى القاهرة الخديوية . فالشارع همزة الوصل بين القاهرة القديمة وقاهرة الخديو، كما أنه الرابط بين القلعة مقر الحكم القديم وقصر عابدين مقر الحكم الجديد. وفى هذا الشارع تحديداً شهد المصريون دخول مصر عصر جديد بتجربة تسيير أول وسيلة مواصلات عصرية فى مصر وهى الترام الرابط بين ميدانى القلعة والعتبة.


لم يكن لشارع محمد على وجود قبل عصر الخديو إسماعيل، والثابت أن محمد على أراد تطوير القاهرة ولكن لم يمهله العمر لتحقيق ذلك. وتراجعت مشاريع التطوير إلى أن جاء الخديو إسماعيل لحكم مصر وبدأ مشروع تطوير القاهرة القديمة وإنشاء قاهرة جديدة وكان أهم مشروعات تطوير القاهرة القديمة هو شق شارع محمد على تكريماَ لذكرى مؤسس الأسرة العلوية. أوكلت تلك المهمة ضمن عدة مهام أخرى للمهندس الفرنسى هاوسمان. 


وبدأ العمل بالفعل فى الشارع خلال ستينيات القرن التاسع عشر وتطلب ذلك إزالة مئات البيوات وعدد من المساجد والحمامات الأثرية والجبانات كى يكون أتجاه الشارع مستقيماً، وكان مقياس عرض الشارع عبور جملين محملين، وكان الشارع عريضاً بمقاييس تلك الفترة التى سبقت ظهور السيارات والترام. 


وفى عام 1872 قام الخديو إسماعيل بأفتتاح شارع محمد علي بطول 2.5 كيلومتر بدايةً من جامع السلطان حسن وحتى ميدان العتبة. وعلى جانبى الطريق أنشئت البيوت الجديدة بطابع معمارى مميز وأضفت البواكى على جانبيه مظهراً رائعاً وكان هدفها فى تلك الفترة حماية المشاة من أشعة الشمس فى الصيف والمطر فى الشتاء.


خلال العقود الأولى من إنشاء شارع محمد على لم يكن معروفاً بشارع الفن بل بشارع الصحافة حيث أتخذت كثير من الصحف فى أواخر القرن التاسع عشر من شارع محمد على مقراً لها.


 وسرعان ما تغير الوضع ليصبح الشارع مقراً لفرق الآلالتية والعوالم لقربه من مسارح وسط القاهرة واستلزم ذلك النشاط ظهور محال بيع وتصليح الآلات الموسيقية. ومن هذا الشارع خرج الكثير من مشاهير الفن فى مصر منهم على سبيل المثال لا الحصر وإسماعيل ياسين وصالح عبد الحي ومحمد الكحلاوى ومحمد العزبى وشفيق جلال ونعيمه عاكف ولوسى  وأحمد عدويه ومحمد رشدى ومحمد عبد المطلب وشكوكو وكارم محمود.


 ولم يكن ذلك غريباً لأن الشارع كان قبلةً للباحثين عن الشهرة والمجد. ولا يفتنا خلال الحديث عن شارع محمد على ذكر فرقة حسب الله التى تعد أشهر الفرق الموسيقية الشعبية فى تاريخ مصر وهى فرقة أسسسها عازف سابق فى جوقة الخديو إسماعيل وكانت تعتمد على الآلات النحاسية بشكل أساسى وتقدم معزوفاتها فى الأفراح والجنازات وقد خلدها الفنان الراحل عبد السلام النابلسى فى فيلم شارع الحب حينما قام بدور "حسب الله السادس عشر".


 كما خلد الشارع نفسه فى فيلم بإسم "شارع محمد على" أنتج عام 1944 بطولة عبدالغني السيد وحورية محمد ، ومسرحية بإسم الشارع لفريد شوقى  وبها أشهر المقاهي التي كانت تعد ملتقى أهل الفن والطرب كان مقهى التجارة ومقهى منها السلام وغيرها، وقد تحول أغلبها اليوم إلى محال تجارية كما فقد الشارع بريقه كمقر لفنانى مصر. 


ولم يكن ذلك هو كل ما تغير فى الشارع، فبدأت البواكى القديمة فى الإنقراض ليفقد الشارع طابعه المعمارى المميز كما أزيلت خطوط الترام من الشارع فى التسعينيات وصار الشارع اليوم  دون  أية ملامح معمارية مميزة، بل بات خليطاً عشوائياً من العمارة القديمة والحديثة.


 ولم يبق فى الشارع سوى بعض المعالم المتناثرة على جانبيه ولعل أبرزها دارالكتب والوثائق القومية عند تقاطع الشارع مع سارع بورسعيد فى ميدان باب الخلق وجامع قوصون الذى سبق وجوده شق الشارع وعلى مقربة من الشارع يوجد مسجد الملكة صفية الذى يعد أحد أجمل نماذج العمارة التركية فى مصر، ليبقى الشارع شاهداً على جزء هام من تاريخ مصر القديم والحديث.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق