مصر تحذر العالم من «إرهاب الطبيعة»

الإثنين، 30 نوفمبر 2015 03:58 م
مصر تحذر العالم من «إرهاب الطبيعة»
سوزان حسني

«نحن من نصنع التاريخ لا سوانا.. وإخفاقنا يضعنا في مزابله بعد ذلك».. بخطى ثابتة لطالما انتهجت سياسته هذه الكلمات باعتبارها هدفًا لابد من تحقيقه.. فلما لا، وأعماله هي التي تحرك المياه الراكدة منذ توليه الحقبة الرئاسية بعد حكم تنظيم الإخوان.

ولكن إلى أي مدى ستسمر أعماله في قلب الموازين؟ هل ستتمحور فقط حول مكافحة الإرهاب الدولي المعلن أم ستنجح في بتر إرهاب آخر ليس له أي صوت؟ فبالرغم من اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ في عام 1992، ودخول بروتوكول كيوتو في عام 1997 من أجل تطبيق الاتفاقية، حيّز النفاذ في عام 2005.. إلا أن الدول المتقدمة لم تضع في حسبانها أضرار عدم التنفيذ بالنسبة للمجتمع الإفريقي.. معتبرة إياه خُلق في العالم لخدمة أسياده فقط.

مصر تعود لقيادة إفريقيا

بما أن القارة الإفريقية هي الأقل تسببًا في الانبعاثات الحرارية، والأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ.. يشهد العالم اليوم مشاركة الدول الإفريقية في أول قمة تاريخية منذ 2011 والتي تكتسب أهمية مضاعفة هذا العام، حيث يتولى الرئيس السيسي رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ.

وألقى السيسى بيانًا نيابة عن الدول الأفريقية في افتتاح مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ بالعاصمة الفرنسية باريس، يعبّر فيه عن موقف أفريقيا الداعم للتوصل إلى اتفاق ملزم حول تغير المناخ يتسم بالموضوعية ويراعي حقوق الأطراف كافة، ويقوم على مبدأ المسؤولية المشتركة وتباين الأعباء بين الدول المتقدمة والنامية في التخفيف من حدة التغيّرات المناخية والتكيّف معها.

مقترحات القاهرة

من جانبها، قدمت مصر تقريرًا إلى منظمة الأمم المتحدة حول خطتها لمواجهة التغيرات المناخية في ضوء الإتفاق الإطاري حول تغير المناخ، أكدت فيه أن مصر تحتاج إلى تطوير برنامج اقتصادي قوي؛ لتقليل تأثير الانبعاثات الحرارية على الاقتصاد الوطني إلى أقل درجاته بحلول عام ٢٠٣٠، مشيرًا إلى أن تحقيق ذلك يتطلب توفير دعم دولي من مصادر يعتمد عليها لتوفير الدعم المالي والتكنولوجي.

ومن المقرر، أن تبلغ تكلفة تنفيذ هذه الخطط حوالي ٧٣،٠٤ مليار دولارًا قابلة للزيادة، إلا أن جهود مصر وحدها لا تكفي لتنفيذ تطلعاتها للمساهمة مع المجتمع الدولي في مواجهة التغيرات المناخية، والاعتماد على مصادر التمويل المحلية فقط مع طموحات التنمية سيحد من درجة مشاركة مصر في هذا المجال.

مكافحة التغيرات المناخية

واستعرض التقرير الخطوات التي تتخذها مصر لمكافحة التغيرات المناخية ومن بينها ترشيد استخدام المياه من خلال تحسين نظم الري، وتقليل معدلات البخر وإعادة استخدام المياه المعالجة، وزيادة الاعتماد على المياه الجوفية، وزيادة الوعي وتشجيع تبادل المعلومات بين طول حوض النيل وتطوير أنظمة توزيع المياه لتقليل تأثير التغيرات المناخية، إضافة إلى خطوات لتغيير مواعيد الزراعة وأنواع المحاصيل.

وقال التقرير إن المناطق الساحلية ستتأثر بالتغيرات المناخية، حيث من المتوقع أن يؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر بنسبة ٥٠ سنتيمترًا إلى تأثيرات كبيرة على الأراضي المنخفضة في دلتا النيل، والمدن كثيفة السكان مثل الإسكندرية وبورسعيد، وهذا سيخلق تحديات جديدة ناتجة عن هجرة سكان هذه المدن، مضيفًا أنه لابد من توفير وظائف في مناطق آمنة لتسهيل استيعاب سكان المناطق المتضررة، مع ضرورة وضع سياسات لحماية المناطق الساحلية.

فيما أعرب صلاح هاشم، الكاتب والمحلل السياسي عن تخوفه من تأخر القرارات التي باتت تهدد العالم بوقوع أكبر مجاعة في تاريخ البشرية.

واستطرد "هاشم": "هناك تحديدات تواجه الدول الكبرى التي كانت ولا تزال المسؤولة عن التغيرات المناخية"، مشيرًا إلى عدم تفعيل الاتفاقيات التي تلزم هذه الدول بدعم غيرها من الدول الفقيرة ماديًا فيما يختص بهذه التغيرات.

كما أوضح المحلل السياسي، أن الشراكة لحل هذه الأزمة مع المجتمع المدني ليس لها ثمارها المجدية؛ نظرًا لضعف قدراته المادية وصغر قيمة المبالغ المقررة للشراكة، بالإضافة لعدم تناسبها مع حجم الأضرار الواقعة.

وعن محاولات حل الأزمة، قال "هاشم"، إن السيسي لن يستطيع وحده حل الأزمة، لافتًا إلى ضرورة تشكيل لوبي أو تكتلات سياسية؛ لتقديم مزيدًا من الدعم للدول المتضررة.

واختتم كلماته: "لا أتصور أن يتحول النقاش للاهتمام بالقضايا السياسية دون التركيز على أزمة المناخ"، واصفًا إرهاب الطبيعة بالأقوى والأشرس على طول المدى.

من جانبه، قال عبدالمنعم كاطو الخبير الاستراتيجي، إنه من المقرر وبدون شك توصل دول العالم خلال مؤتمر المناخ إلى بعض القرارات التي سلتزمهم أمام العالم بأسره لوضع خطة تقليصية لنهاية الأزمة.

وأضاف "كاطو": "هذه ليست المرة التي ينعقد فيها مؤتمر قمة المناخ وإنما المرة الثانية والعشرين، وهذا الأمر يؤكد صعوبة الأزمة وتدهور الأوضاع؛ نظرًا لتقاعس الدول الكبرى عن الدخول في أي قرارات إلزامية ومنعًا لغرق الكرة الأرضية".

واختتم كلماته: بأن مصر عادت لقيادة وأحضان الدول الإفريقية منذ فترة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر وضعها في مكانها الحقيقي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق