لغز العلاقات المصرية الروسية

الأحد، 27 نوفمبر 2016 05:07 م
لغز العلاقات المصرية الروسية
إيهاب عمر يكتب

تعرضت العلاقات المصرية الروسية إلى وابل من الشائعات لم يصب أي علاقة دبلوماسية في تاريخ مصر، وذلك على ضوء أن هذه العلاقة مستفزة جدًا لفئات من النخب السياسية والاقتصادية رتبت مصلحتها الشخصية حول الرضى الأمريكي من عدمه عن القاهرة من جهة، ومن جهة أخرى جمهور يعشق مخلفات سنوات الانبطاح لواشنطن ويرى في التعاون مع موسكو جرأة لم يعهدها، ويقف جموده الفكري حاجزًا عن فهم حتمية هذه الخطة.

يقولون لك: بوتين باع مصر بينما الصفقات والمناورات العسكرية بين البلدين لا تتوقف، ينتظرون كل كلمة من بوتين لتفسيرها بأن موسكو لا تقف في صف مصر، على سبيل المثال فإن المضائق البحرية التركية هي المنفذ الوحيد لـ20 % من حركة تصدير البضائع الروسية للعالم أجمع، كما أن روسيا بحاجة إلى هذه المضائق من أجل تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا عبر مشروع السيل التركي، وهو ما يعني ضرب كل المخططات القطرية لتصدير الغاز إلى أوروبا.

وبالتالي فإن روسيا لن تتجاهل قط المحاولات التركية لإصلاح العلاقات بين موسكو وأنقرة، وبالفعل بدأ العمل في هذا المشروع، هل المطلوب من روسيا أن تتخلى عن مشروع تصدير الغاز إلى جنوب أوروبا وأن تحذف 20% من إنتاجها حتى تثبت لبعض المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي جدية علاقتها مع مصر؟.

يقولون لك: إن روسيا تقيم «حصارا سياحيا» على مصر!، روسيا أكثر دولة تضررت بسبب الإرهاب، فلا يوجد دولة في العالم خسرت 219 مواطنًا دفعة واحدة على أرض سيناء عقب سقوط الطائرة في 31 أكتوبر 2015، وكان منطقيًا أن تطلب روسيا التفاوض حول ضمانات أمنية لعودة السياحة الروسية مرة أخرى إلى سيناء خصوصًا على ضوء خجل الحكومة المصرية حتى يومنا هذا من الاعتراف عبر التحقيق الرسمي بما جرى للطائرة من قصور أمني أدى إلى دس قنبلة في الطائرة، هل المطلوب من بوتين أن يرسل أبناء شعبه المستهدف من التنظيمات الإسلامية إلى شبه جزيرة سيناء دون ضمانات أمنية حتى يثبت للمصريين أنه جاد في علاقته السياسية مع بلادهم؟.

أما خبراؤنا الاستراتيجيون فحدث ولا حرج، يقولون لك: ما فائدة العلاقات مع روسيا أصلا؟، بينما هي نفس الأسماء التي كانت تتحدث ليل نهار في سنوات مبارك بأنه يجب مخاطبة الدب الروسي والتنوع في العلاقات الدولية، العلاقات مع روسيا أجبرت الغرب على التعاون معك بعد أن ظنوا أن لعبة التلويح بقطع المساعدات الاقتصادية والعسكرية كما كان يجرى قبل يناير 2011 سوف تجدي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لولا أنك لوحت بالتوجه إلى موسكو وبكين لما حصلت مصر على بندقية واحدة من أوروبا أو أمريكا في حربها مع الإرهاب ولما حصلت مصر على سنت واحد من المساعدات السنوية المقررة لها في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.

وصولا إلى خاتمة الهزليات بالقول إن روسيا دولة فقيرة ولا يمكن الاعتماد عليها في شيء، رغم أن النظام السوري كان على وشك السقوط في صيف 2015 لولا التدخل العسكري الروسي الذى قلب موازين المشهد السوري، أما عن فقر روسيا فأنت تتحدث عن الدولة الوحيدة في العالم التي لديها اكتفاء ذاتي من النفط والغاز والكهرباء والفحم والمياه والقمح معًا، احتياطي العملة الصعبة لديها يصل إلى 398 مليار دولار، وخصوصية في الجغرافيا السياسية «الجيوسياسية» تجعلها غير قابلة للغزو كما جرى مع جنود نابليون وهتلر.

لغز العلاقات المصرية الروسية أنه لا توجد أي ألغاز، توجد نخبة تسبح في فلك أمريكا وقارئ يرفض أن يفهم حقيقة هذه النخب بعد ست سنوات من القراءة الفاشلة للأحداث محليًا ودوليًا، على أرض الواقع روسيا هي الحليف الأول لمصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، ولن تقبل بأي بديل لأن، وباختصار شديد، تجارب الماضي أثبتت للجميع أنه لا بديل عن مصر ودورها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق