سجن الأحاسيس

الأحد، 26 مارس 2017 04:29 م
سجن الأحاسيس
عمرو يسري يكتب

الأحاسيس جزء أساسي من تكوين البشر.. ولعلها مقابلة للعقل.. والأحاسيس كثيرة من حيث العدد ومتنوعة من حيث النوع.. فمن الناس من يحيا حياة ممتعة بسبب الأحاسيس الطيبة التي تظلل وجدانه ومن الناس من يحيا حياة صعبة متعبة بسبب أحاسيس أخرى.
 
 
وللتيسير دعونا نقسم الأحاسيس إلى (إيجابية وسلبية) فيجب على كل عاقل السعي جاهداً أن يتبنى من الأحاسيس الإيجابي لكي يحقق من الحياة الاستمتاع والرضا والنجاح والسعادة والحب ويتفادى منها الحزن والانحسار والإحساس بالظلم والقهر والغضب والكره والغل والانتقام واليأس والملل.
 
 
ولا يستقيم حال من يستسلم لإحساسه لأن الإحساس كالكائن العشوائي الذي عادة ما يفتقر إلى الاستقامة فلا يمكننا دوام التنبؤ بما سوف يستجد منه.. ويعتقد الكثير من الناس أن الإحساس خارج تماماً عن إرادة وسيطرة العقل فيحيون حياة هشة لا بناء فيها.
 
 
فإن العقل والإحساس من المكونات الأساسية للإنسان فنقول نظرياً أنهما ينموا نمواً عكسياً أي بقدر ما يقوى الإحساس يضعف العقل وبقدر ما يقوى العقل يضعف الإحساس.. ومن الناس من يقع فريسة الإحساس فيكون كالمحبوس المسجون الذي لا يرى خارج أسوار المحبس ويحيا حياة لا إرادية يكون فيها تابعاً لأوامر السجان.
 
 
وعلى رأس أنواع سجن الإحساس نوعين.. إحساس بين الإنسان ونفسه والثاني بين الإنسان وشخص آخر.. فما يخص الإنسان ونفسه.. فيستسلم الكثير لأحاسيس مثل الملل والإحباط والفشل فتكون النتيجة فكرة مفادها عدم الجدوى فتكون النتيجة عدم حركة وعجز في العمل ومن ثم مزيد من سيطرة الإحساس ذاته على الشخص ومزيد من الضعف للعقل وهلم جرا وتستمر حركة الحلقة المفرغة ذاتها ويحيا الإنسان بذلك سجيناً فاقداً حريته.
 
 
أما النوع الثاني فهو بين الشخص وآخر ونسميه مجازاً (لبس المشاعر) وفيه عنصران.. العنصر المتأثر وهو الشخص نفسه والعنصر المُؤَثٍر وهو الشخص الآخر.. خطورة هذا النوع تتمثل في أنه يفقد الشخص هويته المستقلة بأن يصبح دائماً بإحساس شخص آخر قد يفرضه عليه عن عمد ليتسبب له في درجة ما من العجز يظل بها المتأثر فريسة للشخص المُؤَثِر ومن الناس الكثيرين الذين يتغذون على مشاعر الآخرين.
 
 
ومثل آخر شهير هم مدعين الحب و هم يضعون الاسم (الحب) على غير مسمى.. فالحب من أسمى الأحاسيس والمشاعر التي جعلها الخالق للبشر ليحيو بها أحلى حياة بأن يحرر بها الشخص الآخر بتركه له حرية اخيار واختبار الحياة بالصورة المناسبة للشخص ذاته.. أما مشاعر التملك والتمليك والملكية التي يفرضها شخص على الآخر تكون سجناً للمتأثر وتعبيراً عن عجز ما قد يكون إحساساً بالدونية للمُؤَثِر.
 
 
ويعتبر علم النفس بمدارسه المختلفة الأحاسيس دوافع لحركة البشر واتجاهاتهم في التحقيق والعمل ومن الأمراض النفسية ما يصيب الأحاسيس بالخلل والعطب.. و لذلك كان واجباً على العاقل تمييز وفحص واختبار الإحساس الذي ينبت من داخله أو يتسبب له فيه أحد من الخارج قبل الاستسلام له فيتحول لفكرة يعمل بها صاحبها فتكون لها نتائج تصبح جزء من مكونات حياة الإنسان تتكون بها هويته.
 
 
وكلما أعمل الإنسان عقله لإختيار المشاعر الصالحة فيتبناها و يحيا بها و لتمييز المشاعر الطالحة فيتجنب التأثر بها كانت النتيجة قوة في العقل وطِيب في الإحساس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق