«كيمياء العلاقة» بين ترامب والسيسى فى مواجهة حقائق الواقع

السبت، 08 أبريل 2017 12:47 م
«كيمياء العلاقة» بين ترامب والسيسى فى مواجهة حقائق الواقع

المواقف من ترامب تباينت- منذ البداية- بسبب تصريحاته ومواقفه الحادة والواضحة والتى رآها مراقبون أنها تفتقر للحكمة والمواءمة السياسية، فما بين تأييده فى إعلانه الصريح بموقفه ضد الإرهاب وجماعة الإخوان، وبين التخوف منه فى انحيازه لإسرائيل وعدم ممانعته لنقل السفارة الأمريكية للقدس، ثارت حالة من الجدل حول شخصية الرئيس الأمريكى الجديد، والتريث من تحديد موقف أو رأى قاطع حول إدارته فى السنوات الأربع المقبلة، فشخصيته قد تبدو ذات خصائص نفسية متفردة فى التعبير الصريح عن المشاعر والعواطف، والمواقف أحيانا، وبشكل مباشر دون الأخذ فى الحسبان الواقع السياسى المعقد والمتشابك داخل المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أو حتى طبيعة العلاقات الدولية شديدة التعقيد.
 
فالرجل أعلن- منذ البداية- عن موقفين أو ثلاثة لم يحقق فيها الانتصار والمكاسب ضد الواقع على الأرض، مع بداية فترة رئاسته.
 
 الأول قرارا بمنع أبناء 7 دول عربية وإسلامية من دخول أراضى الولايات المتحدة الأمريكية، واضطر أمام ضغوط المؤسسات الأمريكية وقوتها أن يتراجع ويعدل من قرارا، الثانى مشروع «أوباما كير» أو التأمين الصحى لأوباما الذى تعهد بإسقاطه، لكنه فشل حتى الآن أمام قوة الرفض الداخلية، أما الموقف الثالث- وهو ما يخصنا فى مصر والمنطقة العربية- فهو إعلانه إدراج جماعة الإخوان ضمن قوائم الإرهاب الدولى، وحتى اللحظة لم يحدث التوافق حول المشروع.
 
الاختبارات الثلاثة للرئيس الأمريكى الجديد فى أول شهور حكمه تدفعنا إلى ضرورة التريث والتمهل فى الحكم المتسرع عليه واعتباره «نصير العرب ومصر الأول» وأنه- كمؤسسات وكرجل دولة وليس كشخص- سوف تتطابق آراؤه بمواقفه فى التعامل مع ملفات شديدة الحساسية والتعقيد فى الداخل والخارج.
 
فلننتظر  حتى تتضح الرؤية الكاملة لرجل الدولة دونالد ترامب فى تعامله مع بقية الملفات وإدارة شئون الحكم فى دولة المؤسسات الأمريكية.
 
ما سبق لا يعكس نظرة تشاؤم بشأن مسار العلاقات المصرية الأمريكية، وإنما يعبر عن تخوف من توقعات متفائلة قد تتجاوز الواقع فى تشابكات وتقاطعات العلاقة بين الجانبين من جهة، وبين أطراف دولية وإقليمية من جهة أخرى.
 
مع ذلك لدىَّ ارتياح للزيارة الحالية للرئيس عبد الفتاح السيسى للولايات المتحدة الأمريكية، لأنها تأتى وسط أجواء دبلوماسية غير مسبوقة من الإدارة الأمريكية لرئيس مصرى طوال السنوات الماضية، أسهمت فى ذلك التوافق كيمياء العلاقة بين الرئيسين منذ لقائهما الأول فى سبتمبر 2016 على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة أثناء ترشح ترامب للانتخابات الأمريكية، والحفاوة والود فى الاستقبال فى البيت الأبيض، إلى جانب التصريحات «الملفتة» من ترامب التى عكست تقديره لمصر حكومة وشعبًا، فالرئيس الأمريكى كسر بروتوكولًا يحرص عليه كل رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعتذر- بحسب «سى. إن. إن»- عن عدم افتتاح دورى البيسبول، للقاء الرئيس السيسى، وفى مشهد مهيب وقف حرس الشرف العسكرى الأمريكى، استعدادًا لاستقبال الرئيس «السيسى» عند البيت الأبيض.
 
اللقاء الدافئ أذاب الصقيع والجليد فى مسار العلاقة بين القاهرة وواشنطن فى ظل إدارة أوباما، وأزال التوتر بين البلدين بعد الانحيازات الأمريكية ضد مصر بعد 30 يونيو لصالح جماعة الإخوان.
 
هى صفحة جديدة، جيدة للغاية، فى العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، لكن يجب التعامل معها بعقلانية شديدة، فالعلاقات بين الدول لا تحكمها فقط المشاعر الإنسانية الحميمة، وإنما المصالح المشتركة التى تحقق الأهداف المرجوة لكل طرف، ولنعتبر ما حدث خلال الزيارة- من استقبال رائع وحفاوة وتقدير غير مسبوق لمصر ورئيسها- بداية طيبة تؤسس لشراكة جديدة فى العلاقات، لكنها فى الوقت ذاته لا تلغى ولا تتجاهل مطبات كثيرة فى مسارها وتداخلات وتعقيدات وتشابكات أكثر فى فضائها وأجوائها، لكن أظن أن «كيمياء العلاقة بين السيسى وترامب» سوف تسهم فى تجنب الكثير من إحباطات وحقائق الواقع.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق