كواليس العدوان الأمريكي على سوريا

الجمعة، 14 أبريل 2017 02:40 م
كواليس العدوان الأمريكي على سوريا
إيهاب عمر يكتب

لعل واحدة من أهم أسباب انتخاب الأمريكان لدونالد ترامب بعيداً عن نهج أوباما – كلينتون هو رؤية الأمريكان لأوباما باعتباره أضعف رئيس أمريكي في تاريخ الولايات المتحدة، فهو الذي ترك الأمبراطوريات الروسية والإيرانية والكورية والداعشية تترعرع وتتمدد حول العالم وفقاً لحسابات الناخب الأمريكي المؤيد لترامب.
 
ويعول هؤلاء ضعف أوباما إلى عدم استخدامه القوة العسكرية وقت الحاجة، إذ كان يجب أن يقصف الإسلاميين في سوريا والعراق بل وحتى اليمن وليبيا بشكل أكثر نجاحا عن الضربات الكوميدية التي نفذتها أمريكا في عهد أوباما.
 
وكان ترامب واضحاً في حملته، بأن التركيز سوف يكون على الإسلاميين وليس إسقاط الأنظمة، وأنه مع بقاء النظام السوري، وبالفعل ما أن تولى ترامب الرئاسة الأمريكية حتى أوقف كافة برامج مساعدة دواعش سوريا والعراق بالمال والسلاح والتدريب والمستشارين العسكريين بالإضافة إلى قطع الاتصال مع غرف العمليات المشتركة مع دول الشرق الأوسط التي كانت تدير نشاط إسلامييو الربيع العربي، كما أمر الأتراك بعدم تجاوز الخط الأحمر بالذهاب إلى حلب الشرقية وتحديدا مدينة منبج.
 
ثم أمر ترامب بنشر الجيش الأمريكي في منبج الحلبية وفي محافظة الحسكة، ثم بدأ الجيش الأمريكي في عمليات ضد الدواعش اليوم في محافظة الرقة، بالتزامن مع غارات أمريكية لا تهدأ وأكثر من إنزال بري في اليمن ضد تنظيم القاعدة.
 
ولكن خطأ بعض قادة الشرق الأوسط هو الظن الخاطئ أن هنالك مكاسب مجانية في السياسة، أو أن سمسار العقارات الذي وصل للبيت الأبيض سوف يقدم هدايا على طبق من ذهب.
 
كشف ترامب ورقه علناً أمام العالم أجمع، جمهوريات سورية تحت مسمى مناطق آمنة بينما هي في واقع الأمر مناطق نفوذ، مثل ألمانيا الشرقية الموالية للسوفيت والمانيا الغربية الموالية للأمريكان في الحرب الباردة.
 
وكانت رسالة ترامب واضحة، إذ أوفى بعهده ولم ينصر الإسلاميين الإرهابيين على النظام السوري بل يحاربهم بشكل مباشر في حلب والرقة وقريبا دير الزور، ولم يستهدف النظام السوري بل سوف يحتفظ النظام السوري بكل ما يسيطر عليه من أراضي اليوم، وفي المقابل سوف تصبح سوريا الجديدة لا تشكل خطر على المصالح الأمريكية عموما وإسرائيل خصوصاً عبر التقسيم.
 
ويرى ترامب أن رؤيته واقعية، فمن جهة سوريا واليمن وحتى ليبيا اليوم مقسمة بالفعل، ومن جهة اخرى فإنه حال عودة نظام الأسد للسيطرة على حلب والحسكة على سبيل المثال فإنه من المتوقع أن يجري مذبحة تاريخية بحق الميلشيات الكردية.
 
وبالطبع رفض المحور الإيراني – السوري، وهنا أتى الرد الأمريكي مختلفاً، وعند قصد من أجل إيصال رسالة للعالم أجمع أن حاكم البيت الأبيض اليوم رجل مختلف عن أوباما.
 
هكذا وفي 6 أبريل 2017 بتوقيت واشنطن بالتزامن مع الذكري المئوية لدخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الأولى في 6 أبريل 1917، جرى العدوان الأمريكي على حمص بوابل من الصواريخ الذي استهدف مطار عسكري سوري.
 
وكانت رسالة ترامب واضحة، إذا لم توافقوا على الرؤية الأمريكية فأنه حتى مناطق النظام السوري لم تحتفظوا بها وهي ليست بعيدة عن مطرقة العسكرية الأمريكية، ورسالة إلى كافة دول الشرق الأوسط بأن الرؤى الأمريكية لا رجعة فيها حيال سوريا والعراق واليمن وليبيا، والمخالف لتلك الرؤى سوف يخرج من المعسكر الأمريكي، وأن سنوات أوباما قد انتهت بكل ما فيها – وفقاً لحسابات ترامب – من ضعف وتردد في استخدام الترسانة العسكرية.
 
بل وكانت رسالة إلى العالم أجمع الى ان ترامب لا يمزح، رسالة الى إيران وكوريا الشمالية، بأن التنمر الأمريكي العلني حيال بيانج يانج وطهران ليس مزحة، بل وخرج ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي يقولها علناً في 9 ابريل 2017 بأن "ضربة سوريا رسالة للجميع بمن فيهم كوريا الشمالية".
 
اذن.. قام ترامب باستعراض قوة في سوريا، فلا شيء مجاني في عالم السياسة، واما القبول برؤية أمريكا او طرح بديل المتفاهم حوله، ولكن من يراهن ان أمريكا سوف تعيد له سوريا الموحدة هو ساذج بكل تأكيد.
 
في اعتقادي ان الازمة مرشحة لمزيد من التصعيد، إيران لن تخرج من سوريا الا بالحل العسكري، فاما تجدد العدوان الأمريكي على مناطق النظام السوري، او التهديد بعمل مماثل حيال الأراضي الإيرانية، فإيران كما رأينا في الحرب الخليجية الاولي مع العراق لا تتفهم الا لغة القوة، ثم ان أوراق لعب طهران لا تزال قوية، لأن خيار فتح جبهة قتال مع إسرائيل عبر لبنان او الجولان المحتل بل وعبر النظام السوري لا تزال مطروحة في مكتب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
 
روسيا وإيران في 10 أبريل 2017 فاجئوا العالم بالإنذار الثنائي، وهو تصريح موجه لأمريكا مباشرة بأنه في حال تكرر تخطت أمريكا الخطوط الحمراء في سوريا فإن طهران وموسكو سوف تستخدمان القوة العسكرية.
 
هكذا دخلت الحرب السورية مرحلة جديدة، ربما يكون العامل الوحيد الحسن هو ردع ترامب للإسلاميين سواء الدواعش أو أردوجان، وبدء التفاوض بالسياسة والسلاح على ملامح سوريا الجديدة، في معركة لم تعد بالوكالة بل مباشرة بين أمريكا من جهة وروسيا وإيران وسوريا من جهة أخرى، والأيام المقبلة مرشحة لمفاجات وتطورات غير متوقعة في الأزمة.
 
الدرس الأكبر، ترامب ثابت على وعوده الانتخابية والرئاسة مقابل أن يقدم الطرف الآخر المقابل المناسب لهذه الوعود ولا يظنها مكاسب مجانية، فإذا لم يقبل الطرف الآخر التفاوض أو تقديم المقابل فإن وعود ترامب الانتخابية والرئاسية تسقط، ووقتذاك سوف يبحث ترامب عن بدائل أخرى.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق