للحقارة والوقاحة صبيانها.. وللبطولة والشرف والمجد رجاله ياصلاح الدين

الإثنين، 15 مايو 2017 10:38 م
للحقارة والوقاحة صبيانها.. وللبطولة والشرف والمجد رجاله ياصلاح الدين
عادل السنهورى يكتب:

للوقاحة والنفاق أشباه رجال وللشرف والكرامة والتضحية والبطولة والعدل رجال بمعنى الكلمة..أبطال فى التاريخ لن يضيرهم بعد وفاتهم أن يتطاول عليهم حقراء متثقفين ومنافقين فبعد الموت ترتفع قامات أقزام تنطبق عليهم ما قاله الشاعر العربى" الناس صنفان.. موتى فى حياتهم وآخرون بباطن الأرض آحياء".. ومن وصف صلاح الدين الايوبى القائد العسكرى الفذ بالحقارة هو من النوع الأول الذى اذا غابت عنه اضواء الاعلام  شعر  بالضآلة وبأنه لا شيئ وأنه نسيا منسيا. وعندما يظهر لا بد له أن يثير الجدل بأراء عبثية خبيثة

صلاح الدين الأيوبى  مهما اتهمه أصحاب النفوس الضعيفة وشوهوا سيرته العطرة المليئة بالعزة والنصر، سيظل هو القائد الذي وقف في وجه الغزاة وأنقذ العالم الإسلامي من الاستعمار والرق, ولن ينسى التاريخ الإسلامي مهما مر الزمن أمجاد وبطولات هذا البطل المغوار.

يبقى صلاح الدين في الوعي العربي الإسلامي هو محرر القدس، ومع تصاعد مشاعر القومية العربية في القرن العشرين، وفي ظل وجود الصراع العربي الإسرائيلي، اكتسبت بطولة صلاح الدين وقيادته أهمية جديدة، فقد كان في تحريره للقدس من الصليبيين مصدر إلهام لمعارضة العرب في العصر الحديث للصهيونية. وكانت ومازالت شخصيته في الملاحم والأشعار وحتى مناهج التربية الوطنية في الدول العربية رمز للبطولة الفذة، ولا يزال صلاح الدين يضرب به المثل كقائد مسلم مثالي واجه أعداءه بحسم ليحرر أراضي المسلمين، دون تفريط في الشهامة والأخلاق الرفيعة.

فى الخمسينات والستينات وحتى السبعينات نظر العرب الى وحدتهم  مثلما توحدوا  تحت راية صلاح الدين واعتبروه رمزًا مثاليًا للوحدة الجديدة التي سعى إليها القوميون العرب بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.

ومن شدة اعتزاز العرب والمصريين بصلاح الدين،  أصبح نسره رمزا لدولة ما بعد الملكية في مصر،وتم اعتماده كشعار لعدد من الدول العربية الأخرى مثل العراق وفلسطين واليمن وسوريا.

وحتى نعرف قيمة صلاح الدين التاريخية فمن الضرورى أن نقرأ ماكتبه وقاله خصومه الأوروبيون. فالناصر صلاح الدين ظل في الوعي الأوروبي نموذجًا للفارس الشهم الذي تتجسد فيه أخلاق الفروسية بالمفهوم الأوروبي، حتى أنه توجد ملحمة شعبية شعرية من القرن الرابع عشر تصف أعماله البطولية. فعلى الرغم من المذبحة التي قام بها الصليبيون عندما احتلوا القدس في عام 1099م، فقد عفا صلاح الدين وسمح للمسيحيين الغربيين بالمغادرة مع بقايا الجيش المسيحي المنهزم، طالما أنهم كانوا قادرين على دفع الفدية التي فرضها عليهم. كما عومل الأرثوذكس ومنهم مسيحيون عرب معاملة أفضل لأنهم عادة ما كانوا يعارضون الغزو الأوروبي الصليبي.

حتى القادة المسيحيين امتدحوا صلاح الدين، خصوصًا ريتشارد قلب الأسد، الذي يروى عنه أنه قال عن صلاح الدين أنه أمير عظيم وأنه بلا شك أعظم وأقوى قائد في العالم الإسلامي؛ ورد صلاح الدين بأنه لم يكن هناك قائد مسيحي أشرف من ريتشارد. وبعد معاهدة الرملة، تبادل صلاح الدين وريتشارد الهدايا كرمز للاحترام المتبادل، ولكنهما لم يلتقيا وجها لوجه.

أما المؤرخون الأوروبيون فقالوا عنه أنه "من الحق أن كرمه وورعه وبعده عن التعصب.. تلك الليبرالية والنزاهة التي كانت النموذج الذي ألهم مؤرخينا القدماء.. هي ما أكسبه احترامًا في سوريا الإفرنجية لا يقل عن الذي له في أرض الإسلام."

وخلال الحرب العالمية الأولى، أعلن القائد البريطاني إدموند ألنبي بفخر أن "اليوم انتهت الحروب الصليبية" رافعا سيفه نحو تمثال لصلاح الدين الأيوبي بعد الاستيلاء على دمشق، وهي العبارة التي لازمت ألنبي طوال حياته، وهو ما احتج عليه بشدة ضد من يصفون غزوه لفلسطين عام 1917م بالحملة الصليبية. وفي عام 1933، ذكر ألنبي أن أهمية القدس تكمن في أهميتها الإستراتيجية، ولم يكن هناك دوافع دينية لتلك الحملة. كما احتفلت الصحافة البريطانية أيضا باحتلال الشام برسم هزلي لريتشارد قلب الأسد وهو ينظر إلى القدس وكتب تحتها عبارة "أخيرًا، تحقق حلمي". وبعد أن دخل الفريق أول الفرنسي هنري جورو المدينة في شهر يوليو من عام 1920م، ركل قبر صلاح الدين الأيوبي وهو يصيح "استيقظ يا صلاح الدين، قد عدنا.. تواجدي هنا يكرس انتصار الصليب على الهلال"

ولما جاء فيل هيلم الثاني، ملك ألمانيا، إلى المشرق حرص على زيارة قبر صلاح الدين وأظهر  له الاحترام والتبجيل، و أنشد له شوقي: عظيم الناس من يبكي العظاما .. ويندبهم ولو كانوا عظاماً

الغرب الذى كان عدوا لصلاح الدين احتفى به ايضا فى السينما ولم يظهره بالصورة النمطية التقليدية للعربى أو المسلم الارهابى ، بل أن فيلما مثل مملكة السماء للمخرج البريطاني السير ريدلي سكوت، وأدى فيه الممثل السوري غسان مسعود دور صلاح الدين، استقبل الفيلم بالترحيب في العالمين العربي والإسلامي، وقال رواد دور السينما إنه يقدم شيئا مختلفًا عن الصورة النمطية للعرب والمسلمين في أفلام هوليوود بوصفهم إرهابيين. صوّر الفيلم صلاح الدين بأمانة شديدة وأظهر جوانب الفروسية في شخصه، والاحترام المتبادل بينه وبين بلدوين الرابع ملك بيت المقدس، وقد قال بعض النقّاد أن غسان مسعود كان سيترك انطباعًا أفضل إذا ما أعطاه سكوت مساحة أكبر "فقد رأينا لمحات من بطولته، وذلك لا يلبي كل الطموحات، ولكن لا نستطيع أن نطلب من ريدلي سكوت أن يقدم كل شيء، حسبه إنه قدم صورة بها قدر من التوازن".

على عكس وصف أشباه المتثقفين وأنصاف المتباحثين صلاح الدين بأنه أحقر شخصية فى التاريخ الانسانى، تؤكد كتب التاريخ، إن الملك صلاح الدين عامل رعيته في بلاد مصر بخير يعجز الواصف عن وصفه وأرسى العدل وأحسن إلى المصريين وأزال مظالم كثيرة على الناس وأمر بإبطال الملاهي في بلاد مصر وأبطل كل منكر شرير وأقام حدود شريعة الإسلام. وكان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم ويكون في مجلسه مجموعه من الفقهاء ومشاهير الدولة للنظر في القضايا بين الناس والعمل بما توجبه أحكام الشريعة والحق والعدل".. وهذه الشهادة أكبر دليل على عدل صلاح الدين .

فهل يستحق أمثال هؤلاء عناء الرد عليهم للدفاع عن بطل هو فى ذمة التاريخ منذ 900 عاما وحكم عليه التاريخ العربى والغربى واستقر  كرمز للبطولة والرجولة الحقة فى وجدان العرب والمسلمين.

على أمثال هؤلاء قراءة سيرة صلاح الدين فى تاريخ العالم المسيحى وليس العربى ليعرفوا قدر هذا الرجل الذى كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته في عدد من المواقف، أبرزها عند حصاره لقلعة الكرك في مؤاب، وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في أوروبا الغربية، اصبح رمزا من رموز الفروسية والشجاعة، وورد ذكره في عدد من القصص والأشعار الإنجليزية والفرنسية العائدة لتلك الحقبة.

نم مرتاحا يا صلاح الدين فى قبرك.. بطلا واسدا مغوارا . فاللتاريخ رجاله وللحقارة والتفاهه صبيانها.. وكما قال الامام الشافعى يا صلاح الدين:

لا تأسفن على غدر الزمان  لطالما                 رقصت على جثث الأسود كلاب

لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادها                تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب

تموت الأسد في الغابات جوعاً                      ولحم الضأن تأكله الكلاب

وذو جهل قد ينام على حرير                        وذو علم مفارشه التراب

 

 

تعليقات (2)
الباحث عن اضواء خبت
بواسطة: سامي عمران
بتاريخ: الثلاثاء، 16 مايو 2017 10:52 ص

اعتقد ان الكايب يوسف زيدان حقق ما اراده - الا وهو العودة للاضواء مرة اخرى و جعل الناس يتحدثون عنه في جميع الوسائل الاعلامية المقرؤة و المسموعة و المرئية و كان من الافضل الاشارة باقتضاب لما كتبه و عدم الاسترسال اذا شتمك السفيه فلا تجبه فخيرا من اجابته السكوت

رأي
بواسطة: مواطن مستقر
بتاريخ: الأربعاء، 17 مايو 2017 07:09 ص

مقال رائع لكن تصحيح جيش الصلبين لم يكن جيش مسيحي بل كان جيش اوربي جاءلغزو الشرق وكان يرفع شعارالصليب لكي ياخذ تعاطف العامة في اوربا لدعم هذة الحملات الصليبية والحملات الصليبية هي حملات لغزو الشرق ترفع شعارالصليب والصليب بريءمنها هذا تعريف كتب التربية والتعليم

اضف تعليق


الأكثر قراءة