الدكتوراه الفخرية ضارة جدًا بالصحة

الإثنين، 22 يناير 2018 10:42 ص
الدكتوراه الفخرية ضارة جدًا بالصحة
عبدالحليم محمود يكتب:

يعطينا العقل أكثر من طريقة للرفض لكن هناك طريقة وحيدة للقبول تلك التي تنبع من القلب، وبالعقل والقلب معا نشعر بعدم الرضا إزاء منح المجلس العربي للتعليم والبحث العلمي التابع لمنظمة الشعوب والبرلمانات العربية درجة الدكتوراه الفخرية لرئيس مجلس إدارة إحدى شركات الدخان العاملة في مصر، وقد منحه المجلس هذه الشهادة تقديرا لدوره كممثل للشركة في دعم الخزانة المصرية، ونحن لسنا ضد منح الدكتوراه الفخرية لأي إنسان أو مسئول بشخصه أو بصفته ما دام قام بعمل يقنع الناس ليسلكوا طريقه وفق قواعد متفق عليها، وبالضرورة لا أحد ضد دعم الخزانة العامة للدولة؛ فهو مطلب جماعي ملح، لكن ما يدعو للدهشة، وما يخطر تلقائيا على قلب كل مصري كيف تمنح درجة الدكتوراه الفخرية لرئيس مجلس إدارة شركة أسهمت في تدمير حياة الملايين من المصريين وما زالت؟ فهذه كارثة لا محالة، وأقل ما يوصف به فعل المنظمة أنه بلا ضوابط أو مسئولية.
 
وبموضوعية شديدة نتساءل ما ضوابط ومعايير منح الدكتوراه الفخرية؟ ولمن تمنح؟ ولماذا؟ وهل ما يعود على الدولة والخزانة العامة من ضرائب شركة الدخان يتناسب مع التكلفة المادية والبشرية التي تدفعها مصر بمليارات تنفق في علاج أمراض ناجمة عن التدخين لضحايا تجاوزوا الملايين؟.
 
من المعروف أن الدكتوراه الفخرية هي شهادة بدون رسالة أو مناقشة، وتمنح لشخص تقديرا لجهوده في مجالات معينة، وهي لقب أكاديمي وليس مرتبة علمية، وتمنح لشخصيات معروفة ذات عطاءات نوعية، ولها إنجازات رفيعة ذات طابع عام وشامل ونضالي أو رسولي، ووفقا لتقاليد الجامعات والمنظمات العظمى في العالم فإن الدكتوراه الفخرية تمنح ليس فقط لتكريم أشخاص بل لتقول للجميع أن هذا الشخص أو المسئول مثل أعلى. والآن من حق المجتمع أن يعرف وبطبيعة الحال ما المثل الأعلى أو النضالي أو الرسولي الذي قدمته شركة الدخان لمصر ولشعبها؛ كي يمنح رئيس مجلس إدارتها الدكتوراه الفخرية؟ والحقيقة أن هذه الشركة وغيرها من الشركات العاملة في ذات المجال نماذج لبؤس هذا الزمان الذي غيب فيه الرشد والعقل والحكمة؛ فهي شركات لصناعة الموت الجماعي لأكثر من 13 مليون طفل وشاب وشيخ يرضعون السم في نهم! كما أن الضرائب المستحقة علي منتجات شركات التدخين لا تتناسب إطلاقا مع التكلفة البشرية والمادية التي تتكبدها الدولة المصرية سنويا، وبحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن عدد المدخنين يتجاوز 13 مليون مدخن بإنفاق 40 مليار جنيه سنويا على السجائر والشيشة، وتنفق الدولة ما يقارب من 4 مليار دولار سنويا في علاج أمراض التدخين هذا بخلاف الآثار السلبية للتدخين المؤثرة على الأسرة المصرية اجتماعيا وإنسانيا. 
 
ووفقا لإحصائيات الجمعية المصرية لمكافحة التدخين والتي تشير إلى أن التدخين يقتل سنويا 170000 (مائة وسبعين ألف) أي أن ضحايا التدخين في مصر منذ إنشاء أول شركة للتدخين بمرسوم السلطان أحمد فؤاد سنة 1920 وحتى الآن يقدر بعدد وفيات 16.490. 000، وهو عدد يقترب من ضحايا الحرب العالمية الأولى. فهل هذه هي رسالة منظمة الشعوب والبرلمانات العربية للشعب المصري التي من المفترض أنها تعمل لصالح مصر وشعبها كما ورد بأهدافها ومبادئها المعلنة؟ وما مبعث الفخر في شركات التدخين؟ وأين الجانب النضالي والرسولي لها حتى تستحق التكريم، وليسأل أمين عام المنظمة المسؤولين بوزارة الصحة المصرية ماذا فعلت شركات الدخان غير القتل والتدمير؟ فهي شركات مكتوب علي أبوابها نفس العبارة المكتوبة علي باب جهنم في ملحمة (الملقاة المقدسة) للشاعر دانتي "أيها الداخلون (المدخنون) اتركوا وراءكم أي أمل للنجاة " وإن كنت أقل صراحة من الشاعر دانتي، فالدكتوراه الفخرية ضارة جدا بالصحة.

 

 

تعليقات (1)
الدكتوراة الفخرية ضارة جدا بالصحة
بواسطة: طاهر
بتاريخ: الإثنين، 22 يناير 2018 06:41 م

ما شاء الله ربنا يحفظكم يا أستاذ عبدالحليم ودائما في تقدم وبالفعل الدكتوراة الفخرية ضارة جدا بالصحة

اضف تعليق