أوروبا على صفيح ساخن.. اليمين الشعبوي يهدد الحركات السياسية الحاكمة للقارة العجوز

السبت، 27 أكتوبر 2018 06:00 م
أوروبا على صفيح ساخن.. اليمين الشعبوي يهدد الحركات السياسية الحاكمة للقارة العجوز
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

سلطت صحيفة فورين بولسي الأمريكية، الضوء على التحولات السياسية البارزة في أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية، وتمثلت في صعود اليمين الشعبوي على حساب الأحزاب السياسية التي سيطرت على القارة لفترة طويلة، مشيرة إلى توقع البعض أن يكون هذا تحول مؤقت، وسرعان ما تعود الأمور إلى نصابها، لكن لا يبدو أن هناك عودة قريبة، فالحركات السياسية الراسخة التى حكمت دول أوروبا على مدار عقود طويلة تتلاشى بشكل سريع، ويحل محلها سياسيون شعبويون قوميين وأحزاب ناشئة.

تقول المجلة في تقريرها، إن التقلبات السياسية الراهنة التي تجتاح أغلب الغرب ما هي إلا بداية وليس نهاية عهد حديد من التغيير. فأوروبا والولايات المتحدة ودول ديمقراطية أخرى دخلت عصر جديد، أصبحت العادة الجديدة فيه هي تقسيم الأنظمة السياسية وصعود الأحزاب الشعبوية ومستويات مرتفعة من التقلبات الانتخابية وتراجع كبير للأحزاب السياسية التى كانت مهيمنة.

وبحسب فورين بولسي، استغرقت هذه العملية عقود وستظل لها آثار عميقة على السياسية ستكون أكثر قوة بكثير مما نشهده في الوقت الراهن. ويوضح تقرير فورين بولسى إن هذه العملية بدأت فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى وتسارعت خلال العقد الأول من الألفية، والآن تسفر عن تغير سياسى غير مسبوق. فخلال عقد واحد بين عامى 2004 و2015، انخفض متوسط نسبة التصويت للأحزاب التقليدية السائدة فى أوروبا بمقدار 14% ليصل إلى 72%.

ووفقا لتقرير المجلة، تضاعفت نسبة التصويت للمنافسين الشعبيين الجدد سواء كانوا من اليسار أو اليمين لتصل إلى 23%. وتعرض يسار الوسط لخسائر غير مسبوقة. وفى العديد من الأنظمة السياسية، وصلت المشاركة بالتصويت للأحزاب التقليدية إلى مستويات منخفضة غير مسبوقة.. ففى ألمانيا تراجع الديمقراطيون الاجتماعيون فى العام الماضى ليحققوا أسوأ نتيجة لهم منذ عام 1933. وفى السويد تراجعوا إلى أدنى مستويات لهم منذ عام 1908.

المجلة الأمريكية بررت السبب في هذه التحولات، بالإشارة للطريقة التي تآكلت بها الروابط بين المواطنين والأحزاب التقليدية، أو انهارت تماما فى بعض الحالات، مشيرة إلى أن هذا لم يحدث بين عشية وضحاها، لكن تآكل دعم الأحزاب التى كانت مهيمنة من قبل كان مستمرا بعناد. فبحلول عام 2009، وقبل آثار الأزمة المالية العالمية، لم تقترب نسبة الناس الذين شعروا بأنهم قريبين لأي حزب إلى 54%. وهو ما مهد الطريق لصعود مجموعة من المنافسين الجدد، بحسب فورين بولسي.

وقالت المجلة، إن بعض المراقبين كانوا قد شعروا بصدمة من نتائج الانتخابات الأخيرة في السويد التي خسر فيها الديمقراطيون الاجتماعيون وقدموا أسوأ أداء لهم منذ قرن، بينما حقق المعتدلون من اليمين الوسط ثاني أسوا نتيجة لهم منذ منتصف الثمانينيات.

وفى المقابل حقق حزب ديمقراطيو السويدى الشعبوى القومي نسب غير مسبوقة. ولن تصل نسبة التصويت للحزبين الكبيرين في البلاد سوى 48% وهي الأدنى منذ إعادة تنظيم النظام الحزبي في السويد في أواخر السبعينيات.وفي بريطانيا، وفى العقود الثلاثة التى سبقت البريكست، تراجعت نسبة من كانوا يشعرون بوجود علاقة قوية بينهم وبين أحد الحزبين الرئيسيين إلى الثلث.

فورين بولسي، خلصت في تقريرها، إلى القول بأن زوال الأحزاب التقليدية ليس مجرد مشكلة، بل تشير الأدلة إلى وجود تحول دائن فى نظام الأحزاب، ونتيجة لذلك، فإن السياسات الأوروبية ستصبح أكثر تقلبا في السنوات المقبلة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة