لا تكن سخيفا كسعدي يوسف

السبت، 16 فبراير 2019 02:17 م
لا تكن سخيفا كسعدي يوسف
حمدي عبدالرحيم يكتب:

 
الرجل لا تنقصه الحكمة ولا الشهرة ولا حتى الجوائز، فهو صائد جوائز بامتياز، فقد حصد منها- على سبيل المثال لا الحصر- جائزة سلطان بن على العويس، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافى من الجمعية الهلينية، وجائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبى، كما حصل على جائزة المتروبولس.
 
«سعدى»- ولأسباب تخصه- يقيم فى لندن، ومن هناك ينشر أعماله على موقع إلكترونى يحمل اسمه، وبعد النشر الإلكترونى تقوم دار متخصصة فى نشر ما يثير الجدل بطبع كتبه ونشرها.
 
على الصعيد الشعرى، لم يواجه «سعدى» نفسه بحقيقة قائمة، ألا وهى أن شعره قد ترهل وتساقطت أسنانه، ميليشيات «سعدى» متورطة معه فى هذا الموقف، فهى ترتكز على تاريخ شعرى مضى ولا تريد التوقف عند نقد الموقف الحاضر.
 
«سعدى» النجم الذى خفت ضوؤه، يريد ضخ دماء جديدة فى عروق شعره المتيبسة، فيترك كل شىء- وهذا حقه الفنى- ويكتب (حفظ الله مقامكم) عن فتنته بشَعر «العانة»!
 
ثم يقوم بنشر قصيدة عن «عائشة» التى هى أم المؤمنين، ويغطى على قصدِه المكشوف فيسميها «عيشة».
 
الحمد لله ماتت القصيدة فى مهدها بالسكتة الجماهيرية، فقد رفضتها أصوات ثم مضى الماء فى سريانه المعتاد.
 
القصيدة منشورة قبل ست سنوات، والعجيب- بل المريب- قيام ميليشيات معروفة للوسط الأدبى بإعادة نشر القصيدة قبل أيام لكى تقوم الدنيا ولا تقعد!
هل سعدى شخصيًا أو دار نشره يقفان بعيدًا عن إحياء قصيدة ولدت ميتة؟
 
الله أعلم، لأن التفتيش فى النيات أمر خطير ننأى بأنفسنا عنه.
 
يقول مطلع القصيدة: 
 
«طِلْعَت الشُمّيسهْ
على شَعَرْ عيشهْ
عيشه بنت الباشا
تِلْعَبْ بالخرْخاشةْ!
صاح الديك بالبستانْ
الله يلعن السلطانْ».
 
يشهد كل الذين لهم بصر بالعربية ويتمتعون بنعمة التذوق بأن الشعر الذى فى أغنية «طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة» أرقى وأعذب من نثر «سعدى» البارد، الذى لا تأتيه حرارة الشعر من بين يديه ولا من خلفه.
 
ثم يسترسل فى وصف « عيشة» الجميلة مثل إيرلنديّةٍ، والشَّعْرُ أحمرُ، وكيف أنها كانت طفلة تلعب بالدمى، ثم راحت تستجير بسعدى لكى ينقذها من مصيرها!
مرة ثانية أين الشعر فى هذا النثر البارد؟!
 
وكأن «سعدى» كان يدرك- بذائقته القديمة- أن كلامه مجرد كلام ولن يحقق له ما يريد من ضوء يشتهيه، فقفز قفزةً رعناء طالت الرسول ذاته: 
 
«وأحياناً يرى ما بين ساقَيها، صلاةً، هكذا
ذاقتْ عُسَيلَتَهُ، وذاقَ محمدٌ، دبِقاً، عُسَيلَتَها».
هل هذا هو التابو الذى يسعى «سعدى» لكسره؟
 
ما أشد بؤس شاعر كان ثم أصبحت نيران شعره رمادًا باردًا فراح يستجدى أى دفء بأى ثمن كان.
 
ما سبق هو سخافة لا شعرًا، وعلى «سعدى» أن يحترم ماضيه الشعرى ويبحث لنفسه عن دور غير هذا الدور الذى يؤديه على مسرح، وعلى فلان الغاضب المتحمس ألا ينزلق للمطالبة بتكفير «سعدى»، دعوا الرجل وشعره يموتان بالسكتة الجماهيرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة