الرهاب الاجتماعي.. الأسباب والعلاج

الثلاثاء، 26 مارس 2019 10:00 ص
الرهاب الاجتماعي.. الأسباب والعلاج
الرهاب الاجتماعي

 
اضطراب القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي.. هو نوع من الاضطرابات التى تحدث للفرد عندما يتعرض للحديث لأول مرة أمام أشخاص لا يعرفهم فيشعر بالخوف والتوتر الزائد، وفي المواقف التي يشعر فيها الشخص أنه تحت المجهر أو داخل حلقه التركيز وأن الكل ينظر إليه، فيخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يخطيء أو يتلعثم مما يؤدي به للارتجاف والخفقان وضيق التنفس وجفاف الحلق والتعرق.
 
عندما تحدث هذه الأعراض في موقف ما فإن المرء يخاف ويتجنب المشاركة في المواقف الاجتماعية والدخول في مناقشات، ما يزيد من مخاوفه ويضعف ثقته بنفسه، فيجعله سلبيا وعرضة لهذه المشاعر في المستقبل ما يزيد الحالة سوءا وتعقيدا.
 
يبدأ هذا الاضطراب مبكراً في سن الطفولة أو بداية المراهقة حيث تبدأ معظم الحالات في الظهور عند سن الخامسة عشرة تقريبا. وقد وجدت دراسات مختلفة أن هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب: ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء، ومرة أخرى بين 12-17 سنة على شكل مخاوف من النقد والتقويم الاجتماعي، وتظهر بشكل ملحوظ في سلوك الاناث أكثر من سلوك الذكور، وتندر الإصابة به بعد الخامسة والعشرين من العمر.
 
وبالرغم من أن الإصابة بالرهاب الاجتماعي تحدث في هذه المراحل المبكرة إلا أنه يعتبر أيضا من الاضطرابات النفسية المزمنة التي قد تستمر عشرات السنين والتى تؤثر بصورة سلبية على حياة الشخص اليومية، والاجتماعية والعملية، ومع ذلك فإن المصابين بالرهاب الاجتماعي حتى مع علمهم بهذه الحالة قد يتأخرون في طلب العلاج سنين عديدة، إما بسبب خجلهم من الحالة نفسها أو خوفاً من مواجهتها والاعتراف بوجودها.
 
لا شك أنه خلال هذه السنين من المعاناة والألم النفسي فإن المريض بالرهاب الاجتماعي يتعرض لسلسلة من المشكلات والخسائر الاجتماعية والمادية والمهنية والصحية بسبب خوفه من التقدم واثبات ذاته امام الجميع، مما يصح معه تسمية هذا الاضطراب بـ «الإعاقة النفسية». هذه الإعاقة التي يسببها الرهاب الاجتماعي، يساهم فيها المريض بنفسه، نتيجة لمحاولاته إخفاء علته حتى عن المختصين في المؤسسات العلاجية أحياناً أو خوفه من الافصاح عن هذا المرض مما يحرمه التعاطف والدعم الذي يحظى به المعاق جسديا.
 
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن 80% من مرضى الرهاب الاجتماعي يعانون من أمراض نفسية أخرى من أبرزها: القلق والفزع ورهاب الساحة (45%)، أنواع أخرى من الرهاب والمخاوف (59%)، استخدام الكحول (19%)، الاكتئاب النفسي (17%). وفي كل الحالات فإن حدوث الرهاب الاجتماعي يسبق وجود هذه الاضطرابات مما قد يوحي بوجود علاقة سببية بينها. كذلك فإن الرهاب الاجتماعي يرتبط بنسبة كبيرة من التأخر أو التدهور الأكاديمي والنجاح الوظيفي،  فيحرم الشخص من اثبات ذاته وتحقيق ثقته بنفسه، وذلك لما يسببه الرهاب الاجتماعي من فوات للفرص التي يمكن أن تؤدي للتقدم والترقي في سلم العلم أو الوظيفة، فيجعل الفرد سلبيا في حياته نتيجه الخوف من ابداء رأيه والمطالبه بحقه.
 
الرهاب الاجتماعي
 
علاج هذه الحالة لدى الطبيب النفسي على شكل أدوية مضادة للمخاوف وهي على العكس مما يعتقد البعض تعتبر عديمة المخاطر والمضاعفات ولا تؤدي إلى الإدمان أو التعود. كذلك لا غنى في العلاج عن جلسات العلاج النفسي التي تعتمد على الاسترخاء والمواجهة المتدرجة وتأكيد الذات وبناء الثقة بالنفس ويدعى ذلك العلاج السلوكي المعرفي، بجانب ذلك فان البيئه التى تحيط بالفرد تساعده كثيرا على التخلص من هذا المرض، فللبيئة عامل نفسى كبير وفعال وايضا الدعم المعنوى من الافراد المقربين من مريض الرهاب الاجتماعى يسانده على تخطى هذه المرحلة.
 
أسباب الرهاب الاجتماعي
 
تعد التربية أو التنشئة الخاطئة للفرد خاصة في المجتمعات التي يسودها التحفظ أو تطغى عليها الأبوية والتسلط والبيئه التى ترفض إبداء الرأى والتعبير عنه، فينشأ الفرد وهو يراقب كل حركاته وسكناته، فهذه نتيجة حتمية للتخويف من الناس ومن المجتمع «حذار أن يراك الناس»، «ماذا يقول الناس عنك» فلا يتصرف بكامل الحرية ويشعر دائما بالخوف ولا تكون له الإرادة المطلقة في هذا التصرف، ولكن يبقى يراقب أعين المجتمع باستمرار وهكذا ينشا مرض الرهاب الاجتماعى لدى الفرد.
 
إضافة إلى ذلك فقد يتعرض الفرد إلى التعنيف اللفظي والجسدي المبالغ فيه سواء داخل الأسرة أو في المجتمع، في المدرسة مما يزيد الأمر تعقيدا، ومن أهم العناصر التي يهملها الآباء أثناء عملية التربية هي العمل على زرع الثقة في نفوس أبنائهم، والعكس فلربما وجدنا بعض الآباء والأمهات يسخرون من أولادهم ويذكرونهم بقبائحهم باستمرار الجسدية منها والمعنوية.
 
فتجد الأب يقول لابنه: «أنت كسول.. أنت جبان.. أنت غبي، وتقول الأم لابنها أولابنتها «أنت قبيحة الوجه»، «أنت أسنانك كذا، أو أنفك، أو...» دون مراعاة للمشاعر البريئة خاصة في فترة الطفولة وخلال العشر سنوات الأولى من العمر وخلال سنين المراهقة، وينشأ عن هذا نوع من الخجل المبالغ فيه خاصة أمام الناس بمعنى أن يصير الفرد ينظر إلى نفسه نظرة دونية ومن هنا يبدأ الداء أيضا، ومن مضاعفات ذلك أن ينشأ قلق تنطبع به شخصية الفرد دون معرفة أي سبب له ثم يولد ذلك حب الفرد للعزلة والانطواء على النفس ويدخل الفرد في صراع مع نفسه لا يدري له أي مبرر.
 
أعراض الرهاب الاجتماعي وبعض تأثيراته على الحياة السليمة للفرد أحب هنا أن أن أركز على بعض الأعراض غير المعروفة لدى كثير من الناس لأن أعراض الرهاب كثيرة ومنها: إضافة إلى الخجل والخوف من الناس وخاصة التجمعات لأكثر من شخصين والانطواء والكآبة المستمرة والملل الدائم والقلق والوساوس والشرود والهم الدائمين والنحافة الجسدية عند أكثر المصابين بالرهاب هناك أيضا:
 
- النظر بتوجس وريب إلى الناس
 
النظر إلى الأشخاص دائما يكون حادا
 
التعامل بطريقه محدودة مع الناس والمجتمع في العلاقات الاجتماعية حتى الضرورية منها
 
المصاب بالرهاب غالبا يخاف من التعبير عن رأيه وهو شديد المداراة للناس (هذا ناتج عن عدم ثقته بنفسه وأيضا الخوف من محاسبة الناس له)
 
تصرفات المصاب بالرهاب تتسم بالتناقض فهو يحب ويكره في نفس الوقت مثلا
 
مع مرور الوقت تضعف الذاكرة وينحل الجسد
 
ومن أعراض الرهاب الاجتماعي الجسدية بالإضافة إلى النحافة هناك تسارع للنبض، الشعور بالغثيان أحيانا خاصة أمام الجمهور، في الحفلات والمناسبات أو الأسواق، إضافة إلى فقدان الشهية، والحاجة إلى الجنس، وكل هذا يرجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي الذي برمجة صاحب المرض على ذلك بمرور الوقت.
 
يشعر المريض بالندم دائما نتيجة تصرفاته فهو شديد المراقبة لها مع الناس ويقول دائما: «ليتني ما تكلمت.. ليتني ما فعلت».
 
لا يستطيع الفرد على ذلك بناء علاقة اجتماعية قوية وصادقة مع أي إنسان حتى مع أقاربه، فهو يشك في كل شيء.
 
يميل المريض عادة إلى إعطاء الأمور حجما يفوق حجمها نتيجه خوف من مراقبة الناس له، وأحيانا يقع في التناقض كما أسلفنا فقد يرى الشيء التافه أمرا في غاية الخطورة ويرى المصاب الجلل تافها.
 
الرهاب الاجتماعي
 
العلاج
 
لا تزال كثير من أمراض النفس البشرية قيد البحث والدراسة ورغم تطور علم النفس الحديث إلى أنه لم يجد الحل النهائي للكثير منها كالرهاب الاجتماعي، ورغم تصنيف الأطباء لهذا النوع من المرض على أنه نزول خفيف أو اكتئاب خفيف يمكن السيطرة عليه خاصة عند البداية إلى أن كثير من الدراسات تحذر من تعقد حالة المريض الذي لم يستطع العلاج وتحذر من الإهمال أو التفريط في العلاج فما هو العلاج المثالي للرهاب؟
 
من خلال التجارب مع المرضى فإن العلاج الأنجح هو العلاج السلوكي الذي يبدأ بتصحيح نظرة المريض الخاطئة وأحكامه على نفسه وتصحيح نظرته إلى الناس، وإلى المجتمع، يجب على المريض أن يخالف خوفه، أن يقتحم العالم الذي يخاف منه بالتدريج، وأيضا للبيئه التى يعيش فيها الفرد دورا رئيسيا في العلاج فهى تمد الفرد بما يحتاجه من شعور نفسى واجتماعى يساعده على استرجاع ثقته بنفسه وتحقيق ذاته، فوجود أشخاص بجانب المريض وتشجيعهم له يعطيه مزيدا من الثقة والقدرة على التحدث والمناقشة وبالتالى يشعر الفرد بالثقة تدريجيا إلى أان يتخلص من ذلك المرض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة