الشيخ المعصراوي وحقيقة فيروس كورونا والإلحاد!

الإثنين، 27 يناير 2020 10:33 ص
الشيخ المعصراوي وحقيقة فيروس كورونا والإلحاد!
أيمن عبد التواب يكتب :

بينما المراكز البحثية، والمعامل العلمية في العالم مشغولة بحقيقة فيروس كورونا، وإيجاد مصل ناجع ينقذ البشرية منه، توصل الدكتور أحمد المعصراوي، إلى حقيقة الفيروس، وأنه- باختصار- «عقاب إلهي»! نعم، عقاب من الله المنتقم الجبار لدولة الصين؛ بسبب الجرائم البشعة والمجازر الوحشية التي ارتكبتها مع مسلمي الإيجور، وعزلهم عن عن العالم!
 
الشيخ الدكتور أحمد عيسى حسن المعصراوي- شيخ عموم المقارئ المصرية سابقًا- كتب- على حسابه الخاص بموقع تويتر- تغريدة قال فيها: «بعد أن عزلت الصين اكثر من 5 مليون مسلم من ‎#الايغور.. اليوم العالم كله يعزل الصين بسبب إنتشار وباء ‎#كورونا القاتل بين الصينين وخوف من انتشار العدوى.. {وما ربك بظلام للعبيد}»!
 
هذا هو تفسير الدكتور المعصراوي لفيروس كورونا.. وهو تفسير يريح أمخاخ الجهلاء، والكسالى، والدراويش، والمستسلمين، والمتواكلين، الذين يركنون عقولهم، ولا يأخذون بالأسباب، ويرمون كل شيء على المشيئة الإلهية، وهي كذلك، ما من شك.. لكن، أليس الله وقرآنه الحكيم ورسوله الكريم، أمرونا بأن نأخذ بالأسباب؟ وإذا كان هذا هو تفسير ورأي أستاذ كان يدرس لآلاف الطلاب، فماذا يقول أنصاف المتعلمين، والأميين؟
 
كلام الدكتور المعصراوي عن فيروس كورونا لاقى صدىً كبيرًا من «السطحيين» والمغيبين، من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، فسارعوا بمشاركته على صفحاتهم، ظنًا منهم أنهم يحرزون أهدافًا في مرمى الصين، وسيجعلون منها عبرة لمن يعتبر!
 
ظني، أن «تفسير المعصراوي» ربما يكون سببًا من أسباب الخنوع والخضوع والانهزامية أمام الأعداء، إذ ربما يظن المسلم أن الله سينتقم له من عدوه، وهو نائم، و«مأنتخ» ويلعب «جيمز» من خلال هاتف ذكي صنعه الأعداء، ناسيًا، أو متناسيًا أن الله- عز وجل- قال لنا: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، وقال- بشأن مَنْ يعتدي علينا: «وقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم»، فما القوة التي أعددناها لإرهاب أعدائنا، ونحن نستورد منهم الأسلحة «القديمة» التي- بالكاد- تكفي للدفاع عن أنفسنا، أو قتال بعضنا بعضًا؟!
 
‏‎فهل هذا «آخر» الدكتور المعصراوي وأمثاله من علماء الاستهجان، والاستنكار والشجب، أن ينتظروا مرضًا يصيب أعداءهم، أو وباءً يحصد أرواحهم؛ حتى يخرجوا علينا ليقولوا إن الله ينصر عباده المسلمين؟ أتحفظون فقط «وما ربك بظلام للعبيد»، وتتناسون قوله- تعالى: «وإن تولوا يستبدل قوما غيركم ثم لايكونوا امثالكم» و«إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»؟ 
 
مشكلة «تفسير المعصراوي» وأمثاله لفيروس كورونا أنه يغلفه بـ«غلاف ديني»، ويختمه بآية قرآنية: «وما ربك بظلام للعبيد».. وهذا الكلام قد يكون أحد منافذ الشيطان للإلحاد؛ لأنه تحدث في أمر «علمي بحت»، يخص أهل العلم والطب، وصدَّره للعامة- خطأً- باسم الدين.. وهنا ربما يتساءل المرء: وما دخل الدين في وباء كهذا؟‏ ولماذا يعاقب الله أناسًا بهذا الفيروس، وهم لم يشاركوا في تعذيب مسلمي الإيجور؟ وإذا وصل الفيروس إلى منطقة شينجيانغ التي يسكنها الإيجور، فهل سيكون عقابًا لهم أيضًا؟ 
 
وماذا عن عشرات الآلاف من المصريين والعرب، وغيرهم من الأبرياء في الصين.. هل سيكون «كرونا» عقابًا لهم؟ وهل الفيروس سيقول لمسلمي الصين: «اطمنوا، أنا مش جايلكم أنتم.. أنا جاي للي عذبوكم»؟ ولماذا لم يعزل الله تركيا؛ انتقامًا للآلاف الذين قتلهم أردوغان في سوريا؟ ولماذا لم ينتقم الله من أمريكا وإسرائيل عقابًا لما ارتكبوه ويرتكبونه- حتى هذه اللحظة- في فلسطين، والمسجد الأقصى؟
 
وإذا كان الأمر بسيطًا- هكذا- فلماذا لم ينتقم الله لنا، ويعيد إلينا الأندلس، وينتقم للآلاف الذين قتلوا في «بلاط الشهداء»؟ ولماذا لم ينتقم من العاملين بصحيفة «يولاندس بوستن» الدنماركية، التي نشرت رسومًا كاريكاتورية مسيئة للنبي- صلى الله عليه وسلم- في 2005، وكذلك صحيفة «شارل إبدو» الفرنسية، التي ارتكبت الجرم ذاته عام 2015؟ وماذا عن «الدواعش» الذين هتكوا الأعراض، واغتصبوا النساء، وقتلوا، وذبحوا، وحرقوا باسم الدين؟ 
 
والسؤال المهم الموجه للشيخ المعصراوي وأمثاله: ماذا تقولون عن وجود حالات إصابة بفيروس كورونا عام 2015 في عدد من الدول العربية، منها مصر والسعودية والأردن وقطر والإمارات والكويت وتركيا وسلطنة عُمان والجزائر؟ هل تقولون أيضًا: وما ربك بظلام للعبيد»؟ ثم- بالله عليكم- ‏‎ما دخل الشعوب بالحكومات الظلمة، أو الحكام الطغاة؟ ومن فوضكم للحديث باسم الله، وتقرروا أن هذا عذاب وانتقام، وذاك عدل وانتصار؟ 
 
يا مولانا.. إن أهل العلم والاختصاص، يقولون إن فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية المعروفة اختصارًا بـ MERS-CoV أو EMC/2012، هو فيروس ذو حمضٍ نووي ريبوزي مفرد الخيط، إيجابي الاتجاه ينتمي لجنس فيروسات كورونا بيتا.. وعندما ظهر في 2012 أُطلق عليه اسم فيروس كورونا الجديد.. فهل عندكم تعريف ديني لهذا الفيروس؟ 
 
يا مولانا.. إن كورونا قد يكون شأنه شأن فيروسات كثيرة تفشت في العالم، مثل وباء «الإنفلونزا الإسبانية» الذي اجتاح العالم عام 1918، وأودى بحياة أكثر من «30 مليون إنسان».. و«الإنفلونزا الآسيوية» عام 1957، و«إنفلونزا هونج كونج» عام 1968، وحصدتا أرواح «مليوني نسمة».. و«إنفلونزا الخنازير» التي حصدت أرواح نحو 600 ألف عام 2009.. فهل هذه الفيروسات فرقت بين مسلم وغير مسلم؟ هل استثنت الأطفال والنساء والشيوخ؟ وهل أصابت الظالمين فقط وأودت بحياتهم، وتركت العادلين الودعاء الطيبين؟
 
يا مولانا.. الوباء إذا تفشى يقتل ويصيب الجميع، بمن فيهم مسلمي الإيجور.. وإلا ما كان الفاروق عمر بن الخطاب، يعود من طريقه إلى بلاد الشام، بعد علمه بتفشي الطاعون هناك، وقال: «نفر من قضاء الله إلى قدر الله»، ولم يقل إنه الخليفة العادل، وصاحب الرسول، ومبشر بالجنة، وأن الطاعون لن يصيبه.. فأمير المؤمنين توكل على الله، آخذًا بالأسباب، وكان يمكنه أن يقول: «وما ربك بظلام للعبيد».. لكنه لم يقلها..
 
يا مولانا..‏ كفاكم حديثًا باسم الله.. ولا تضعوا أنفسكم موضع رب العباد.. فالله هو الرحمن الرحيم، وهو المنتقم الجبار.. وهو الذي حرم الظلم على نفسه، وجعله مُحَرَّمًا بيننا.. وليس من الأدب والدين أن نلمح حتى دون أن نصرح بأنه- تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا- يمارس انتقامًا جماعيًا.. فليس ثمة ربطٍ عقلي ومنطقي بين قضية الإيجور وفيروس كورونا.. أليس كذلك يا شيخ معصرواي؟!

 

تعليقات (1)
الله ينتقم من الظالمين
بواسطة: مسلم مؤمن بعدل الله
بتاريخ: الثلاثاء، 25 فبراير 2020 12:34 ص

ما قاله الشيخ المعصراوي ليس هرطقة ولا هو من باب الاماني. انه استنتاج سليم للعظات والعبر التي يرويها القرآن عن طغيان الامم الكافرة السابقة. والله الذي أنزل القرآن ، والذي اخبرنا عن انتقامه من الظالمين ، وعن نصره لعباده المؤمنين المستضعفين في السابقين قادر على نصرة عباده المؤمنين اليوم .... وقادر على ان يعطي الظالمين درسا قاسيا لعلهم يتوقفون عن ظلمهم. إن كل من ينفي حدوث ذلك اليوم هو غير مؤمن بالقرآن ، ولا يفهم رأسه من رجليه. وأن الذي ينكر قدرة الله اليوم على نصرة الحق ، والانتقام من الظالمين فإنه يفتري على الله بوصف الله بصفة العجز. اللهم انتقم لعبادك المؤمنين في الصين وفي غير الصين. اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك ، واجعلهم عبرة للمعتبرين.

اضف تعليق