دقيقة حداد على "شبكة القرآن الكريم"!

الأربعاء، 25 مارس 2020 07:59 م
دقيقة حداد على "شبكة القرآن الكريم"!

لكل شئ إذا ما تمَّ نقصانُ، هذه سُنة الله فى كونه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً، ويبدو أيضاً أن هذه هى حال شبكة القرآن الكريم التى تحتفل اليوم بالذكرى السادسة والخمسين لإنشائها، فقد انطلقت بتوجيه رئاسى فى العام 1964. وخلال أكثر من 5 عقود أسهمت الإذاعة الإسلامية الأولى على مستوى العالم بأدوار أخلاقية وتربوية واجتماعية. وعبر أثيرها أبدع القراء المصريون فى تلاوة كتاب الله ترتيلاً وتجويداً، والعلماء المصريون شرحاً وتفسيراً، وظلت شريكاً لكثير من المسلمين فى حياتهم تعليماً وتهذيباً، ومن خلالها لمعت أصوات إذاعية، تجمع بين رصانة اللغة وقوة الأداء وغزارة المعرفة وثراء الاطلاع، وتناوب على إدراتها إذاعيون من طراز فريد، قبل أن يدور الزمن دورته، وينالها ما نال الكون كله من بلاءات وابتلاءات، ويتراجع إداؤها، ويتركها جمهورها، رغم أنها -بلغة الأرقام-  يجب أن تكون فى عنفوانها وقمة عطائها وتوهجها.
 
فى الساعات الأولى من احتفالها باستقبال عام جديد من عُمرها، لم ينشغل القائمون على أمر الشبكة بتكريم الكبار الذين صنعوا اسمها، وبالتفكير جدياً فى تصويب أخطائها التى تراكمت فى السنوات الأخيرة، والتعهد لمستمعيها بأن يكون القادم أفضل، ولكنها استهلته  بواقعة تحتمل كثير من التوصيف السيئ والدلالات المريبة، وتنذر بأن المستقبل لن يكون على ما يُرام!
 
أما التفاصيل.. فإن أحد مذيعى الشبكة، والذى يعمل فى الوقت نفسه متحدثاً رسمياً لـ "وزارة الأوقاف"، وهو ما يُعرف بـ "تضارب المصالح"، استضاف  وزير الأوقاف للحديث عن ماضى وحاضر ومستقبل الشبكة، وكأنه الراعى الرسمى والحصرى لها، وكأنه صاحب الفضل فى تدشينها ودعمها وتطويرها وتوصيل صوتها إلى عموم العالم الإسلامى، رغم أن الشبكة نفسها أكبر من الوزير بثلاث سنوات!
 
 هذا اللقاء الذى لم يستغرق أكثر من 5 دقائق، بما تضمنه من لغة منبطحة، كاشفٌ ودالٌ وفاضحٌ لمستقبل الشبكة الإذاعية الأشهر التى يبدو أنها تتعرض أو تعرضت بالفعل لعملية اختطاف حقيقية، ومن حقك تسألنى لماذا؟ ومن واجبى أن أجيبك: لأن اللغة التى استخدمها المذيع، "وهو ليس صغير السن"، فى حواره مع "وزيره" جاءت لغة خاضعة خانعة ذليلة مُهينة، وردود وإجابات "الوزير"  بدت سمجة نرجسية مغرورة .
 
 القائمون على إدارة الشبكة يعلمون أن هذا المذيع المُستضعف يعمل لدى الوزير بحوافز مادية ومعنوية، ومن ثم فإن اختياره لإجراء هذا الحوار "غير المهم" ينطوى على حالة من التواطؤ غير المبرر، وجميعها سلوكيات لا ينبغى أن يكون لها وجود داخل الإذاعة التى يجب أن تعلم الناس مكارم الأخلاق، وليس سيئها!
 
ينبطح المذيع، ويحرث الأرض، خلال الحوار، ويُمهدها لرئيسه "وزير الأوقاف" الذى ينسب لنفسه فضلاً لا وجود له، حيث قال إن برنامجه "خاطرة دعوية"، الذى اُبتليت به الإذاعة مؤخراً، أسهم فى الارتقاء بمستواها، ويصب فى تجديد الخطاب الدينى، ولا أعلم أى خطاب وأى تجديد يقصده "صاحب المعالى"، بل إنى أدعو أهل العلم المخلصين الذى لا يخافون فى الله لومة لائم إلى تقييم برنامج الوزير، الذى يُذاع أكثر من عشر مرات يومياً، تقييمه تقييماً علمياً،ولن أصادر عليهم وأؤكد أنه لا يصلح بلغته الركيكة وأحاديثه الضعيفة وأدائه المرتبك أن يكون ضمن برنامج إذاعة مدرسية.
 
هذه الواقعة المريبة المُشينة أهديها إلى من يهمه أمر شبكة القرآن الكريم، متمنياً عليهم العمل على تطهيرها وتهذيبها وإعادة الوقار المفقود إليها وتحريرها من أسر الوزير ومعاونيه ومساعديه وأذرعه وميلشياته.. تحركوا أثابكم اللهُ، قبل أن نقف جميعاً دقيقة حداداً فى ذكراها المقبلة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق