وتعتبر عمليات التحول باهظة التكلفة، ومع أننا نحوز أدوات السياسات العامة والمؤسسات اللازمة للتخفيف من آثار الذكاء الاصطناعى بشكل فعال، فإننا سنحتاج أيضاً إلى أدوات جديدة. ويشمل ذلك وضع سياسات ولوائح مالية جديدة لضمان أن تعود زيادة الإنتاجية بالنفع على العمالة بقدر ما تفيد رأس المال. ولابد من دراسة إعادة التوزيع والتوزيع المسبق، كما يسميه أنغوس ديتون فى كتابه "الاقتصاد فى أميركا"، بعناية لكى نضمن تجنب الزيادة الكبيرة فى عدم المساواة التى شهدناها خلال الثورات التكنولوجية السابقة، وحماية المؤسسات الديمقراطية.
وفى نهاية المطاف، بحسب التقرير فإن تحديد عدد فرص العمل التى يتم توفيرها مقابل الوظائف التى تختفى، وأى فئة من العمالة تواجه أكبر قدر من التغيرات، وكيف يعزز الذكاء الاصطناعى التشغيل الآلى عبر مختلف الصناعات، وأين توجد هذه الصناعات، ستعتمد جميعها على خيارات السياسات التى نعتمدها اليوم. وحتى إذا كانت الاقتصادات المتقدمة ستتأثر بشكل خاص فى البداية، فإن الاقتصادات النامية، والتى يندر فيها رأس المال والعمالة عالية المهارات وترتفع فيها الضغوط الديموغرافية، ستتأثر أيضاً فى نهاية المطاف.
وفى حين أننا لا نستطيع التنبؤ على وجه اليقين بمدى قدرة الذكاء الاصطناعى على تغيير الأمور، يمكننا أن نكون متيقنين أنه يحمل وعداً بتغيير جذرى، وهو التغيير الذى يمكننا أن نحدد شكله وأسلوبه، وكما يقول دارون أسيموغلو وسيمون جونسون الأستاذان فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فى كتابهما "القوة والتقدم"، فإن "الرخاء المشترك لم يظهر إلا عندما تم إبعاد اتجاه التقدم التكنولوجى ونهج المجتمع نحو تقسيم المكاسب بعيداً عن الترتيبات التى تخدم القلة فى المقام الأول." لذلك، دعونا نعمل على ضمان استفادة الجميع من الثورة التكنولوجية الأخيرة للذكاء الاصطناعى.