حرب تجارية تلوح في الأفق بين زيمبابوي وجنوب إفريقيا

الإثنين، 08 فبراير 2016 07:56 ص
حرب تجارية تلوح في الأفق بين زيمبابوي وجنوب إفريقيا
صورة موضوعية

قدمت جنوب إفريقيا، أكبر دولة شريكة لزيمبابوي والمسؤولة عن تصدير 70% منتجاتها إلى داخل هذه الدولة، شكوى إلى حكومة زيمبابوي التي فرضت قيودًا على عمليات الاستيراد.

فمن جانبها، أعلنت زيمبابوي فرض تعريفات جمركية على الواردات القادمة من جنوب إفريقيا، لحماية منتجيها المحليين، بما يمثل انتهاكا للاتفاقات المبرمة بين البلدين، وهو الأمر الذي ينذر بنشوب حرب تجارية بينهما.

كانت الواردات القادمة من جنوب إفريقيا شهدت قفزات حادة خلال العام الجاري تأثراً بالتراجع الملحوظ في قيمة العملة المحلية الجنوب أفريقية (الراند) مقابل الدولار الأمريكي.

وقد أدى انخفاض قيمة عملة الراند إلى تراجع أسعار السلع المنتجة داخل جنوب إفريقيا مقارنة بمثيلاتها المنتجة في زيمبابوي، الأمر الذي دفع المستهلكين إلى اقتناء السلع المستوردة، مما أدى إلى تعالي صرخات المصنعين المحليين الذين جأروا بالشكوى جراء بوار منتجاتهم وعدم الإقبال عليها في الأسواق.

وقدمت جنوب إفريقيا شكواها إلى وزير الصناعة والتجارة في زيمبابوي مايك بيمها، أثناء مؤتمر أخير استضافته بوتسوانا، لتجمع تنمية بلدان الجنوب الإفريقي SADC، الذي ضم وزراء التجارة في المجموعة لمراجعة السياسات التصنيعية في المنطقة، في أعقاب مجموعة التدابير الضريبية التي قوضت منافسة منتجات جنوب أفريقيا في الأسواق المحلية بالمنطقة.

في سبتمبر من العام الماضي، أوقفت شركة MAQ، الجنوب إفريقية المصنعة لمسحوق الغسيل، وصاحبة العلامة التجارية الشهيرة في زيمبابوي، تصدير منتجاتها إلى هراري، في أعقاب فرض الحكومة ضرائب إضافية نسبتها 40% دون سابق إنذار.

المراجعة التي قامت بها زيمبابوي تعني أن هناك زيادة نسبتها 30% كضرائب إضافية مقارنة بمعدل 10% كانت مفروضة في السابق، وكان تأثير ذلك هو زيادة أسعار مسحوق الغسيل المصنع في جنوب إفريقيا والمباع في زيمبابوي، ما أدى إلى خروجه من حلبة المنافسة أمام المنتجات المحلية في زيمبابوي، فضلًا عن انتهاك ذلك لبنود اتفاقات التجارة الحرة التي تتبناها الدول الأعضاء في تجمع "سادك".

ويقضي البروتوكول الخاص بتجمع "سادك" بإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدول الأعضاء في التكتل والبالغ عددها 15 دولة، والتي تضم جنوب إفريقيا وزيمبابوي.

وقال وزير التجارة الزيمبابوي بيمها، في مؤتمر مع تجمع لتجار التجزئة في العاصمة هراري، إن وزير التجارة الجنوب أفريقي عبر شخصيا عن تحفظه بشأن المعايير الحمائية التي طبقتها زيمبابوي أثناء لقاء جمعهما في بوتسوانا.

وأكد الوزير أنه دافع عن قرارات رفع المعدلات الرامية إلى حماية المنتج المحلي، وشدد على "حق جنوب إفريقيا في أن تتقدم بالشكوى".
وأضاف، في كلمة ألقاها أمام حفل نظمه اتحاد تجار التجزئة في زيمبابوي، أن جنوب إفريقيا اشتكت أننا فرضنا سياسات حمائية، لكن رأينا في تلك المسألة تركز على أن صناعتنا مرت بمرحلة سيئة وصعبة، ونحن نريد لها أن تنمو.

وحذر وزير التجارة في زيمبابوي القطاع الإنتاجي في بلاده من أن الحكومة ستوفر الحماية له لفترة معينة، يتعين على القائمين عليه بعد تلك الفترة أن ينافسوا بقوة مع شركات جنوب أفريقيا الممولة بقوة، من خلال تقديم منتجات أقل سعر وأعلى جودة.

وقال بيمها: "لن نستمر في حمايتكم، فالمنافسة لا بد أن تستمر، فنحن سنقدم لكم الحماية لفترة محددة، عليكم تطوير المعايير التنافسية بدلا من التكتل وممارسة الضغوط، ولن نتمكن من خوض غمار المنافسة بسلع ذات جودة أقل وأسعار أعلى".

تحتل جنوب إفريقيا مكانة مهمة في منظومة التبادل التجاري لزيمبابوي فهي شريك تجاري مهم لها، إذ تستحوذ جوهانسبرج على نسبة 65% من فاتورة واردات زيمبابوي السنوية البالغ قيمتها 7 مليارات دولار.

ولزيمبابوي اتفاقات تجارية عديدة، كما أنها تأتي ضمن مجموعة من البلدان التي يتوقع لها الاستفادة من الاتحاد الأوروبي ودول الكاريبي ودول المحيط الهادي التي تدخل معها في مفاوضات من أجل توقيع اتفاقات تبادل تجاري وشراكة اقتصادية مع كل هذه التجمعات.

كان "مركز الجنوب" قد أفاد في تقرير أصدره في عام 2011 أن زيمبابوي ستفقد نحو 15.4 مليون دولار في صورة عائدات جمركية، لكنها ستجني 39.2 مليون دولار كتعريفات بموجب النظم العامة والأفضليات المطبقة من الاتحاد الأوروبي، المعروفة اختصارًا GPS.

وبموجب النظم العامة والأفضليات المطبقة من الاتحاد الأوروبي، فإن مصدري البلدان النامية يدفعون تعريفات أقل على بعض أو كل ما يبيعونه إلى الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي يتيح لهم قدرة نفاد إلى أسواق دول الاتحاد الأوروبي بما يسهم في تنمية اقتصادات بلادهم.

وهناك بعض الاتفاقات المبرمة تتعرض للانتهاك وتعرف طريقها إلى محاكمات مثيرة للجدل، ففي يونيو 2010، كتبت السفارة الألمانية لدى هراري إلى الحكومة الزيمبابوية محتجة على استمرار انتهاك اتفاق حماية الاستثمار بين البلدين، وحذرت من أن مثل تلك الممارسات قد تؤدي إلى الإضرار بالمساعدات المستقبلية التي تقدمها برلين.

جاء الاحتجاج الألماني في أعقاب قيام مهاجمين باقتحام ممتلكات تابعة لمواطنين ألمان يعيشون في زيمبابوي، وجاء في الخطاب التحذيري "إن السفارة الألمانية تابعت بقلق كبير بتعرض أملاك واستثمارات مواطنين ألمان في زيمبابوي للتهديدات، وهو ما يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي".

وحذرت الرسالة من عواقب تلك الممارسات على الاتفاقات والمساعدات المقدمة، فضلًا عن الاستثمارات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق