«الإداري» يلزم محافظ البحيرة برد 3 ملايين جنيه لـ150 مواطن

الإثنين، 23 مايو 2016 11:16 ص
«الإداري» يلزم محافظ البحيرة برد 3 ملايين جنيه لـ150 مواطن
محمد إبراهيم

قضت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية الدائرة الاولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ومحمود النجار وخالد شحاته ووائل المغاورى نواب رئيس مجلس الدولة، اليوم الاثنين ، ببطلان تحصيل محافظ البحيرة مبالغ 3 مليون جنيه على سبيل التبرع الاجبارى لـ 150 مواطنا بمختلف قرى ومراكز محافظة البحيرة كمقابل لمنحهم تراخيص بناء، وما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزام المحافظ بان يرد للمواطنين تلك المبالغ المحصلة منهم دون وجه حق والزامه المصروفات.

بينما رفضت المحكمة الزام محافظ البحيرة برد 6 مليون جنيه لـ 250 مواطنا عجزوا عن تقديم صور رسمية مما يفيد تبرعهم بتلك المبالغ .

وقالت المحكمة انها هيأت لهم السبيل لاثبات دعواهم وكلفتهم على مدار عدة جلسات بتقديم صورة رسمية مما يفيد تبرعهم بتلك المبالغ الا انهم تقاعسوا عن تقديم ذلك فحرموا انفسهم من دليل على ادعاءات يلتزمون باثباتها ويضحى طلبهم فى غيبة من دليل على هذه الادعاءات قائما على سبب غير صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم برفض الزام المحافظ بدفع 6 مليون جنيه لـ 250 مواطن اخرين عجزوا عن اثبات دليل التبرع ، والزمت هؤلاء المواطنين المصروفات.

وأكدت المحكمة على انه لا يجوز للمحافظين اجبار المواطنين على التبرع لاستصدار تراخيص البناء لهم , كما اكدت على ان المشرع الدستورى حظر على المحافظين والوزراء تكليف المواطنين باداء اية رسوم الا فى حدود القانون مهما كانت مسمياتها والا اصبحت جباية بالمخالفة لاحكام الدستور.

كما اكدت المحكمة على ان الزام المحافظين باجبار المواطنين على التبرع يجعلهم يعزفون عن احترام السبل القانونية السليمة ويجعلهم فى مركز اسوأ ممن لا يحترم القانون.

وكشف القضاء الادارى عن احدى حالات الفساد فى ميدان الانشاء والتعمير باجبار المواطنين على التبرع للمحافظة مقابل اصدار التراخيص بما يتطلبه ذلك من اغفال عيونهم عن مخالفات البناء المعروفة التى ادت الى انتشار العشوائيات فى مصر وشوهت جمال البناء المعمارى الذى اشتهرت به مدن مصر الجميلة فى منتصف القرن الماضى.

وقالت المحكمة فى حيثيات الحكم ان المشرع الدستورى وضع اصلا عاما من مقتضاه عدم تكليف المواطنين باداء ضريبة الا اذا صدر بها قانون، اما الرسم وهو مبلغ من المال يجبيه احد الاشخاص العامة من افراد المواطنين نظير خدمة معينة تؤديها الدولة اليه فلا يجوز فرضه الا فى حدود القانون يكتفى فيه المشرع بتقرير مبدأ الرسم تاركا شروط دفعه وتحديد سعره الى سلطة اخرى، وانه باستقراء نصوص قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية فانها قد خلت من ثمة نص يجيز للمحافظين فرض تبرعات اجبارية على المواطنين مقابل الحصول على تراخيص البناء سوى الرسوم المقررة قانونا فى الشأن، ومن ثم لا يجوز للمحافظين تحصيل اية مبالغ اخرى من المواطنين تحت مسمى تبرع اوخلافه , اخذا بعين الاعتبار ان التبرع يجب ان يكون واضح الدلالة فى نية المتبرع ومقصده والا حاد المحافظ واجهزته التنفيذية والمحلية والادارية عن الاوضاع والاجراءات القانونية التى لا معدى من التقيد بها فى هذا المضمار , وقد كشفت سيل الدعاوى للمواطنين عن ان المحافظ فرض جبايته على المواطنين بصورة جماعية، وبهذه المثابة لا يجوز للمحافظ او اجهزته المحلية او الادارية تحصيل مثل هذه المبالغ تحت اى مسمى ولو كانت تبرعات لمجافاة ذلك احكام الدستور وعدم استقامته على سند صحيح من القانون.

وأضافت المحكمة، ان الدستور مايز بين الضريبة العامة وغيرها من الفرائض المالية سواء من حيث اداة انشاء كل منها او من حيث مناطها فالضريبة العامة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرا من المكلفين بادائها اسهاما من جانبهم فى تحمل الاعباء المالية دون ان يقابلها نفع خاص يعود عليهم من وراء التحمل بها ، فى حين ان مناط استحقاق الرسم قانونا ان يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها كمقابل لتكلفتها وان لم يكن بمقدارها ومن ثم يتعين ان تستند القرارات الادارية بفرض الرسوم الى قوانين تجيز لها هذا الفرض وان يكون ذلك فى حدود اجازتها والا كانت هذه القرارات باطلة دستوريا وتفقد اساس الالزام بها .

وذكرت المحكمة ان الثابت بالاوراق ان 150 مواطنا بمختلف قرى ومراكز محافظة البحيرة تقدموا للادارة للحصول على تراخيص بناء الا انها قامت باجبارهم على تحصيل مبالغ مالية مقدارها 3 مليون جنيه كل بمبلغ يختلف عن الاخر على سبيل التبرع , وقدموا للمحكمة صور رسمية مما يفيد ذلك , حال ان الدستور لا يجيز للمحافظين اجبار المواطنين على دفع التبرعات مقابل اداء خدمات لهم ، وبهذه المثابة فان محافظ البحيرة يفرض اتاوة على المواطنين دون سند قانونى ترتب اثارا واعباء مالية على المواطنين الذين يحترمون القانون ويتقدمون بطلبات للحصول على تراخيص بالبناء , وهذا التصرف من جانب المحافظ يجعل المواطنون يعزفون عن احترام السبل القانونية السليمة فتنتشر ظاهرة البناء دون ترخيص وما يصاحبها من العشوائيات التى تنال من الكيان المعمارى الاصيل , فضلا عن ضياع الاموال والارواح نتيجة غياب الدولة عن الرقابة على اعمال البناء بل ان فرض الجباية على المواطن الملتزم باحكام القانون ليستصدر ترخيصا لمنزله يجعله فى مركز قانونى اسوأ من الاخر الذى لا يحترم القانون ولا يحصل على ترخيص بالبناء وهى نتيجة شاذة تأباها العدالة , فمن ثم يكون تحصيل المحافظ لذلك المبلغ جباية على المدعين دون سند من القانون مما يتعين معه الحكم ببطلان هذا التحصيل وما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزامه بان يرد لهؤلاء المواطنين تلك المبالغ المحصل منهم دون وجه حق.

واوضحت المحكمة انه من بين هذه الدعاوى الـ 150 الدعوى الصارخة المرفوعة من المواطن عمرو عبد اللاه المسارع الصادر لصالحه ترخيص البناء عام 2008 ببناء بدروم ودور ارضى وعشرة ادوار علوية الا ان الادارة اصدرت قرارا بوقف الترخيص بحجة فحص كافة المستندات وبناء على تعليمات من محافظ البحيرة وذلك دون ان تبين ماهية ثمة مخالفة وقعت من المدعى اثناء تنفيذه اعمال البناء طبقا للترخيص وكشفت اوراق الدعوى ان الجهة الادارية اصدرت قرارها بوقف الترخيص لاجبار المدعى على اصدار الشيك رقم 4507602 فى 15 / 10/ 2009 المسحوب على البنك الاهلى سوسيتيه جنرال والذى تم تحصيله بمبلغ خمسمائة الف جنيه وفى ذات اليوم 15 / 10 / 2009 حررت الجهة الادارية كتابين الى كل من المدعى ومأمور قسم شرطة بندر دمنهور تخطرهما بان الاسباب التى تم بمقتضاها وقف اعمال الترخيص البناء الممنوح للمدعى قد انتفت وان الوحدة المحلية بدمنهور ليس لديها ما يمنع من استئناف الاعمال وطلبت من مأمور قسم شرطة دمنهور رفع الحراسة عن العقار ملك المدعى الامر الذى يتضح معه جليا ان تحصيل جهة الادارة لمبلغ خمسمائة الف جنيه من المدعى ثمنا بخسا لاهدارها لمبدأ المشروعية واكراها ماديا ومعنويا للمدعى فى اسوأ صوره لتحصيل ايرادات غير مشروعة تثرى بها الخزانة العامة على حساب حقوق المواطنين ومنهم المدعى الحاصل على ترخيص بالبناء مطايق للقانون مما يؤدى الى سقوط الجهة الادارية فى الدرك الاسفل من قاع هاوية الجباية غير المشروعة ومساومة المواطنين على حقوقهم واهدار تلك الحقوق فى حالة عدم سداد الاتاوة لها وهذا بلا شك مسلك مشين ومخز وفاضح ما كان يجب لجهة الادارة السقوط فيه ولا يستقيم مع دولة القانون ويصلح فقط لدولة تسود فيها شريعة الغاب مما يضحى معه سلوك الجهة الادارية باجبارها للمدعين بسداد مبالغ قسرا عنهم افتئاتا صارخا على حقوق المواطنين .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق