معركة الموصل تعيد رسم خريطة العراق

الأحد، 28 أغسطس 2016 03:58 ص
معركة الموصل تعيد رسم خريطة العراق

في إطار الحشد لمعركة الموصل التي طال انتظارها، بسطت البيشمركة الكردية سيطرتها على مزيد من المناطق شمال العراق زاعمة أنها صارت جزءا من الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي.

التحركات الكردية زادت من توتر العلاقات بين الأكراد وحكومة بغداد والميليشيات الشيعية، الحلفاء الألداء في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

خلال الآونة الأخيرة كانت فرق الهندسة الكردية تحفر خندقا بعرض ثلاثة أمتار وطول عشرين كيلومترا شرق الموصل، وسواتر ترابية بارتفاع مترين لتحولها إلى جبهة جديدة عقب استعادة السيطرة على قرية قرقشة والقرى المجاورة لها أوائل الشهر الجاري من قبضة تنظيم الدولة.

الواقع الحدودي الجديد الذي فرضه مقاتلو البيشمركة أثار المخاوف بنشوب مواجهات بين الأكراد والعرب بعد هزيمة تنظيم الدولة - كما هو الحال في سوريا حيث يوسع الأكراد من نطاق نفوذهم هناك.

فلاح مصطفى، رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان، أكد ما ذكره العديد من مسؤولي الإقليم من أن: "قوات البيشمركة ستواصل سيطرتها على كل المناطق التي حررتها".

تمكنت البيشمركة"، بدعم واسع من غارات التحالف الأمريكي، من السيطرة على أراضي تعادل 50 بالمائة من مساحة إقليم كردستان. وكانت أولى مكاسبهم بعد أيام من استيلاء مسلحي تنظيم الدولة على الموصل في صيف عام 2014 واجتياحهم وسط العراق في ظل انهيار الجيش العراقي، حيث تمكنت الميليشيا الكردية من السيطرة على كركوك، التي طالما زعموا انها جزء من كردستان.

ظاهر الأمر أن الخطوة جاءت لحماية المدينة من التنظيم المتطرف، لكن رئيس الإقليم مسعود برزاني سارع إلى الإعلان بأن المدينة ستدخل ضمن نطاق حكم الأكراد. من هناك واصلوا الضغط على التنظيم وتمكنوا من طرده والاستيلاء على عدد من المناطق المحيطة بكركوك.

تمكنت البيشمركة من السيطرة على مزيد من الأراضي في محافظة نينوى، حيث الموصل، قبل المعركة النهائية المتوقعة للسيطرة على المدينة. وغالبيتها مناطق تضم تجمعات كردية كبيرة تزعم حكومة الإقليم سيطرتها عليها منذ سنوات - لكن ليس جميعها وهو ما يعني دخول عدد من سكان هذه المناطق ضمن الهيمنة الكردية رغم أنوفهم.

بالمثل، استغل أكراد سوريا، الذين تعرضوا للقمع طويلا، فوضى الحرب الأهلية والحرب ضد تنظيم الدولة لإنشاء منطقة هيمنة كردية شمال البلاد.

النفوذ الجديد للقوات الكردية السورية، المعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية، أدى إلى توترات مع اللاعبين على الأرض هناك، بما في ذلك المعارضة العربية السنية وحكومة دمشق، وتركيا التي اضطرت إلى شن عملية برية عبر الحدود بهدف وقف التوسع الكردي على الحدود معها.

عقب استعادة قرية قرقشة العراقية، طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي البيشمركة بوقف تقدمهم. لكن الأكراد رفضوا، وقال سفين دزيي، المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان إن البيشمركة: "لن توقف تقدمها حتى تتحرر كل المناطق الكردية في نينوى"، مضيفا أن أنهم لن ينسحبوا "من المناطق التي سيجري تحريرها مستقبلا."

بدا العبادي في التراجع عن موقفه بالقول إن لدى كل القوات الحق في المشاركة في معركة الموصل. لكنه شدد على أن "نينوى ستظل موحدة".

لكن برزاني شدد خلال الأسابيع الأخيرة على الحاجة إلى "صيغة جديدة" لإدارة المحافظة، دون تقديم المزيد من التفاصيل.

وقال مصطفى إن الاكراد تحركوا لأن مجموعات إثنية في نينوى فقدت الثقة في قدرة الحكومة المركزية على ضمان سلامتهم بعد صعود الميليشيات الشيعية التي تواجه اتهامات بارتكاب انتهاكات في المناطق التي تم تحريرها من سيطرة تنظيم الدولة.

تنامت قوة البيشمركة والميليشيات الشيعية العربية بشكل مضطرد نتيجة الدعم العسكري والمالي والتدريب الذي تقدمه كلا من الولايات المتحدة وإيران لكلا القوتين في حربهما ضد تنظيم الدولة.

على بعد 230 كيلومترا جنوب الموصل اندلعت اشتباكات عنيفة في أبريل / نيسان بين القوات الكردية والميليشيات الشيعية في مدينة طوز خورماتو، التي يقطنها خليط من الأكراد والعرب السنة والتركمان الشيعة.

اتهم المقاتلون الشيعة القوات الكردية بتدمير المنازل التي تعود لسكان المدينة من التركمان. وفي المقابل وجهت القوات الكردية الاتهامات للمقاتلين الشيعة باعتقال السكان السنة العرب بشكل تعسفي. ووضعت نقاط التفتيش وأكياس الرمال لتفصل بين الجانبين.

جاسم محمد جعفر، أحد التركمان الشيعة وعضو البرلمان عن منطقة الموصل أعرب عن قلقه إزاء تكرر مماثل في نينوى عقب استعادة الموصل.

وقال جعفر: "الأكراد يملكون القوات الكفيلة بالدفاع عن مناطقهم. لكننا إذا أردنا قوات لحماية مناطقنا فسوف نلجأ إلى قوات الحشد الشعبي".

وقال المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي، هاشم الموسوي: "تنتابنا مخاوف حقيقية تجاه القوات الكردية"، مستدلا بتقارير عن ترحيل القوات الكردية المواطنين العرب من المناطق التي سيطروا عليها. ونشرت منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش تقارير توثق هذه المزاعم.

قبل نحو عام تقريبا، استعادت القوات الكردية، شمال غرب منطقة سنجار، التي تقطنها أغلبية إيزيدية وفر عشرات الآلاف من الإيزيديين إلى منطقة كردستان طلبا للحماية. لا يعتبر الإيزيديون أنفسهم أكراد لكنهم يعتبرون أنفسهم طائفة عرقية بذاتها، لكن السياسيين الأكراد زعموا أحقيتهم في سنجار خلال المؤتمر ذاته الذي أعلنوا فيه تحرير المدينة.

لم تكن الميليشيات الشيعة هي الأخرى بمعزل عن الاتهامات، فقد اتهمت الميليشيات الشيعية بتغيير الديموغرافية السكانية في العراق عقب طرد مقاتلي تنظيم الدولة من قرى محافظتي ديالى وصلاح الدين وإدارة الأمن في المناطق التي استولوا عليها. ورغم عدم تمتعهم بدعم غارات التحالف، إلا أن المستشارين الإيرانيين والأسلحة والأموال الإيرانية ساعدت هذه الميليشيات في التفوق على القوات المسلحة التقليدية في العراق.

الكثير من العراقيين السنة الذين نزحوا من هذه المحافظات جراء العنف قالوا إنهم يخشون العودة إلى هذه المناطق في ظل سيطرة تنظيم الدولة، فيما منع آخرون من الدخول بسبب الإجراءات الأمنية بالغة الصرامة.

لوكمان شارواني، قائد وحدة صغيرة من المقاتلين الأكراد تتمركز شمال الموصل قال إن نينوى - مسقط رأسه - كانت واحدة من اكثر من المناطق تنوعا في العراق.

وقال إن "الموصل ظلت على الدوام مدينة متعددة العرقيات"، فالسهول التي تقع في شمال وشرق الموصل كانت موطنا لبعض أقدم المجتمعات المسيحية التي سكنت العراق، إضافة إلى القرى التي كانت فيما مضى مكانا للشبك والإيزيديين والأكراد.

وأشار إلى المزاعم بحدوث عمليات نهب وتدمير واعتقالات تعسفية قامت بها الميليشيات الشيعية عقب طرد تنظيم الدولة في الفلوجة هذا العام.

وأضاف: "لا نريد تكرار الأمر ذاته هنا".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة