الهند تستخدم الدبلوماسية في التعامل مع منافستها باكستان

السبت، 24 سبتمبر 2016 03:43 ص
الهند تستخدم الدبلوماسية في التعامل مع منافستها باكستان
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

لطالما عرف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بموقفه المتشدد من باكستان. فقد كان هذا جزءا رئيسيا من الحملة التي مهدت له الطريق نحو السلطة.

لكن حتى مع قول مسؤوليه إن الهجوم الأخير على قاعدة عسكرية هندية كان من تنفيذ مسلحين مقرهم باكستان، فإن مودي يعتمد على الدبلوماسية أكثر من الوعيد.

بشكل كبير يرجع هذا لأنه يتعين على مودي والقوات الهندية نزع فتيل الغضب والاحتجاجات الضخمة المناهضة للهند التي لا تهدأ والتي اجتاحت الشطر الهندي من كشمير بسبب مقتل قيادي شاب من المتمردين منذ أكثر من شهرين. كان الاضطراب قد أدى إلى حملة قمع شنتها قوات الأمن وأسفر عن فرض حظر التجول في جزء كبير من وادي كشمير، كما أغلقت المدارس والجامعات والمتاجر والشركات خلال الموسم السياحي الصيفي.

أيضا، مع وقوف الصين بقوة خلف باكستان، لا تريد الهند مواجهة كلتيهما، سواء دبلوماسيا أو عسكريا، على خلفية النزاع الحدودي المؤلم بين الهند وبيجين. فقد عانت الهند من خسارة مهينة في حرب دموية مع الصين عام 1962 واليوم، أصبحت الدول الثلاثة تملك أسلحة نووية.

غول محمد واني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كشمير، قال الجمعة إن البيئة الاستراتيجية للمنطقة جعلت من الصعب على نيودلهي محاولة خوض أي نوع من أنواع المغامرات العسكرية.

وقال "الصين تتحيز بوضوح لباكستان. فضلا عن ذلك، الاحتجاجات شبه اليومية ضد الهند في كشمير لا تتفق جيدا مع التخطيط العسكري الاستراتيجي لنيودلهي."

كان مسلحو قد تسللوا الأحد إلى قاعدة للجيش الهندي في الشطر الهندي من كشمير، وقتلوا 18 جنديا على الأقل. وقتل أربعة من المسلحين في الهجوم، الذي وقع قرب خط المراقبة شديد التواجد العسكري والتسليح الذي يفصل كشمير بين الهند وباكستان. كانت الهند وباكستان قد دخلتا حربين من ثلاثة حروب خاضتها الدولتان إجمالا للسيطرة على كشمير، منذ أن نالتا الاستقلال عن المستعمرين البريطانيين عام 1947.

ويقول محققون هنود إن خرائط وأسلحة وأدلة أخرى تشير إلى أن المقاتلين كانوا من جيش محمد، وهي جماعة مسلحة محظورة مقرها باكستان. وفي يناير/ كانون ثان، ألقت الهند باللوم على أفغانستان في هجوم وقع على قاعدة للقوات الجوية الهندية بالقرب من الحدود الباكستانية، وأسفر وقتها عن مقتل سبعة جنود.

ويقول العديد من أنصار مودي وأعضاء حزب بهاراتيا جاناتا إنه ينبغي على الهند أن ترد بقوة. وقال إندريش كومار، قيادي قومي هندوسي "سننتقم."

كان الكثيرون في حزب بهارايتا جاناتا يتوقعون هذا النوع من رد الفعل من جانب مودي بعد هجوم الأحد، ولكن بدلا من ذلك، لم يحدث شيء على الإطلاق.

وفي هذا السياق، قال واني "المفكرون الاستراتيجيون في البلاد يعرفون جيدا أن أي ضربة عسكرية من جانب الهند ستؤدي على الأرجح إلى اندلاع حرب".

وأردف واني قائلا "في مثل هذا السيناريو، تكون المواجهة النووية احتمال حقيقي.. هناك صعوبات بالغة في هذا الخيار.. وبعد كل هذا، (الأسلحة النووية) ليست مجرد أسلحة سياسية".

تعامل مودي مع الأزمة يتناقض بشدة مع ما حدث بعدما هاجم من يشتبه بأنهم مسلحون باكستانيون البرلمان الهندي عام 2001.

كان كلا البلدين على شفا حرب رابعة آنذاك، حيث حشدا مئات الآلاف من الجنود في كشمير وبقيا الطرفان في حالة مواجهة لمدة 11 شهرا.

وفي نهاية المطاف هدأت التوترات بعد جهود دولية مكثفة.

وكان حزب بهاراتيا جاناتا في السلطة في ذلك الحين، وفي مواجهة الضغوط الشعبية الهائلة، قلص رئيس الوزراء وقتذاك اتال بيهاري فاجبايي العلاقات الدبلوماسية مع باكستان، وتوقفت خدمات القطار العابرة للحدود وتم حظر طيران الطائرات الباكستانية.

وبالرغم من أن مودي أيضا لديه مثل هذه الخيارات، فإنه حتى الآن يفضل المواجهة الدبلوماسية مع باكستان، حسبما أفاد لاليت مانسينغ السفير الهندي السابق لدى الولايات المتحدة.

وأضاف مانسينغ "إنه لمؤشر على النضج أن تحتفظ حكومة مودي بكل الخيارات مفتوحة، لكنها أعطت أولوية للدبلوماسية.. من الممكن أن ترى الدبلوماسية وقد عزت باكستان، كما رأينا في الأمم المتحدة عندما لم يجد رئيس الوزراء نواز شريف اهتماما يذكر".

في خطاب الأربعاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة، انتقد شريف بشدة قمع الهند للاحتجاجات في كشمير، مطالبا بتحقيق مستقل في عمليات القتل التي وقعت هناك، ولجنة تقصي حقائق تابعة للمنظمة الدولية للتحقيق فيما وصفها "بالفظائع" الهندية.

أعقب هذه الانتقادات الدبلوماسية، وصف دبلوماسي هندي لباكستان بأنها "دولة إرهابية"، كما عرضت وزارة الخارجية الباكستانية دعم الكشميريين باعتبارها"حركة للتحرر من القمع الهندي".

خلاف دول جنوب آسيا حول كشمير، قضية دائمة للنقاش في تجمع قادة العالم سنويا، لكن معظم الدول تفضل حاليا تسوية النزاع بين باكستان والهند عبر المحادثات المباشرة.

في باكستان، قال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الجمعة إن إسلام أباد "ستقيم بعناية أية مبادرة دبلوماسية" تتخذها نيودلهي.

وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة التكتم على هويته لحساسية القضية "حتى الآن لا يوجد أي إعلان رسمي من الهند بشأن اتخاذ أية مبادرة دبلوماسية لتخفيف حدة التوتر الذي خلقوه هم بأنفسهم".

ساعدت الصداقة بين الهند والولايات المتحدة في تهدئة الوضع، بحسب مانسينغ.

وأضاف مانسينغ "لا نتوقع أن يرسل الأمريكيون قواتهم إذا اندلع أي صراع هنا.. لكن حقيقة أن لدينا دولة قوية مثل الولايات المتحدة تقف إلى جانبك، يجعل الدبلوماسية تعني الكثير" فيما يتعلق بسبل حل النزاع الدائر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة