بلدان شرق أفريقيا تحاصر الدولار وتسعى لاستبعاده من صفقاتها الحدودية

الأربعاء، 26 أكتوبر 2016 07:38 ص
بلدان شرق أفريقيا تحاصر الدولار وتسعى لاستبعاده من صفقاتها الحدودية

يستخدم التجار ورجال الأعمال والمستثمرون في بلدان شرق أفريقيا، على نحو تقليدي، العملة الأمريكية باعتبارها عملية وسيطة للتداول تساعدهم على إجراء الصفقات المتبادلة فيما بينهم عبر الحدود.

مثل هذه الممارسات المتعارف عليها تتطلب عمليات تحويل للعملات المحلية إلى الدولار الأمريكي قبيل إتمام الصفقات، ومن ثم إعادة تحويلها إلى العملات المحلية الأخرى في أعقاب الانتهاء منها، وهو الأمر الذي يحمل رجال الأعمال والمستثمرين في تلك البلدان أعباء وفروق تحويل وصرف العملات المحلية مقابل الدولار الأمريكي بصورة مضاعفة.

بيد أن مثل تلك الأوضاع باتت مرشحة للانتهاء في القريب العاجل حتى يتخلص المستثمرون من تلك الأعباء المتزايدة، وذلك مع بدء خطوات العمل باتفاق أبرم أخيرا بين البنوك المركزية لتجمع بلدان شرق أفريقيا بهدف تشجيع التجارة فيما بينها باستخدام العملات المحلية مقومة بالدولار الأمريكي، وهو الأمر الذي سيفضي تدريجيا إلى الابتعاد عن استخدام الدولار الأمريكي كعملة تداول معتمدة لإبرام الصفقات والاتفاقات الحدودية المبرمة بين الدول الأعضاء.

ويرى خبراء أن مثل هذا الإجراء سيعزز من قدرة الاقتصادات المحلية حيال التعرض لتقلبات أسواق صرف العملات الأجنبية، والتي تؤدي في العادة إلى تكبيد التجار والمستثمرين أعباء وتكاليف مرتفعة أثناء تبادل العملات الصعبة.

يقول كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك المركزي الرواندي، توماس كاجابو، في أعقاب التوقيع على مذكرة التفاهم بين البلدان الأعضاء في تجمع شرق أفريقيا، إن البنوك المركزية قررت أيضا فتح حسابات للعملات المحلية الخمس حتى تتمكن من قبول وتحويل العملات الواردة إليها من البنوك التجارية.

وبين أن "أولى الخطوات تمثلت في توقيع الاتفاق..وقد أوصى اللقاء الأخير بأن كل بنك سيعمل مع الجهات المعنية بالأمر في بلاده لحثها على قبول العملات الإقليمية.. وهذا يشمل البنوك التجارية والتجار والبائعين".

ويتابع الاقتصادي الرواندي حديثه قائلا إن الخطوة التالية تتمثل في زيادة الوعي بين التجار والبنوك التجارية في المنطقة لقبول العملات الإقليمية في تداول وتبادل السلع والخدمات.

وسيسهم ذلك في تقليص أعداد التجار الذين يفضلون استخدام الدولار الأمريكي لإتمام صفقاتهم العابرة للحدود وزيادة استخدام العملات المحلية.

وأضاف كاجابو "لقد صممنا أدوات لزيادة التشجيع والتعاطف..فقد طلب من محافظي البنوك المركزية إخطار العملاء الرئيسيين بالعمل على انجاح هذه الخطوة وزيادة الإقبال عليها".

وأثير العديد من المخاوف حينما طرحت هذه المبادرة في مطلع العام الجاري بشأن مدى جدواها ونجاحها الذي شكك فيه البعض معتبرين أنها قد تؤدي إلى ارتباك معدلات أسعار صرف العملات المحلية في المنطقة.

غير أن كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك المركزي الرواندي، توماس كاجابو قال إن المصارف المركزية في المنطقة سوف تستخدم سقفا غير معلن لسعر الصرف سيتم تعميمه ونشره عبر المنطقة.

وأردف:"بالنسبة لسعر الصرف، لقد اتفقنا على أنه مع نهاية كل يوم، سنتقاسم سعر الصرف مقابل العملات المحلية عبر المنطقة للحفاظ على استقرارها..وسوف نستخدم سعر صرف ثنائي غير معلن".

ويعني ذك أن التاجر الرواندي الذي يستورد السلع من كمبالا أو نيروبي، سيكون بمقدوره السفر واستخدام الفرانك للقيام بمشترواته ونفقاته على عكس ما يحدث حاليا حيث يضطر إلى تحويل أمواله قبيل سفره.

ويسهب الاقتصادي الرواندي في تفسير الأمر قائلا "إن ذلك يعني أنه لو سافر أي شخص من كيجالي لشراء بضائع من كمبالا أو نيروبي أو دار السلام، فلا حاجة له أن يقوم بتغيير ما لديه من فرانكات إلى دولارات، ثم بعد ذلك تحويل الدولارات إلى عملات محلية أخرى"، مبينا أن "أنهم (التجار) سيكونون على يقين أن عملاتهم ستقبل في البنوك التجارية، وحاليا في البنوك المركزية أيضا.. فإذا جاء شخص بعملات محلية ستكون مقبولة في سوق التداول التجاري".

وتأتي المبادرة الأخيرة في وقت تعاني فيه اقتصادات إقليم شرق أفريقيا ضغوطا كبيرة جراء تقلبات العملة الأمريكية وتداعياتها على الأنشطة الاقتصادية.

وتوقع كاجابو أن يبدو تأثير المبادرة الأخيرة متفاوتا حسب وتيرة ومدى الالتزام بها في المعاملات اليومية قائلا "دعنا ننتظر لنرى ما سيحدث.. سيعتمد الأمر بقوة على مدى استجابة الناس وسرعتهم. أنا على يقين أن الناس سوف تستجيب، فالأمر يتعلق بإدارة النشاط، والتأثير الخاص بها سيعتمد على سرعة تبني الناس لها".

وقد رحب تجار شرق أفريقيا ومستثمروها بالخطوة، مؤكدين أنها سوف توفر عليهم نفقات غير ضرورية كانوا ينفقونها على فروقات أسعار صرف عملاتهم المحلية والارتفاعات المتكررة نظرا لارتباطها بقيمة الدولار الأميركي.

وتقول إيفلين أويرا، التي تدير متجرا صغيرا للملابس التي تسوردها من أوغندا وكينيا، إنه في المعتاد كانت تحول رأسمالها إلى دولارات قبيل سفرها لتقوم بتحويلها مجددا إلى العملة المحلية للبائع المحلي الذي تقوم بالشراء منه".

ولفتت إلى أنها ستكون قادرة على استخدام الفرانكات عبر الحدود وهو ما سيوفر لها الكثير وسيقلص من حالة عدم اليقين حيال هوامش الربح التي كانت تنتظرها نتيجة اعتماد الأمر برمته على قيمة الدولار الأميركي.

كانت التجارة عبر الحدود بين الدول الأعضاء في تجمع شرق أفريقيا حققت ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة بفضل التوقيع على بروتوكول الجمارك الموحد، وإزالة العقبات غير الجمركية، وتنويع المنتجات بالإضافة إلى غيرها من الأسباب التي دفعت إلى تنشيط المبادلات التجارية في الإقليم.

وفي العام الماضي، بلغت صادرات رواندا إلى بقية بلدان الإقليم 76ر127 مليون دولار، بينما بلغت وارداتها 4ر519 مليون دولار، حسب أرقام البنك المركزي الرواندي.

وتشمل الصادرات الرواندية الرئيسية إلى بلدان شرق أفريقيا الشاي والقهوة والدقيق والخضروات والبيرة، وفي المقابل تستورد رواندا الأسمنت، زيت النخيل المكرر وغير المكرر، والسمن النباتي، والملابس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق