الولايات المتحدة تفقد آخر أعداء الحرب الباردة (تقرير)
السبت، 26 نوفمبر 2016 06:18 م
بوفاة فيدل كاسترو، تفقد الولايات المتحدة أخر أعدائها خلال الحرب الباردة، إلا أن الزعيم الكوبي كان قد بات خارج اللعبة قبل فترة طويلة من وفاته، ولم يشارك في التقارب التاريخي الذي حققه باراك أوباما مع شقيقه "راوول".
وإذا كان العديد من القادة الأوروبيين الذين قاموا بزيارة كوبا خلال السنوات القليلة الماضية، قد حرصوا على زيارة فيدل كاسترو، فان الولايات المتحدة تعمدت تجاهله منذ بدء عملية التقارب التاريخية بين البلدين في السابع عشر من ديسمبر 2014، وفضلت التعامل مع "راوول" وحده.
ورغم إعادة العلاقات الدبلوماسية في صيف 2015، وقيام أوباما بزيارة تاريخية إلى كوبا في مارس 2016، فإن العلاقات بين البلدين لا تزال أبعد من أن تكون طبيعية. فالحصار الاقتصادي الأميركي المفروض على جزيرة كوبا منذ العام 1962 لا يزال قائما لان الكونجرس بغالبيته الجمهورية مُصر على عدم رفعه.
والمواجهة بين الولايات المتحدة المتحدة وكوبا كادت أن تتحول إلى صدام عسكري مباشر في الستينات من القرن الماضي، فقد فشلت محاولة منفيين كوبيين مدعومين من الولايات المتحدة في الاطاحة بنظام كاسترو عام 1961 في معركة خليج الخنازير، وحبس العالم أنفاسه خوفًا من مواجهة أميركية سوفياتية في الفترة نفسها عندما حاول الاتحاد السوفيتي ارسال صواريخ نووية إلى كوبا.
وقال "كاسترو" في مطلع الستينات عن الولايات المتحدة "ما لا يغفره لنا الامبرياليون اننا تمكنا من انجاح ثورة اشتراكية على بعد كيلومترات قليلة من الولايات المتحدة".
ومن "دوايت ايزنهاور" إلى باراك أوباما الذي كان الرئيس الأميركي الحادي عشر الذي يعاصر كاسترو، لم يتراجع الاخير عن محاربة الامبريالية وتحدي القوى الاميركية العظمى.
وباستثناء محاولات نادرة للتقارب على غرار تلك التي قام بها الديموقراطي جيمي كارتر (1977-1981) سعى جميع الرؤساء الأميركيين إلى اخضاع كوبا عبر تعزيز العقوبات الاقتصادية والتجارية ودعم المعارضة في المنفى.
وبات للمعارضين الكوبيين المنفيين في الولايات المتحدة دورهم في التأثير على الكونجرس عبر مجموعات ضغط نشأت لهذا الغرض.
- "رحيل طاغية"
وقالت النائبة الجمهورية في ولاية فلوريدا ايليانا روس ليتينين وهي من أصل كوبي تعليقا على وفاة فيدل كاسترو "رحيل طاغية، نحن أمام فجر جديد في اخر معقل شيوعي في الاميركيتين".
وقال السناتور تيد كروز، المرشح السابق للانتخابات التمهيدية الجمهورية والذي يتحدر ايضا من عائلة كوبية "ان وفاة فيدل كاسترو لن تعيد الى الحياة الالاف من ضحاياه الكوبيين، كما لن تبلسم جراح عائلاتهم".
إلا أن الديموقراطيين بخلاف الجمهوريين يعتبرون ان التقارب مع كوبا وتوقيع الاتفاق النووي مع إيران هما من الانجازات التاريخية.
ومنذ بدء التقارب مع كوبا سعى "أوباما" لتكريس هذا الواقع وجعله غير قابل للنسف بعد انتهاء ولايته.
واعتبر أوباما، اليوم السبت، في بيان إن "التاريخ سيحكم على التاثير الهائل" لفيدل كاسترو على كوبا والعالم، معربا عن "صداقته للشعب الكوبي"، ومؤكدًا أن إدارته "بذلت جهدا كبيرا" لطي صفحة "الخلافات السياسية العميقة" التي استمرت اكثر من نصف قرن.
وقال أوباما، في مارس الماضي، خلال زيارته غير المسبوقة لكوبا "سعينا على الدوام لإقامة دينامية مع علمنا المسبق بأن التغيير لن يأتي بين ليلة وضحاها". وأقر بوجود "خلافات عميقة حول حقوق الإنسان والحريات الفردية في كوبا" إلا أنه أعتبر "إن زيارتي ستكون الوسيلة المفضلة لتشجيع حصول تغيرات اضافية".
ولا شيء يوحي حتى الآن بأن الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب، سيحافظ على هذا المسار. واكتفى اليوم السبت، بتغريدة مقتضبة "وفاة فيدل كاسترو".
وكان "ترامب" دعم في البداية سياسة التقارب مع كوبا، إلا إنه مع دخوله في الحملة الانتخابية عاد وأبدى تحفظات معربًا عن الأسف لأن "أوباما" لم يحصل على شيء مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على النظام الكوبي.
وأعلن في أكتوبر الماضي، إنه "سيقوم بكل ما هو ممكن للحصول على اتفاق صلب" مع كوبا، ما يؤشر الى احتمال عودته عن بعض ما توصل غليه اوباما.
وفي حال حصل هذا الأمر، فسيكون أمرًا كارثيًا على الكثير من الكوبيين الذين فرحوا بعودة رحلات الطيران بين البلدين ورفع بعض الإجراءات الخاصة بالعقوبات المالية والتجارية المفروضة على الجزيرة منذ أكثر من نصف قرن.