معركة تركية يونانية تفتح النار الأوروبية على «أردوغان»

الثلاثاء، 06 ديسمبر 2016 10:12 م
معركة تركية يونانية تفتح النار الأوروبية على «أردوغان»
محمود علي

تشهد الساحة الدولية العديد من النزاعات والصراعات أبرزهم على السطح في الأونة الآخيرة الصراع التركي اليوناني، والذي يتجدد من حين لآخر، حيث دخلت الدولتين في سجال دبلوماسي خلال اليومين الماضين بسبب معاهدة لوزان التي تم توقيعها بعد الحرب العالمية الأولى والتي تضمن ترسيم حدود الدولة العثمانية.

وفي مشهد أغضب اليونانيين وفاجأهم من حيث التوقيت، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليدلي بتصريحات الأسبوع الماضي ينتقد فيها معاهدة لوزان التي رسمت الحدود التركية منذ ما يقارب المائة عام، وهي المعاهدة التي بموجبها ضمت اليونان جزر في بحر إيجه وفي نفس الوقت لغت تقسيم تركيا بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، في نفس الوقت قابلت اليونان تصريحات أردوغان بهجوم حاد حيث صرح وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس :"إذا كان أردوغان يرفض اتفاق لوزان فسوف نمنحه اتفاقيه سيفر عام 1920"، وهي الاتفاقية التي تمثل للأتراك تاريخ قاسي، حيث صادقت الدولة العثمانية عليها في وقت أعتبرها كثيرون المسمار الأخير في نعش تفككها وانهيارها بسبب شروطها القاسية والمجحفة، حيث تضمنت تلك المعاهدة التخلي عن جميع الأراضي العثمانية التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، إضافة إلى استيلاء الحلفاء على أراض تركية، الأمر الذي اعتبره الأتراك تهديد يوناني واضح بعدم الاعتراف بحدود تركيا بحسب صحيفة "ديلي صباح" التركية.

هذه الحرب الكلامية اكتملت منذ أيام بقرار زاد من التوتر اليوناني التركي، حيث رفضت إحدى المحاكم اليونانية الإثنين طلبًا تركيًا بتسليم 3 عسكريين شاركوا في المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في يوليو الماضي، من أصل 8 فروا إلى اليونان، وبينما أكدت المحكمة اليونانية رفضها الطلب بادعاء أن تسليمهم إلى تركيا يشكل خطرًا على حياتهم، قضت محكمة (الاستئناف) الثلاثاء، بإعادة الثلاثة العسكريين، فيما يعتزم العسكرين الطعن مرة أخرى في الحكم أمام المحكمة العليا في اليونان.

لكن بعيدًا عن هذه القضية التي مازالت المحاكم اليونانية تنظر فيها، كانت للخارجية التركية تعقيبات على السجال الدبلوماسي الذي حدث مؤخرًا مع اليونان بقولها، : "إن على وزير الدفاع اليوناني أن يمتنع عن التصريحات المماثلة"، وقالت إن على اليونان التحرك بما يتوافق مع جدية الدولة ومسؤوليتها، مضيفة: "نحن نقيم التطورات بحكمة ونرفض التصريحات الموجهة لرئيس جمهوريتنا"، ووصفت تركيا وزير الدفاع اليوناني بأنه يفتقر "لملكة التعبير".

وبعد يوم واحد من هذه التصريحات كشف مسؤولون بالمخابرات اليونانية عن خطة تركية مفصلة نشرتها وكالة رويترز للأنباء بالسماح لـ 3000 مهاجر، يوميًا، بالإبحار إلى اليونان، وذلك في الوقت الذي تتدهور فيه العلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي بشكلٍ سريع، كما قال المحللون إنّ آلاف الزوارق الصغيرة والقوارب المجهزة بمحركات تتجمع على طول ساحل تركيا الغربي، وأن الآلاف من المهجرين السوريين يتجهزون للذهاب إلى السواحل اليونانية.

من جانبه قال الدكتور «صلاح لبيب» الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص فى الشأن التركى، إن قرار المحكمة اليونانية والتي رفضت تسليم 3 جنود اتراك لهم علاقة بمحاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو الماضي مرتبط بالموقف الأوروبي الرافض للإجراءات التي قامت بها الحكومة الأوروبية بعد المحاولة الانقلابية، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي وجه انتقادات لاذعة للحكومة التركية على خلفية الإجراءات الاستثنائية التي قامت بها مؤخرًا.

وأضاف صلاح في تصريحات خاصة لبوابة «صوت الأمة» أن اليونان إحدى الدول التي ترتبط بهذه الاشتراطات الأوروبية والمعايير الأوربية الخاصة بمحاكمة السياسين والعسكرين، متوقعًا بأن اليونان لن تقبل بتسليم هؤلاء العسكرين، بسبب المحاكم الاستثنائية وحالة الطوارئ التي فرضتها تركيا، مشيرًا إلى أن انقرة هددت بإعادة العمل بعقوبة الاعدام وهو ما يعد انتهاكًا للمعايير الأوروبية لحقوق الأنسان التي وقعت عليها تركيا عام 2005، وهو الأمر الذي يبعد انقرة خطوات عدة من الانضمام للاتحاد الأوروبي.

وأشار أن كل هذه الاسباب تدفع اليونان برفضها تسليم الجنود إلى تركيا، أما ما يتعلق بالعلاقات اليونانية التركية فأعتقد «لبيب» أنها متوترة على مدى السنوات الماضية بسبب التدخلات التركية في قبرص وقضايا أخرى، مشيرًا أن العلاقات سوف تشهد في المرحلة المقبلة حالة من المد والجزر بسبب عدة قضايا مختلفة منها ملف قبرص، وما أصدره البرلمان الأوروبي مؤخرًا من دعوات بتعليق المفاوضات مع تركيا بشان الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وبسؤاله عن تأثير هذه التطورات على الملف اللاجئيين لاسيما بعد تهديد أنقره بإغراق أوروبا بالمهاجريين مؤخرًا بعد دعوات تعليق المفاوضات الأوروبية التركية بشان انضمام الاتحاد الأوروبي، تابع صلاح في حديثه: «أعتقد أن الاتفاق الذي وقع في مارس من العام الجاري بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن اللاجئيين لم تتحقق بنوده بالشكل الكامل، حيث لم يحقق لأوروبا إضافة حتى الآن حيث ينص بتسليم تركيا لاجئ شرعي مقابل استلامها لاجئ غير شرعي وهو ما لم يحدث، كما لم ترسل أوروبا لانقرة المبلغ المقدر بـ3 مليار دولار، كما لم يوافق الاتحاد الأوروبي على اعفاء التأشيرة على الاتراك للدخول إلى الدول الأوروبية.

وأكد الباحث بالشأن الدولي، أن كل هذه التباينات والأسباب أدت إلى ظهور التصريحات التركية بإنها ستغرق اوروبا باللاجئيين، متوقعًا بأن هذا التهديد قد يحدث مستقبلًا في حالة تصاعد التوترات بين أوروبا وتركيا أكثر من ذلك، مشيرًا أن هذا الامر مرتبط بالتحرك الأوروبي القادم بشأن تركيا وهل من الممكن أوروبا أن تتخذ إجراءات عنيفة ضد تركيا، مشيرًا أن هناك بعض الاحزاب في البرلمان الأوروبي هددت بفرض عقوبات على تركيا بسبب الإجراءات الاستثنائية التي أتخذتها مؤخرًا

من جانبه يقول الباحث بالشئون الدولية محمد حامد إن العلاقات التركية اليونانية متوترة للغاية منذ عامين تحديدًا بسبب فتح تركيا حدودها البحرية للاجئين، مما أضر بأمن اليونان ناهيك عن الخلافات التركية اليونانية بسبب جزر من إرث اتفاقية لوزان، مشيرًا أن اليونان في الغالب لن تسلم كل المطلوبين لديها للجانب التركي خاصة من العسكريين ، رغم تصريح وزير الدفاع التركي فكري ايشك المتفاءل بقرار المحكمة النهائي، ولكن اليونان ستلتزم بمعايير الاتحاد الأوروبي التي ترفض تسليم أنصار حركة الخدمة المشاركة في محاولة الانقلاب للسلطات التركية، مشيرًا أن الحكم الأخير ليس آخر المطاف ولكن يبقي تسليم العسكريون بيد الحكومة اليونانية والتي لن تقدم على أي قرار ينتهك حقوق الانسان كونها عضو في الاتحاد الأوروبي.

وعن ملف اللاجئين والخطة التركية التي تم ذكرها في السطور السابقة، قال حامد في تصريحات لبوابة "صوت الأمة" أن اليونان عانت من سياسات الباب المفتوح التي اتبعتها أنقرة مع اللاجئين مصدرة الأزمة لاثينا، مشيرًا أن هذا الامر زاد من حدة التوتر التركي اليوناني في الفترة الراهنة.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق