«ورثة الأنبياء» ضحايا غضب أولياء الأمور

الأحد، 07 مايو 2017 11:59 م
«ورثة الأنبياء» ضحايا غضب أولياء الأمور
«ورثة الأنبياء» ضحايا غضب أولياء الأمور
إسلام ناجى

العائلة هى القدوة الأولى التى تؤثر على النشء، فتصرفات الآباء مرآة لسلوكيات الأبناء فى المستقبل، ولذلك عندما نرى أولياء أمور يتعدون على معلمي أطفالهم بالضرب والسب، نعلم أن جيلاً دمويًا غاضبًا على وشك الظهور، ومع تزايد الاعتداءات الجسدية واللفظية كل يوم على ورثة الأنبياء انحدرت مكانتهم، وتضائلت منزلتهم فى عيون تلاميذهم، وقل إحترامهم وتقديرهم لهم ولمجهوداتهم الجليلة، وفى السطور التالية، ترصد «صوت الأمة» أبرز حالات اعتداء أولياء الأمور على الأساتذة.

المكياج

استيقظت مبكرًا كعادتها كل صباح دراسي، لتضمن الوقوف لساعات أمام المرآة دون مقاطعة من أحد، لتجميل وجهها الخمرى وتمشيط شعرها الأسود قبل تغطية نصفه بالحجاب، وعندما أعلنت الساعة عن اقترابها من الثامنة كانت الشابة تضع اللمسات الأخيرة على تحفتها الفنية، لتخرج من منزلها بكامل زينتها، متوجهة إلى المدرسة الثانوية، فتفتن صبيان الحي، بعيونها الملونة اصطناعيًا، ورموشها الطويلة المُركبة، وحواجبها العريضة المرسومة، وخدودها المخضبة بالحُمرة.

وصلت الفتاة إلى أبواب المدرسة، وخلفها طوابير من الشباب الولهان، فلم تكترث لهم، ودخلت إلى لجنتها استعدادًا لأداء امتحان منتصف الفصل الدراسى فى إحدى المواد، فجلست على مقعدها فى انتظار المراقبة التى سرعان ما اقتربت منها وطالبتها بإزالة المكياج المبالغ فيه عن وجهها لعدم ملائمته للوقت والمكان، فرفضت الشابة بأسلوب غير لائق، وأهانت معلمتها، فحولتها الأخير إلى مكتب الناظر الذى استدعى ولى أمرها، وحدثه بما صدر عن نجلته، فغضب بشدة وتعدى على المعلمة والناظر بالسب عقابًا لهما على تدخلهما فى خصوصيات صغيرته.

الفسحة

دق جرس المدرسة معلنًا إنتهاء الحصص الأربع الأولى، وحينونةً وقت «الفُسحة»، فتركت «حبيبة» كتبها على «التختة»، ووضعت يديها فى حقيبتها مخرجة مصروفها اليومى، وركضت مسرعة برفقة صديقاتها إلى «حوش» المدرسة للاستمتاع بدقائق الراحة المعدودة قبل استكمال حصصهن لكن الوقت مر سريعًا وسط الحكايات العاطفية، والضحكات المرتفعة حتى إنهن لم يسمعن جرس الحصة الخامسة، أو يشعرن بإنسحاب الفتيات من جوارهن وإختفائهن حتى أقترب منهن أحد الأساتذة.

غضب الأستاذ لرؤية طالباته يفترشن أرض الفناء، وسألهن عن سبب تغيبهن عن الحصة، فردت «حبيبة» بالنيابة عنهن «مكناش نعرف أن الفسحة خلصت.. ابقوا طولوها شوية مبنلحقش نقعد مع بعض»، غضب المدرس من طريقة تلميذته الغير مهذبة فى الرد، ونهرها على أسلوبها السيء أمام زميلاتها، ما أدى لإحراجها، فعادت إلى المنزل تبكى، وتشكو الأستاذ إلى والدها، الذى لم يقل عنها امتعاضًا وضيقًا من تصرف المُعلم، وتوجه إلى المدرسة فى اليوم التالى لا لمعاتبته بل للتعدى عليه على مرأى ومسمع من الطلاب والأساتذة الزملاء.

الزحمة

أخرجت «إنصاف» طعام الغذاء من «الفريزر» لتضعه فى الثلاجة حتى يكون جاهزًا للطبخ عقب عودتها من العمل، ونزلت مسرعة بعدما ألقت نظرة خاطفة على ساعة الحائط، وتأكدت من تأخرها عن مراقبة أولى لجان امتحانات النقل بالمدرسة التى تعمل بها، وفور وصولها إلى أبواب المدرسة، شهدت تكدس أولياء الأمور على الأبواب لتوديع أبنائهم، ولم تستطع الدخول، فاستأذنتهم حتى يفسحوا لها الطريق، وتتمكن من الوصول إلى اللجنة فى الوقت المناسب.

وسط ارتفاع أصوات الآباء والأمهات موصين صغارهم بالإنتباه فى الإمتحان، وقراءة السؤال بدقة، لم يصل صوت المعلم المنخفضة إلى آذانهم فأضطرت إلى تنبيههم بالتربيت بيديها على ظهورهم لكنها فوجئت بإحدى أولياء الأمور، والتى يرأس زوجها مجلس أمناء وأباء المدرسة، تصيح بها، وتتهمها بضربها بخشونة دون سبب، فضلاً عن إهانتها بالشتائم أمام الجميع، وعندما حاولت «إنصاف» تهدئة السيدة، وإيضاح سوء الفهم، وجدتها تصفعها على وجهها دون سابق إنذار قبل أن يتدخل أمن المدرسة لإنهاء المشكلة، وتتوجه المعلمة لتحرير محضر «تعدى» فى قسم الشرطة.

التأخير

سهرت «بسمة» حتى بعد منتصف الليل بساعة، تتحدث إلى حبيبها فى الهاتف، وتبث إليه كلمات الشوق والعشق، وتستمع إلى صوت أنفاسه الهادئة، وتحلم بها تتخلل خصلات شعرها المسترسل على أنغام إحدى الأغانى الرومانسية، كما يحدث مع العشاق فى الدراما الهندية والتركية، لكن سرعان ما صعقت بالواقع المرير، فصوت أنفاس فارس أحلامها ارتفعت وتحولت إلى شخير مزعج معلنة عن انتقاله من عالم الأحياء، ما أغضبها وجعلها تنهى المكالمة بسرعة، وتبعث له برسالة قاسية مضمونها «الاهتمام مبيطلبش».

غطت «بسمة» هى الأخرى فى نوم عميق، وارتفع صوت شخيرها عن أنها عجزت عن سماع صوت المنبه، وتأخرت عن الحصة الأولى، فرفضت معلمة اللغة الفرنسية السماح لها بالدخول إلى الفصل والانضمام إلى زميلاتها، وأمرتها بالعودة إلى المنزل، فركضت «بسمة» والدموع تخفى ملامح وجهها إلى محل عمل والدها، تخبره بما حدث معها فى المدرسة، فاستشاط غضبًا، وعاد بها إلى الأستاذة التى أصرت على رفضها، فأنفجر بها سبًا وضربًا، وعندما حاولت معلمة أخرى تهدئة الأمور والصلح بينهما، نالها ما نال زميلتها، فتوجهتا معًا إلى مركز الشرطة، وحرر محضرًا ضد «أبو بسمة».

 

اقرأ ايضا:

قم للمعلم وفه التبجيلا.. «العيب في أحمد شوقي»

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة