صاحبة الطنطورية.. الرياح ثقيلة الآن يا رضوى (بروفايل)

الخميس، 30 نوفمبر 2017 05:17 م
صاحبة الطنطورية.. الرياح ثقيلة الآن يا رضوى (بروفايل)
رضوى عاشور
كتب- محمد أبو ليلة

«من ينشغل بحزنه على فقد المحبوب، ينشغل عن المحبوب».. لم تكن هذه الكلمات رثاء يردده الشاعر الفلسطيني الكبير مُريد البرغوثي على فقدان زوجته الرواية وأستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس رضوى عاشور، لكنها كانت مشاعر ارتجف بها قلب المُحب على فقدان حبيبته.
 
«الآن أطلب من حزني أن يتجه إلى أقرب بوابة ويغادر، صمت يجوب المكان لا شيء يعلو فوق صوت الحبيب، لست أنت المهم اليوم ولا أنا أيها الحزن، أنا منشغل بها لا بك أنت، بسعيها العسير للنصر في مواجهات زمانها».. بهذه الكلمات حاول شاعرٌ عربيٌ توديع زوجته الأديبة في حفل تأبين أقامته لها جامعة عين شمس يوم 11 يناير من عام 2015.
 
رضوى عاشور تلك الروائية الكبيرة التي ملأت الحياة العلمية بهجة بين طلابها، وأضفت على الأمل أملاً جديداً في رواياتها عن العرب والعروبة وقلبها النابض «فلسطين»، رحلت على حين غرة يوم 30 نوفمبر من عام 2014، قبل هذا اليوم بثلاثة أعوام.
 
20363444._SX540_

 

الطنطورية
لكنها تركت ميراثاً رشيداً من الفكر والأدب تتناثر رياحه بين أجيال مضت وأجيالٍ أخرى أتية، قبل أن يُهديها زوجها الشاعر أبياتاً في حفل  تأبينها، كانت قد أهدته هي وفي حياتها رواية، «كل الحكايات تبدأ من هناك، من فلسطين، مثل العجائز في المخيمات الذين تنقل الرواية قصصهم».. بهذه الكلمات أهدت رضوى روايتها لزوجها في عام 2010، عن فلسطين.

 
وكانت الطنطورة هي بطلة الرواية الحقيقية، تلك القرية الواقعة على الساحل الفلسطيني جنوب حيفا والتي أدرجتها العصابات اليهودية ضمن لائحة مجازرها عام 1948 ولم يدرجها التاريخ المعروف كدير ياسين وغيرها من المدن والبلدات التي عُرِفت بما وقع فيها من سفك للدماء البريئة.
 
ميراث رضوى عاشور الفكري والأدبي ثقيل للغاية، فعندما كتبت رضوى سيرة حياتها كانت بعنوان «أثقل من رضوى»، إضافة لـ 10 رويات أخرى، بدأت تكتبهم رضوى  وهي في سن الأربعين من عمرها،  "أكتب لأني احب الكتابة وأيضاً لأن الموت قريب".. بهذه الكلمات لخصت رضوى أسبابها لكي تحظى بهذه المكانة الفريدة من نوعها.
 
«أنا امرأة عربية ومواطن من العالم الثالث وتراثي في الحالتين تراث الموءودة، ولدت عام 1946 في بيت يقع على النيل في جزيرة منيل الروضة، و قضيت طفولتي المبكرة في شقة بنفس المنطقة تطل شرفتها على كوبري عباس الذي فتحته قوات الشرطة، قبل ولادتي بثلاثة أشهر، على الطلبة المتظاهرين فحاصرتهم عليه بين نيرانها و الماء».. هكذا كتبت رضوى عن نفسها.
 
حصلت رضوى عاشور على جائزة أفضل كتاب في يناير 1994،  عن الجزأ الأول من عبقريتها «ثلاثية غرناطة» على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، كما حصلت في العام الذي يليه عن الجائزة الأولى لكتاب المرأة العربية عن الثلاثية كلها، وفي يناير من عام 2003، كانت ضمن مجموعة من 12 أديبا عربيا تم تكريمهم، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب.
 
images (1)
 
جوائزة السيدة راء
كما فازت بجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان  في أكتوبر من عام 2007، وفي ديسمبر 2009، حصلت على جائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي في إيطاليا، وجائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا اكتوبر عام 2011، وجائزة سلطان العويس للرواية والقصة في ديسمبر 2012.
 
قلت إن الواقع يشعرني بالوحشة وإن الصمت يزيد وحشتي والبوح يفتح بابي فأذهب إلى الآخرين. أو يأتون إلي، وألمحت أنني  أكتب لأنني منحازة (أعي العنصر الأيديولوجي فيما أكتب وأعتقد أنه دائما هناك في أية كتابة ) ولكن لو سألتموني الآن هل تكتبين لكسب الآخرين إلى رؤيتك؟ سأجيب بلا تردد: ليس هذا سوى جزء من دوافعي، أكتب لأني أحب الكتابة وأحب الكتابة لأن الحياة تستوقفني، تدهشني، تشغلني، تستوعبني، تربكني، وتخيفني، وأنا مولعة بها.
 

 
اقتراح بوجود بشر أحسن
بخلاف زوجها الشاعر الكبير مُريد البرغوثي، فإبنها شاعر هو الأخر «تميم البرغوثي» أستاذ العلوم السياسية وصاحب الكلمات التي ألهبت حماس المتظاهرين في ثورة يناير، بعد وفاتها كتب تميم في رثاء أمه.. «رضوى عاشور اقتراح بوجود بشر أحسن».
 
«ربتني أمي لوحدها.. كان أبويا مترحل وكانوا اهلها مقاطعينها لاجل اتجوزت بالعند واحد من فلسطين، مش من العيلة فكانت وحدها، مرضت وكانت وحدها شفيت وكانت وحدها، وانا معاها طفل بردو لوحدها، وبلدها زي الساحرة الشريرة بترمي في طريقها كل بلوة تطلع أمي أدها.. وبتنتصر في كل مرة لوحدها».. هكذا قال تميم عن والدته. 
 
«إن أثقل من رضوى ما تركته لنا.. وما تركته لنا رضوى عاشور تركتنا بعدها لا نبكي بل لننتصر.. تركتكم بعدها لا تبكوا بل لتنتصروا».
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق