المفاعل العائم.. هل تنجح روسيا في إنارة القطب الشمالي؟

الجمعة، 27 سبتمبر 2019 03:00 ص
المفاعل العائم.. هل تنجح روسيا في إنارة القطب الشمالي؟
المفاعل العائم

هل سمعت من قبل عن المفاعل العائم؟.. الإجابة في روسيا، حيث صنعت أحدث برامج إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية فى العالم، عبر مؤسسة روساتوم العالمية الحكومية، وهي أحد أكبر شركات الطاقة فى العالم، والمسئولة عن إنشاء محطة الضبعة النووية المصرية.

وصنعت الشركة المفاعل العائم حتى تتمكن من تزويد المناطق القطبية الشمالية بالكهرباء والطاقة اللازمة، خاصة أن معظم المستوطنات الموجودة فى أقصى الشمال الروسى يصعب وصول مصادر الطاقة التقليدية إليها، نظرا لطبيعة المناخ،  حيث يكسوها الجليد طوال العام.

 
أكاديميك لومونوسوف، هو اسم المفاعل النووى العائم الأول فى العالم، الذى يتألف من وحدة للطاقة مجهزة بأحدث سبل السلامة والأمان النووى للمفاعلات النووية، تراعي تنفيذ بنية تحتية ساحلية فى موقع الإرساء مثل حواجز الأمواج ، خطوط الكهرباء، وقد تم بناء هذه الوحدة فى أحواض السفن،  باستخدام نفس تكنولوجيا البناء المتخصصة فى كاسحات الجليد النووية والسفن البحرية.
 

وتتشابه وحدات الطاقة النووية العائمة مع كاسحات الجليد الكبيرة التى تعمل بالطاقة النووية، فى القطب الشمالى، حيث يتم استخدام نفس نوع المفاعلات، إلا أن الفارق هو أن الطاقة الناتجة عن المفاعل لا تستخدم للمرور الآمن عبر بحر القطب الشمالى، ولكن لتزويد المناطق النائية بالطاقة، حيث يتعذر عملياً نقل الكهرباء إلى اليابسة.

ويمكن استخدام المفاعلات النووية العائمة؛ لتوفير الطاقة للجزر النائية، وتحلية المياه، والمناطق الساحلية التي يصعب الوصول إليها فى شمال وجنوب روسيا، ويمكن استخدامها فى العديد من الدول التى تتشابه ظروفها الجوية من المناطق الجليدية فى روسيا، إلا أن الإنتاج الكمى لهذا النوع من المفاعلات لم يتم حتى الآن، و " أكاديميك لومونوسوف" هى النسخة الأولى.

ولجأت روسيا نحو إنتاج هذا النوع الجديد من المفاعلات لأن نصف سكان المنطقة القطبية الشمالية، البالغ عددهم 4 ملايين نسمة يعيشون فى أراضى الاتحاد الروسى، ومعظم المستوطنات فى أقصى الشمال يصعب الوصول إليها ؛ فهى تعتبر "جزر معزولة عن الشبكة القومية للكهرباء هناك ، فى الوقت الحالى، بينما يأتى مصدر الوقود الرئيسى لمحطات توليد الكهرباء فى تلك المناطق من الفحم والنفط، مما له تأثير سلبى للغاية على البيئة، فتلوث الهواء والماء يضر بالنظم الإيكولوجية فى هذه المنطقة 

ورست محطة أكاديميك لومونوسوف، في ميناء بيفيك الروسى الواقع بشبه جزيرة تشوكوتكا، منتصف الشهر الجاري، حيث موقعها الدائم بأقصى شرق روسيا، استعدادا لبدء عمليات الإنتاج بحلول نهاية العام الجارى، وبمجرد بدء التشغيل، ستصبح  أول محطة طاقة نووية عائمة فى العالم و النموذج الأول العامل من هذه الوحدات الجديدة.

وقال المدير العام لمؤسسة روساتوم العالمية الحكومية، أليكسى ليخاتشوف: ربما تكون هذه خطوة صغيرة لتحقيق التنمية المستدامة فى القطب الشمالى، لكنها قفزة هائلة لإزالة الكربون عن المناطق البعيدة عن شبكة الطاقة، وما حدث يعد نقطة تحول فى تطوير محطات الطاقة النووية الصغيرة فى العالم.

ويعد لومونوسوف الأول من فئة جديدة من محطات الطاقة النووية الصغيرة، متعددة الاستخدامات والتى ستوفر الكهرباء والحرارة والمياه النظيفة الموثوق بها، مما يساعد على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومنتظر أن يكون هذا المشروع نموذج لأسطول مستقبلي من محطات الطاقة النووية العائمة والمنشآت البرية على أساس مفاعلات صغيرة، وستكون وحدات الطاقة الصغيرة متاحة  فى المناطق التى يصعب الوصول إليها فى شمال روسيا والشرق الأقصى.

روساتوم الروسية لم تكشف حتى الآن عن القيمة الإجمالية لتكلفة وحدة الطاقة العائمة الجديدة، التى وصلت ميناء بيفك الروسى، معللة بأن هذه الوحدة الأولى " تجريبية" ولم يتم التوسع فى بدء مراحل الإنتاج الكمى حتى الآن، حيث أوردت أنه بمجرد الوصول إلى مرحلة الإنتاج الكمى سيتم تحديد تكلفة الوحدة، إلا أن الشركة أكدت أن هذه التكنولوجيا الجديدة منافسة للغاية وسيكون لها مستقبل كبير، وستوفر طاقة بسعر أرخص من الديزل والوسائل التقليدية فى المستقبل القريب.

وتؤكد روساتوم وفق ما أجابت على "اليوم السابع" أن مفاعل الطاقة النووية العائم "أكاديميك لومونوسوف" تم اختباره عدة مرات، ولديه ميزة إضافية عن كاسحات الجليد النووية تتمثل فى العمل بظروف أكثر أمانًا من الكاسحات، فتلك الأخيرة تطفو عبر الجليد الكثيف على بعد عدة كيلومترات من الساحل، بينما لن تقوم المفاعلات العائمة أبدًا بأى حركة، حيث سيتم إرسائها على رصيف خاص لتبقى وتؤدى مهمة محددة، بالإضافة إلى أنها مصممة بشكل أبسط من كاسحات الجليد النووية والغواصات، وهذا يعنى أنه لا يوجد أى خطر عليها من أى فشل فى نظام الدفع الذاتى أو أى حالات طوارئ أخرى متعلقة بوظائف التنقل، وقد تم تصميم المفاعلات العائمة بطريقة تجعل احتمال تسرب المواد المشعة إلى البيئة ضئيلًا للغاية فى مواجهة أى حادث شديد.

وردا على سؤال حول الكوراث الطبيعية مثل الزلازل والعواصف الشديدة، والجبال الجليدية، ومدى تأثيرها على المفاعلات العائمة، أكدت روساتوم العالمية، أنها عقدت العزم على ضمان توفير أكثر مصادر الطاقة أمانًا وأكثرها ملاءمة للبيئة في العالم، وقد أخذت فى الاعتبار جميع السيناريوهات القصوى الممكنة، وحتى الأكثر احتمالًا عند تطوير تصميم المفاعل النووى العائم وقوة بنيتها، موضحة أنه نظرًا لأن المفاعل النووى العائم يعمل على سطح الماء، فهو ليس معرض لخطر الزلازل، كما يتم تركيب الهياكل الساحلية والهيدروليكية لتوفير حماية إضافية ضد خطر كارثة التسونامى، ويتم أيضا تركيب السدود وكسارات الأمواج، مما يجعل من الصعب تصادم الجبال الجليدية عملياً به، وتمنع البنية التحتية الساحلية أى تأثير محتمل سواء على الشاطئ أو فى قاع البحر.

وأضافت روساتوم أن أقصى ارتفاع للأمواج قبالة ساحل سيبيريا قد يصل إلى 3 أمتار، وتم عمل اختبارات لثبات المفاعل النووى العائم لتحمل الأمواج أعلى 20 مرة من 6 أمتار، ويمكن أن تظل السفينة التى تحمل المفاعل مستقرة وسط سرعة رياح تصل إلى 80 متر فى الثانية، مما يعنى أن أى عواصف أو أمواج أو فيضانات قوية لن تتسبب فى انقلاب المفاعل النووى العائم، وبالتالى لن تكون هناك أى فرصة لإغلاق المفاعل.

روساتوم ذكرت أنه على الرغم من الاحتياطات التى تم اتخاذها، فقد تم عمل محاكاة موقف حال قذف المفاعل النووى العائم ناحية المرسى الخاص به، وإلقائه على الشاطئ وتم قلبه رأسًا على عقب، وتبين أنه حتى فى مثل هذا الحدث غير المحتمل، ستستمر جميع أنظمة السلامة فى العمل بشكل طبيعى، وستتم حماية المفاعلات من أى ضرر أو تلف.

من جانبه قال فيتالي تروتنيف، مدير عام البناء والتشغيل بمحطة الطاقة النووية العائمة، أكاديميك لومونوسوف، إن التحدى الرئيسى فى مرحلة بناء المفاعل العائم، الذى واجه العلماء والمصممين هو كيفية استيعاب مفاعلين على متن سفينة صغيرة نسبيا، مع الحفاظ على جميع الخصائص الوظيفية لها مع تقليل عدد الأفراد والطاقم، بالإضافة إلى أنه كان لازما أن تتم مراعاة سبل ضمان أعلى مستويات الصلابة وإمكانية التشغيل وسلامة العمل دون أى تأئير على البيئة، هذا كله إلى جانب الصعوبات الكبيرة التي واجهت الشركة أثناء تنفيذ البنية التحتية البرية مع مراعاة ظروف القطب الشمالي وفترات الملاحة المحدودة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق