مبروك عطية.. خطأ «مولانا» بألف

السبت، 27 نوفمبر 2021 05:01 م
مبروك عطية.. خطأ «مولانا» بألف
محمد الشرقاوي

الشيخ الأزهري نصب نفسه مانحاً لصكوك الجنة والنار.. وفتوى دخول الزوجة جهنم حال طلبها الطلاق من زوجها بسبب التعدد "خارجة عن السياق الدينى"

دار الإفتاء حددت شروط تعدد الزوجات بمبرر قوي معتبر وتوفير العدل مع باقي الزوجات.. وشيخ الأزهر: التعدد حق مقيد ورخصة لا بد لها من سبب

 

هل خان اللفظ الدكتور مبروك عطية أم أنه تعمد التشديد على الحرمة؟، الإجابة وحدها يعلمها الله وفضيلة الشيخ، الذي نصب من نفسه مانحاً لصكوك الجنة والنار، يمنحها من يحب ويحجبها عن من يريد.

الأمر تجاوز الحد، فأوصل من المكروه حد الحرمة وتغافل الشرط لأجل عموم النص، وهو ما تأكد في تصريحاته الأخيرة، بشأن دخول الزوجة جهنم حال طلبها الطلاق من زوجها بسبب التعدد.

صحيح أن الزوجة لديها الحق في قبول الحياة من عدمها، لكن هل كان قصد الشيخ بأن تحريم ما أحله الله يضع بالإنسان في منزلة من أنكر معلوما من الدين بالضرورة.

الدكتور عطية، قال إن الرجل مباح له في الإسلام الثانية والثالثة والرابعة وهذا لا حرج فيه شرعاً، طالما كان قادرا على النفقة عليهم، وهو ما لا يختلف فيه أحداً مع الأستاذ بجامعة الأزهر، الذي أضاف أن المرأة غير محاسبة على التقصير في البيت سواء من النفقة أو محاسبة الله للزوج إذا لم يعدل بين الزوجات.

واستطرد أن الدين أباح التعدد في الزوجات للرجل، وليس للمرأة الحق في منع الرجل من الزواج بإمرأة ثانية، موضحاً أنه ليس للمرأة حق في طلب الطلاق بسبب زواج الرجل من ثانية، بل لها الحق في طلب الطلاق في حالة إذا كان الرجل يضربها ولا ينفق عليها، أما إذا طلبت الطلاق بسبب الزواج فجزاؤها جهنم يوم القيامة.

وأوضح فتواه بأن المرأة إذا تضررت من زواج زوجها من امرأة ثانية، فلها الحق في طلب الخلع منه أما طلب الطلاق بسبب الزواج فلا يجوز.

تلك المعضلة الفقهية تحدث عنها فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بشأن تعدد الزوجات، في تصريحات سابقة له، قائلاً إن تعدد الزوجات لابد أن يكون تحت وطأة مبرر قوي معتبر، وأن يتوافر العدل مع باقي الزوجات.

وشدد مفتي الجمهورية، على أم ما يقوم به بعض الناس من إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج واشتراطهم فيه توقيت بزمنٍ معينٍ ونحو ذلك؛ يؤدي إلى بطلان صحة هذا العقد، مؤكداً أن الزواج الشرعي هو ما يكون القصد منه الدوام والاستمرار وعدم التأقيت بزمنٍ معينٍ، وإلَّا كان زواجًا مُحرَّمًا، ولا يترتب عليه آثار الزواج الشرعية، ومن ثم، فلا تسهم هذه المبادرات في حل المشكلات، بل تساهم في زيادة التباعد والتفكك الأسري، فمقصد الزواج في الإسلام يشترط فيه الديمومة ويتعارض مع قضية التأقيت".

وقال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، إنه على المؤمن أن يعلم أن الله سوى في إقامة العدل بين الأغنياء والفقراء، لافتًا إلى خطر العدل في قضية تعدد الزوجات، وكيف أن مجرد الخوف من عدم تحقيقه يمنع المسلم شرعا من التعدد، كما تقول الآية الكريمة: ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾.

وأضاف الدكتور أحمد الطيب، أن الوقوف عند مثنى وثلاث ورباع دون الانتباه لشرط إباحة المثنى والثلاث والرباع، أضاع حقوقا وجلب مظالم وشرد أطفالا وهدم بيوتا كانت عامرة وقد كان غياب العدل هو العامل المشترك في كل هذه المآسي.

وأشار الإمام الأكبر إلى أن قيمة "العدل" من القيم التي نفتقدها في أحيان كثيرة بمجتمعاتنا في معاملاتنا وتصرفاتنا العادية، مبينًا أن العدل اسم من أسماء الله تعالى، وبه قامت السموات والأرض.

تصريحات مبروك عطية ورائها مذاهب وتفسيرات كثيرة، لذا لم يكن الأمر يقتصر على مجرد فتوى في تصريح تلفزيوني، بل كان يتطلب جلسات وجلسات وكتب وشروح، بعيداً عن الجنة والنار.

إن تعدد الزوجات حلال بالقرآن والسنة وإجماع الفقهاء، غير أن ما يحدث من تبعات بعد ذلك القرار، تدفع به إلى درجة الظلم أو"حلال ظالم". بديهياً يتساءل البعض: وهل هناك حلال ظالم؟، القرآن نفسه حذر من تبعات ذلك القرار. لا سمح الله، وليس الظلم فيما أحله الله، ولكن الظلم ممن أساؤوا تطبيق ما أحله الله، اتخذوا من الدين ما يدعم وجهة نظرهم، ونسوا أطرها السليمة.

وبصورة أوضح: كالطلاق، فقد ورد فيما هو منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق"، فالطلاق حلال، لكن ما تعانيه الأسر والأبناء يعد ظلما لهم، رغم كون انفصال والديهم حلال، والله لا يرضى بذلك.

فداعمو تعدد الزوجات اتخذوا من قول الله تعالي في سورة النساء: "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ"، مجتزئين الآية الكريمة، فتلاها شرط بقول الله تعالى: "وإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا". وبدأت الآية الكريمة بقول الله تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى".

وفي تفسير ابن كثير: جاء قوله عن: ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ) أي : فإن خشيتم من تعداد النساء ألا تعدلوا بينهن ، كما قال تعالى: ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) [ النساء : 129 ] فمن خاف من ذلك فيقتصر على واحدة ، أو على الجواري السراري ، فإنه لا يجب قسم بينهن ، ولكن يستحب ، فمن فعل فحسن ، ومن لا فلا حرج.

 أستاذنا مبروك عطية، إن طبيعة النفس البشرية لن تستطيع العدل، وكاذب من يقول غير ذلك، فرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"، وهو حديث رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والحاكم، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.

وعن تفسير الحديث، ورد في التِّرْمِذِيّ: يَعْنِي بِهِ الْحبّ والمودة؛ لِأَن ذَلِك مِمَّا لَا يملكهُ الرجل وَلَا هُوَ فِي قدرته، وَقَالَ ابْن عَبَّاس ـ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ـ: لَا تَسْتَطِيع أَن تعدل بالشهوة فِيمَا بَينهُنَّ وَلَو حرصت، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: دلّت هَذِه الْآيَة على أَن التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة غير وَاجِبَة، وَقد أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن عَائِشَة أحب إِلَيْهِ من غَيرهَا من أَزوَاجه، فَلَا تميلوا كل الْميل بأهوائكم حَتَّى يحملكم ذَلِك على أَن تَجُورُوا فِي الْقسم على الَّتِي لَا تحبون.

الأسلوب أيضاً في حاجة إلى النظر، فهو آثار حفيظة الكثير، منهم الدكتورة مايا مرسي رئيس المجلس القومي للمرأة، وقالت عبر فيسبوك: " يا دكتور تصريحاتك لا تهمنا، وسؤالي لحضرتك لو عندك بنات وتزوج الزوج عليها، هيكون ده ردك لها؟".

وتابعت في منشور لها: "فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب: تعدد الزوجات حق مقيد ورخصة.. والرخصة لا بد لها من سبب، وسبق وأن حسم قضية التعدد، وأكد فيها إن على المؤمن أن يعلم أن الله سوى في إقامة العدل بين الأغنياء والفقراء".

واستندت إلى قول الإمام: "لفت إلى خطر العدل في قضية تعدد الزوجات، وكيف أن مجرد الخوف من عدم تحقيقه يمنع المسلم شرعا من التعدد، كما تقول الآية الكريمة: ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾".

وأوضحت: "وقال الإمام ابن القيم إن الرسول عليه الصلاة والسلام اشترط على علي ألا يتزوج على فاطمة أو يتصرف بما يؤذيها، والله إن دخول الجنة أو النار فهو حساب بين العبد وربه، وليس بأيديكم ولا باقتراحاتكم فكفوا أيديكم عنا، ولا تحرم الحق".

الإعلامية بسمة وهبة، اختلفت مع تصريحات مبروك عطية، قائلة: "يا شيخ مبروك لما تقول إن السيدة تعترض على أن زوجها يتزوج عليها تبقى آثمة وتدخل نار جهنم، واللي عمله بيج رامي في مراته هيدخله فين؟!".

وتابعت: "الزوجة التي تدعم وتساند زوجها وتبدأ معه من الصفر وتتحمل وتضحي وبعدين تلاقي صورته في الجرائد مع عروسته وتدخل جهنم، أنهي دين اللي بتتكلم عنه؟! تدخل جهنم عشان هي رافضة إنها تاخد خنجر في قلبها وكرامتها ومشاعرها يا شيخ مبروك؟!".

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق