أزمة أوكرانيا: التحشيد بالتوازي مع الحراك الدبلوماسي

الأربعاء، 26 يناير 2022 06:52 م
أزمة أوكرانيا: التحشيد بالتوازي مع الحراك الدبلوماسي

على خطين متوازيين، تستمر موسكو في الحشد والمناورات العسكرية، وكذلك الجهود الدبلوماسية مع الغرب، للخروج من نفق أزمة أوكرانيا، وسط تلويح أميركي بعقوبات قاسية جداً، قد تطول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً، واعتراف الكرملين بأنها ستكون «مدمّرة» سياسياً.
 
في ما اعتبره محللون خلق جبهة جديدة لهجوم محتمل على أوكرانيا، نشرت موسكو وحدة مظليين في روسيا البيضاء، بعد يوم من نقل قوات من المدفعية ومشاة البحرية، وستنقل - وفق وزارة الدفاع - أيضاً مقاتلات من طراز «سوخوي ــــ 35»، قبل تدريبات مقررة الشهر المقبل.
 
ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية أن قوات المدفعية الروسية في منطقة روستوف الجنوبية المتاخمة لأوكرانيا، أجرت تدريبات على إطلاق النار، في إطار فحص الاستعداد القتالي للمنطقة العسكرية الجنوبية.
 
وذكر الأسطول الشمالي أن السفن الحربية الروسية دخلت بحر بارنتس في أقصى الشمال لحماية ممر ملاحي رئيسي في القطب الشمالي.
 
وكانت موسكو أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستنظم سلسلة من التدريبات تشارك فيها كل أساطيلها.
 
في المقابل، صرح وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا أن الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية «كبير، يمثل تهديداً لأوكرانيا، لكنه حتى الساعة غير كافٍ لشنّ هجوم واسع النطاق على طول حدودنا. هذا يعني أنهم لن يتمكنوا من زيادته إلى مستوى كافٍ خلال فترة زمنية معيّنة».
 
إلى ذلك، وبعد انتقادات لرفضها تقديم مساعدات عسكرية، سترسل ألمانيا 5000 خوذة إلى أوكرانيا.
 
وقالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت: «هذه إشارة واضحة للغاية، نحن نقف بجانبكم. هذا هو العتاد، هذه ليست أسلحة، لكنها تساعد، فهي تقدم الدعم».
 
محادثات رباعية
 
وبالتوازي مع التصعيد العسكري، وبعد سلسلة محادثات دبلوماسية في أوروبا، الأسبوع الماضي، ترمي إلى نزع فتيل الأزمة، عُقد اجتماع للمستشارين الدبلوماسيين للرؤساء الروسي والأوكراني والفرنسي وللمستشار الألماني، في باريس، تحت «صيغة النورماندي»، التي تؤدي فيها باريس وبرلين دور الوسيط.
 
وجرت محادثات نورماندي لإنهاء الحرب في شرق أوكرانيا بين كييف والانفصاليين المدعومين من روسيا على مدار سنوات، دون إحراز تقدم حقيقي، لكن محادثات، أمس، قد تُعتبر علامة إيجابية على الجهود الدبلوماسية الجارية رغم التوترات المتصاعدة.
 
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم إن موسكو لا تريد إطالة أمد المحادثات بشأن أوكرانيا ومطالب روسيا الأمنية، مردفاً أن بلاده ستتخذ «تدابير مناسبة» إذا لم تتلقَ إجابة بناءة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، هذا الأسبوع.
 
عقوبات مدمّرة
 
وهدد الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو بعقوبات اقتصادية صارمة إذا غزت أوكرانيا، ولفت إلى أنه سيدرس فرض عقوبات شخصية بوتين، كما قالت بريطانيا إنها لا تستبعد القيام بذلك.
 
وأشار بايدن إلى أنه في حال غزت روسيا أوكرانيا «بالكامل» أو «حتى أقلّ من ذلك بكثير» فستكون هناك «تداعيات هائلة» و«سيغيّر ذلك العالم».
 
وعندما تفرض واشنطن عقوبات على شخصيات أجنبية، فإن ذلك يُترجم في معظم الأحيان، من خلال تجميد أصولها ومنع التعاملات مع الولايات المتحدة.
 
ورداً على ذلك، ذكر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «سياسياً، هذا الأمر ليس مؤلماً، إنه مدمّر»، معتبراً أن هذه العقوبات لن يكون لديها تأثير.
 
وبينما تنفي موسكو أن تكون لديها نية في هذا الاتجاه، يصرّ الكرملين على الحصول على ضمانات أمنية مكتوبة، بعدم ضمّ أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي، وسحب قوات وأسلحة الحلف من دول أوروبا الشرقية التي انضمت إليه بعد عام 1997، ولا سيما من رومانيا وبلغاريا. ومطالب روسيا لا يقبل بها الغربيون.
 
كييف تُضيف «تويتر» إلى آليات مواجهة روسيا
 
في وقت يحتشد نحو 100 ألف جندي روسي قرب حدود أوكرانيا، ومن أجل مواجهة التحديات، لجأت كييف - إلى جانب استعداداتها العسكرية - إلى حساب حكومي ينشر رسوم «ميمات» على الإنترنت، بعضها يسخر من موسكو، ويحقق تفاعلاً واسعاً.
 
صحيفة واشنطن بوست ذكرت أن حساب Ukraine@ على موقع تويتر، أصبح يجسِّد نافذة من نوع ما على روح العصر لدى أوكرانيا.
 
ووفق الصحيفة، أسس ياريما دوخ هذا الحساب عام 2016، عندما كان مسؤولاً صحافياً في مكتب الرئاسة الأوكرانية، وكان القتال بين القوات الحكومية التابعة لكييف وبين الانفصاليين المدعومين من موسكو في شرق البلاد يدخل عامه الثالث، وكان دوخ يبحث عن طريقة لتسليط انتباه الصحافة الدولية على أوكرانيا.
 
وفي تغريدة منشورة بتاريخ 7 الجاري، وصف الحساب أنواع الصداع وفقاً لأسمائه العلمية، لكن السخرية جاءت عندما صوّر «العيش بجوار روسيا» بأنه أسوأ أنواع الصداع، ما أثار تفاعلاً كبيراً، وشارك التغريدة أكثر من 140 ألف شخص.
 
وأشار المسؤولون عن الحساب إلى أن تغريدة الصداع وصلت إلى 55 مليون شخص، مردفين: «تقريباً أكثر مما تستطيع أن تفعله أي وسيلة إعلام دولية».
 
وأضافوا: «إننا نضحك في وجه التهديدات ليس لأننا نقلل منها، بل لعدم وجود شيء آخر يجب علينا فعله. هل نرقد ونبكي؟ لم تحقق الدموع الحرية لأي شخص قط».
 
وأكملوا: «علينا تفسير أن روسيا هي مكمن المشكلة، وليست أوكرانيا، وليس الغرب، وليست الولايات المتحدة، وليس حلف ناتو، وليس الحلفاء أو أي طرف آخر. روسيا هي الصداع، روسيا هي المشكلة وراء التصعيد الحالي».
 
آلاف المدنيين الأوكرانيين يتأهبون لحمل السلاح ضد روسيا
 
أفادت دراسة استقصائية لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع، أن 58 في المئة من الرجال و13 في المئة من النساء بأوكرانيا مستعدون للمشاركة في مقاومة مسلحة ضد أي غزو روسي، وفقاً لما ذكرته صحيفة إندبندنت. ويبلغ تعداد أوكرانيا 44 مليون نسمة.
 
وأوضحت تلك الدراسة أن حوالي 17 في المئة من الرجال و25.5 في المئة من النساء مستعدون لاستخدام وسائل أخرى، بما في ذلك الاحتجاجات والتظاهر ضد العدوان الروسي.
 
ووفقاً لخبراء فإن هذه النسب سوف تشهد ارتفاعا متزايدا، مع توافد أعداد كبيرة من المتطوعين المدنيين على التدريبات العسكرية، فقد قدم 12 ألف شخص إلى قوات المتطوعين.
 
وفيما إذا سيكون لديهم القدرة على الصمود لفترة طويلة في مواجهة قوة نيران الدبابات والصواريخ والمدفعية الروسية، يقول إلكيسي بيدا، البالغ من العمر 47 عاماً: «لا خيار آخر لدينا، نحن بحاجة إلى أن نكون متحدين وأن نكون مستعدين لأي شيء».
 
وأما سلاح المتطوعة، ماريانا زاغلو، فهو عبارة عن بندقية صيد اشترتها خصيصاً لتستخدمها عندما يصل الروس إلى العاصمة كييف، وهو احتمال مرجح للغاية كما ترى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق