مفتي الجمهورية يوضح حكم التجارة في العملات القديمة

الجمعة، 28 يناير 2022 02:10 م
مفتي الجمهورية يوضح حكم التجارة في العملات القديمة
منال القاضي

أجاب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، على سؤال ورد إلى دار الأفتاء يتضمن ما حكم التجارة في العملات القديمة، التي لا يتعامل بها في الوقت الحاضر؟ وإذا جاز فهل يشترط في ذلك التسليم والتسلم في نفس المجلس؟
 
وقال المفتي، إن هذا السؤال كتالي أن المقصود بالعملات القديمة العملات التي لغتها الدولة، وصارالناس لا يتعاملون بها، وصار بعضها من قبيل التحف والنوادر التي يتهادى الناس بها.
 
وتابع المفتي أن الأصل في جمع هذة العملات القديمة مما لا يتعامل به الآن والاتجار بها، أنه أمر مباح في ذاتة لدخوله في عموم قولة تعالي "وأحل الله البيع وحرم الربا" من سورة البقرة. 
 
وأوضح أنه إن بيعت هذ العملات القديمة وكانت من النقدين أي من الذهب والفضه: "فإنه يشترط فيها القبض في المجلس والحلول لأنه يشترط في بيع الربوي بالربوى الحلول والتقابض قبل التفرق- انظر حاشية ابن عابدين وحاشية الدسوقي ومغني المحتاج، وكشاف القناع للبهوتي".
 
ويستوى في ذلك أن يكون البديلين من جنس واحد، كذهب بفضة، والدليل على ذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال، قال: "رسول الله صلى الله عليه وسلم "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» رواه مسلم.
 
أَمَّا إذا بيعت هذه العملات القديمة وكانت من غير النقدين؛ أي: ورقية، فلا يجري فيها القواعد الشرعية في صَرْف العملة من الحلول والتقابض؛ بل يجوز بيعها بالأَجَل، ونصوص الأئمة الأربعة على ظاهرها لا تُجري الربا أصلًا في النقود الورقية الرائجة التي يتعامل الناس بها، إلا روايةً عن الإمام مالك.
 
فعند الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف: لا ربا في الفلوس الرائجة؛ فأجازا مبادلة فِلْسٍ بِفِلْسَين أو أكثر إذا كانت جميعها معيَّنة، ووجه ذلك: أن الفلوس ليست أثمانًا بأصل الخلقة، وإنما تثبت ثمنيتُها باصطلاح الناس عليها، وما كان ثابتًا بالاصطلاح أمكن إبطاله، كما بسطه العلامة الكمال بن الهمام الحنفي في "شرح فتح القدير" (7/ 22، ط. دار الفكر).
 
وهذا هو المعتمد عند المالكية أيضًا: قال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير لسيدي أحمد الدردير" (3/ 61، ط. دار الفكر): [بيع الفلوس السحاتيت المتعامل بها بالفلوس الديوانية: فعلى المعتمد من أن الفلوس غير ربوية، فإن تماثلا عددًا فأجز، وإن جهل عدد كل، فإن زاد أحدهما زيادة تنفي المزابنة فأجز وإلا فلا، وأما على أن الفلوس ربوية فلا يجوز البيع إلا إذا تماثلا وزنًا أو عددًا] اهـ.
 
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 15، ط. دار المعرفة): [والذهب والوَرِقُ مباينان لكل شيء؛ لأنهما أثمان كل شيء، ولا يقاس عليهما شيء من الطعام ولا من غيره] اهـ.
 
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (9/ 395، ط. دار الفكر): [إذا راجت الفلوس رواج النقود لم يحرم الربا فيها، هذا هو الصحيح المنصوص، وبه قطع المصنف والجمهور. وفيه وجه شاذ أنه يحرم، حكاه الخراسانيونُ] اهـ.
 
وعند الحنابلة: روايتان منصوصتان عن الإمام أحمد في بيع فِلْسٍ بفلسين، الصحيح منهما الجواز، كما في "الفروع" للعلامة ابن مفلح و"تصحيحه" للعلامة المرداوي الحنبليين (6/ 295، ط. مؤسسة الرسالة).
 
فإذا كان ذلك في العملات الورقية الرائجة؛ فمن باب أولى هذه العملات القديمة غير الرائجة في سوق الصَّرْف، فقد زالت عنها علة الربا، ويجوز التعامل عليها بما يتفق عليه المتبايعان من الثمن به.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق