يوسف أيوب يكتب: تحركات مصرية لتقوية الأمن القومى العربى ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية

السبت، 29 يناير 2022 05:00 م
يوسف أيوب يكتب: تحركات مصرية لتقوية الأمن القومى العربى ومواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية

ما بين زيارة رئيس الجزائر للقاهرة.. ولقاءات الرئيس السيسى في أبو ظبى 
الأوضاع في ليبيا والسودان والخليج العربى وسوريا تفرض الحاجة لنظام أمنى عربى جامع ودفع آليات العمل المشترك 
 
قبل أيام القى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، محاضرة أمام كلية الدفاع الوطني بسلطنة عمان بعنوان "المتغيرات الإقليمية والدولية وأثرها على العمل العربي المشترك"، دعا خلالها إلى إقامة نظام أمني عربي جامع يقوم على قواعد والتزامات متبادلة بين مختلف الأطراف، والمصارحة الكاملة بين الدول العربية، وعلى قاعدة من تلبية الحاجات الأمنية المختلفة لهذه الدول، سواء كانت تلك الحاجة هي أمن الخليج، أو الأمن المائي المصري والسوداني في مواجهة المخاطر القادمة من أثيوبيا، أو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية أو غير ذلك من القضايا والمخاطر التي تشغل دولنا من المحيط إلى الخليج.
 
وقال أبو الغيط إن موقفنا في مواجهة القوى الإقليمية هو محصلة لقدرتنا على العمل المشترك كعرب، معربا عن الأسف لأن المنطقة العربية تُعد المنطقة الوحيدة في العالم تقريباً التي تفتقر إلى نظام أمني جامع.
 
وقت أن وقف أبو الغيط في السلطنة ملقياً لمحاضرته، كانت الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون يزور القاهرة يومى الأثنين والثلاثاء الماضيين، ويعقد لقاء قمة مع الرئيس السيسى، وبعدها بـ24 ساعة يزور الرئيس السيسى العاصمة الأماراتية "أبو ظبى" للقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمشاركة في جلسة مباحثات رباعية في قصر الوطن بأبوظبي، مع أشقائه الشيخ محمد بن زايد، والملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات أمير إمارة دبي، وهى الجلسة التي قال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأنها شهدت التباحث بشأن تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، وسبل تعزيز التنسيق والتعاون بين الأشقاء لدفع آليات العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه المنطقة.
 
تحركات لصياغة نظام أمني عربي جامع
 
ما بين زيارة تبون للقاهرة، وزيارة الرئيس السيسى لأبو ظبى مؤشرات على ان هناك تحركات لصياغة نظام أمني عربي جامع، خاصة أن كل هذه التحركات تأتى في توقيتات شديدة الدلالة، منها المساعى الجزائرية لعقد القمة العربية، فضلاً عن عقد القمة الأفريقية في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا الأسبوع الأول من فبراير المقبل، فضلاً عن تحركات عدة في ملفات إقليمية ملتهبة، منها الوضع في السودان وليبيا وفلسطين واليمن وسوريا، بالإضافة إلى قضية سد النهضة الإثيوبى.
 
في الإمارات أكد الشيخ محمد بن زايد، على التقدير البالغ للدور الاستراتيجي والمحورى الذى تقوم به مصر تحت قيادة الرئيس السيسى فى حماية الأمن القومى العربى والدفاع عن قضايا الأمة العربية، وكذلك مساعي مصر الدؤوبة فى سبيل ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية فى المنطقة، وذلك ارتكازاً على ثقل دور مصر ومحوريته ومقوماته على الساحة الإقليمية.
 
وأكد الرئيس السيسى متانة العلاقات المصرية الإماراتية وقوتها، وما تتميز به من خصوصية، مشدداً على أن زيارته للإمارات تأتى استمراراً لمسيرة العلاقات الوثيقة والمتميزة التي تربط البلدين وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد، ودعماً لأواصر التعاون الثنائى على جميع الأصعدة، مجدداً الإعراب عن تضامن مصر حكومة وشعباً مع دولة الإمارات الشقيقة جراء الحادث الإرهابي الأخير الذي أسفر عن وفاة وإصابة عدد من المدنيين.
 
وقبل زيارة الرئيس السيسى للإمارات، كانت القاهرة على موعد مع استقبال الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون، لعقد قمة مصرية جزائرية انتهت إلى بيان مشترك شمل الكثير من التفاصيل التي تكشف أهمية الزيارة في التوقيت وما شهدته من موضوعات جرى النقاش حولها.
 
بداية فإن كل الدلائل تشير إلى أن البلدين أمامهما تحديات تتمثل في الشق الأمنية وهي من التحديات الأساسية خاصة فيما يحدث بدول الساحل من اضطرابات، وكذلك التطورات على مستوى القرن الافريقي وخاصة فى السودان وليبيا ومالي، يضاف إلى ذلك تحديات أخرى عربية لكل من مصر والجزائر وتحديدا في محاولة رأب الصدع بين الدول العربية التي تشهد نزاعات وتحتاج لدور دبلوماسي، وهو ما استدعى من الجزائر وهى مقبلة على استضافة القمة العربية إلى الاعتماد على مصر ودورها الريادى والقيادى لتوحيد الصفوف العربية في ظل التحديات الاقتصادية والتجارية التي تستدعى التنسيق بين البلدين، فمن تابع أحاديث الأشقاء الجزائرين سيلمس هذا الأمر، خاصة مع تأكيدهم على أن إنجاح القمة العربية المقبلة في الجزائر، التي تحمل عنوان "قمة الاخوة والوحدة" يجب أن يمر عبر القاهرة.
 
الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ
 
وقبل أن نتحدث عن دلالات توقيت زيارة الرئيس الجزائرى للقاهرة، نأخذ بعضاً مما ورد في البيان المشترك، الذى أشار إلى تأكيد الرئيسان "على الطابع الاستراتيجي والمتميز للعلاقات الثنائية واتفقا على دفع أطر التعاون الثنائي بين البلدين من خلال تفعيل آليات التشاور والتنسيق بينهما على كافة المستويات، ووجها في هذا السياق بعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة بين مصر والجزائر برئاسة رئيسي وزراء البلدين وآلية التشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية، خلال النصف الأول من هذا العام".
 
في البيان أيضاً كانت هناك إشارة واضحة إلى القناعة المصرية الجزائرية الراسخة بان "الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، بما يقتضي التضافر والتضامن العربي لصونه، وتفعيل آليات العمل العربي المشترك"، مشيراً إلى توجيه الرئيسان بـ"تكثيف التنسيق خلال الفترة المقبلة لتفعيل آليات العمل العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية، وفي هذا الإطار رحب الرئيس عبد الفتاح السيسي باستضافة الجزائر للقمة العربية القادمة معرباً عن الثقة في نجاح جمهورية الجزائر الشقيقة في استضافة أعمال القمة بالشكل الأمثل باعتبار القمة محطة هامة لتوحيد الرؤي العربية إزاء مختلف القضايا وتعزيز أطر التعاون والتنسيق بين الدول العربية".
 
وضمن ما جاء في البيان ايضاً الأوضاع الدولية والإقليمية التي جرى النقاش حولها، حيث "شدد الرئيسان على أهمية التنسيق بين البلدين الشقيقين على المستويات العربية والإفريقية والمتوسطية والدولية، مؤكدين على ضرورة ترسيخ سنة التشاور والتنسيق بما يعظم مصالح الشعبين الشقيقين"، وأكدا "على أهمية الحفاظ على الأمن القومي العربي في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها المنطقة، وشددا على ضرورة تعزيز مفهوم الدولة الوطنية، ودعم دور مؤسساتها لتلبية طموحات الشعوب العربية، ورفض محاولات التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول العربية. واتفقا على أهمية دعم أطر وآليات العمل العربي المشترك وجهود جامعة الدول العربية ذات الصلة بما يصون المصالح العربية".
 
من ضمن هذه القضايا تطورات القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، وقال البيان أن الرئيسان "تناولا الجهود المبذولة لحفظ حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، وتحقيق تطلعاته وآماله المشروعة في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحشد الجهود الإقليمية والدولية ذات الصلة. هذا وقد أثني الرئيس عبد المجيد تبون على الجهود المخلصة التي تضطلع بها مصر في سبيل تحقيق المصالحة الفلسطينية، كما رحب الرئيس السيسي بالجهد الجزائري في هذا الصدد، وكذلك أشاد الرئيس تبون بجهود مصر في مجال إعادة إعمار قطاع غزة".
 
كما أشار البيان إلى "التطرق إلى مستجدات الأزمة الليبية، حيث أكد الرئيسان أن حل الأزمة التي يعيشها هذا البلد الشقيق يجب أن يكون ليبياً من خلال التوافق بين أبنائه بما يضمن وحدة وسيادة ليبيا، كما طالبا بخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، وأكدا على أهمية عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية بما يتيح المجال للشعب الليبي الشقيق للتعبير عن إرادته الحرة وتحقيق آماله المشروعة".
 
ولم تغب السودان عن المباحثات بعدما "اتفق الرئيسان على ضرورة دعم استقرار الأوضاع في السودان واحترام سيادته ووحدة أراضيه لما يمثله ذلك من أهمية بالغة لتحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية، كما أكدا على أهمية دعم جهود تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة التي تشهدها، وبما يحول دون تمدد أنشطة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في هذه المنطقة، ويضمن مساعدة دول الساحل والصحراء على اجتياز التحديات التي تواجهها بما في ذلك تكثيف الدورات التدريبية المقدمة لكوادرها في مجال مكافحة الإرهاب".
 
تحركات جديدة في ملف سد النهضة
 
ووفقاً للبيان "تناول الرئيسان قضية سد النهضة، وما تمثله مياه النيل من أهمية بالغة للشعب المصري، وتوافقا على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وبما يحقق مصالح الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا بشكل عادل ومنصف".
 
وأشار البيان أيضاً إلى توجيه الرئيسان بـ"تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مقاربة شاملة للتصدي لتلك الظاهرة بمختلف أبعادها الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتنموية، والفكرية والأيديولوجية، وكذلك من خلال مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية، وتقويض قدراتها على استقطاب وتجنيد عناصر جديدة، وتجفيف منابع تمويلها".
 
هذا أبرز ما جاء في البيان المشترك، والذى تناول الكثير مما يمكن ان يقال بشأن القمة التي حظيت باهتمام عربى وأقليمى كبير. 
 
إذا تحدثنا عن دلالة توقيت الزيارة، سيكون لنا هنا أكثر من وقفة، كونها في الأساس تأتى في توقيت دقيق تشهد فيه المنطقة العديد من التطورات المتلاحقة، فضلاً عن تداخل السياستين المصرية والجزائرية في العديد من الملفات التي تشهد هذه الأيام تفاعلاً مما استوجب أن يكون هناك نقاش موسع بين الرئيسان.
 
بداية فإن الجزائر مقبلة على استضافة القمة العربية، وكان مقرراً ان يتم عقدها خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكن بسبب جائحة كورونا، فتم الاتفاق على تأجيلها، وإن كان هناك مقترحات لعقدها عن طريق المشاركة الافتراضية، في حين ترى الجزائر عقدها في يوليو المقبل وتحديداً بعد شهر رمضان، كونها ضرورية لبحث العددي من الملفات العربية الملتهبة، وعلى رأسها الوضع في فلسطين، وعودة سوريا إلى مقعدها، وغيرها من الملفات التي تأمل الجزائر في التوصل إلى توافق بشأنها بين الدول العربية، ومن هنا اختار تبون القاهرة لتكون بوابته لفتح النقاش حول هذه الملفات، ليقينه بالثقل الذى تمثله مصر ورئيسها في العمل العربى المشترك.
 
الأمر الأخر أن الأسبوع الأول من فبراير المقبل هو موعد عقد القمة الأفريقية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبعيداً عن القضايا الأفريقية التي ستكون محل نقاش في القمة، فإن الجزائر تأمل في حدوث انفراجه في قضية "سد النهضة"، وهنا لا ننسى أن الجزائر قبل أشهر قليلة أرسلت وزير خارجيتها رمطان العمامرة في جولة شملت القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، في محاولة استكشافية لمواقف الدول الثلاثة على أمل التوصل إلى وساطة جزائرية تحدث انفراجه.
 
وهنا تبرز دلالة التوقيت، فقبيل زيارة تبون للقاهرة جرت الكثير من المياه في قناة "سد النهضة"، كان أبرزها الزيارة التي قام بها نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى اديس أبابا، وهى الزيارة الأولى لمسئول سودانى رفيع المستوى منذ نشوب التوتر الحدودى بين أديس والخرطوم، والتشدد الإثيوبى في ملف مفاوضات السد، كما أطلق رئيس وزراء إثيوبيا تصريحات أعتبرها مراقبين أنها تمثل تراجعاً في الموقف الإثيوبى، خاصة ان هذه التصريحات جاءت قبل أيام من عقد القمة الخامسة والثلاثين للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، والمقرر لها الأسبوع الأول من فبراير المقبل، تحت شعار "بناء المرونة في التغذية في القارة الأفريقية"، والتي يأمل "أحمد" في أن تقلل من حجم الضغوط والحصار الدولى لحكومته بعد اتهام الحكومة الإثيوبية بارتكاب جرائم حرب ضد شعب تيجراى.
 
وصباح الثلاثاء الماضى أصدر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بياناً أكد خلاله أن تحقيق التنمية فى كافة دول حوض النيل كان دائما من أولويات مصر من خلال تقديم المساعدات والخبرات التى تسهم فى مساعدة الدول الشقيقة، فى إطار التعاون الثنائى باعتبارها الأساس فى توفير الاستقرار لشعوب تلك الدول، مشدداً على أن مصر تعرب عن أملها فى إمكانية الوصول لاتفاق منشود لسد النهضة لما يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون من شأنها تحقيق الاستقرار الاقليمى.
 
وقال مدبولى في البيان أن مصر حريصة على التوصل لاتفاق ملء وتشغيل ملزم قانونياً لاتفاق لسد النهضة يحقق المصالح المشتركة، من خلال تحقيق الموازنة بين تحقيق إثيوبيا أقصى استفادة ممكنة من سد النهضة فى مجال توليد الكهرباء وتحقيق التنمية المستدامة فى مقابل عدم حدوث ضرر لدولتى المصب (مصر والسودان)، مشدداً على "أن مصر تبدى اهتمام باستئناف المفاوضات فى أقرب وقت بهدف الإسراع فى حل النقاط الخلافية".
 
ويوم الثلاثاء الماضى أيضاً استقبل وزير الخارجية سامح شكري، السفير "ديفيد ساترفيلد" المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، وأكد شكرى له على أهمية استئناف المفاوضات في أقرب وقت ممكن بهدف التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن وملزم قانوناً حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح الدول الثلاث، وذلك اتساقاً مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021.
 
وسبق هذا تصريحات لوزير الخارجية سامح شكرى أطلقها من العاصمة العمانية "مسقط"، أكد خلالها أن مصر دائماً على استعداد لاستئناف المفاوضات مع إثيوبيا، إذا كانت هناك إرادة سياسية تساعد للتوصل إلى اتفاق. وهناك تجارب كثيرة خاصة في الإطار الأفريقي، وتم حلها وفق القانون الدولي، والتي تلبي مصالح دول المنبع ودول المصب.
 
تصريحات شكرى جاءت بعد يوم من بيان نشره رئيس الوزراء الإثيوبى "آبي أحمد" نشره عبر صفحته الرسمية على "تويتر"، زعم خلاله أن "سد النهضة" لن يأتي بالفائدة لإثيوبيا فقط؛ بل ستكون له فوائد للسودان ومصر، وأن السد سيؤمِّن الحماية للسودان من الفيضانات وشح المياه في فترات الجفاف.
 
وتطالب مصر والسودان، من إثيوبيا بإبرام اتفاقية قانونية مُلزمة تضمن لهما الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد، وهو ما فشلت فيه المفاوضات الثلاثية، والممتدة بشكل متقطع منذ 10 سنوات، وجرت آخر جلسة للمفاوضات في أبريل 2021 برعاية الاتحاد الأفريقي، أعلنت عقبها الدول الثلاث فشلها في إحداث اختراق؛ ما دعا مصر والسودان للتوجه إلى مجلس الأمن الذي أصدر قراراً رئاسياً منتصف سبتمبر الماضي، يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي، للوصول إلى اتفاق مُلزم خلال فترة زمنية معقولة. 
 
 كل هذه الأمور التي تابعناها خلال الأسبوع الماضى تؤكد أن ملف السد الإثيوبى أخذ حيزاً من القمة المصرية الجزائرية، خاصة وكما سبق الإشارة أننا مقبولون على قمة أفريقية، ومن هنا جاءت الإشارة الواضحة في البيان المشترك إلى التوافق المصرى الجزائرى حول أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومتوازن وملزم حول ملء وتشغيل السد، بما يحقق مصالح الدول الثلاث، ويحافظ على الاستقرار الإقليمي، مع التأكيد على ضرورة إبراز حسن النية والإرادة السياسية اللازمة من كافة الأطراف في المفاوضات.
 
الدلالة الثانية أن هذه القمة جاءت بعد أيام من استضافة الجزائر لقادة الفصائل الفلسطينية، في مسعى جزائرى للم الشمل الفلسطيني، وهنا يأتي دور مصر، التي تعد اللاعب المحورى في هذه القضية، حيث تقوم بدور فعال في تنشيط المصالحة الفلسطينية الداخلية.
 
الدلالة التوقيتية الثالثة متعلقة بمجريات الأحداث على الاراضى الليبية، والتي تشهد ارتباكاً سياسياً في اعقاب تأجيل عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى موعد لم يتم تحديده، وإعلان البرلمان الليبى الحالي بانتهاء صلاحية حكومة الوحدة الوطنية، ومن المعروف ان مصر والجزائر منخرطين بقوة في الحل السياسى الليبى بحكم الجوار، وتأثير الوضع الليبى على البلدين، لذلك كانت القمة فرصة للتأكيد أمام الجميع على حدوث توافق على تكثيف تنسيق الرؤى والمواقف إزاء آليات حلحلة الأزمة الليبية، لاسيما مع حساسية الوقت الراهن.
 
أذن هناك رابط قوى بين زيارةالرئيس الجزائرى للقاهرة، ولقاءات الرئيس السيسى في أبو ظبى، هذا الرابط هو المساعى المصرية القوية لدعم وتقوية الامن القومى العربى لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تفرض نفسها بقوة على العالم العربى. 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة