شباب القصرين ضحية الفساد والوعود الجوفاء.. الوضع الاجتماعي شديد الصعوبة.. التشاؤم واليأس يسود المدينة.. والسكان أصبحوا فريسة سهلة لـ«داعش»
الجمعة، 22 يناير 2016 01:35 م
"ابني ضحية الفساد والتهميش والوعود الجوفاء".. بهذه العبارة يلخص عثمان اليحياوي الوضع الذي يواجهه الشباب بعد أن أشعلت وفاة ابنه خلال تظاهرة في القصرين وسط البلاد موجة من الاحتجاجات الاجتماعية في تونس.
توفي رضا اليحياوي عن 28 عاما عندما اصيب بصعقة كهربائية السبت الماضي بعد ان تسلق عمود كهرباء اثناء الاحتجاج مع آخرين على سحب اسمه من قائمة التشغيل في القطاع العام.
وبعد يومين من الاحتجاجات في المنطقة الفقيرة في وسط تونس حيث تستشري البطالة انتقلت الاحتجاجات على التهميش الى ولايات اخرى.
واقيل مسؤول كبير في القصرين بعد وفاة رضا وفتح تحقيق حول مسببات تعديل قائمة التشغيل.
لكن عثمان اليحياوي لديه اجابة بسيطة على الامر. يقول الأب البالغ من العمر 65 عاما بصوت يخنقه الغضب "لولا الفساد لما شطب اسم ابني ولكان لا يزال حيا. طالما انهم بحاجة +لاكتاف+ (واسطة) للحصول على وظيفة سيموت شباب آخرون مثله".
ففي يوم السبت "الأسود" كما يقول، كان رضا الحامل لدبلوم مهني في الكهرباء يسعى لمقابلة المحافظ لفهم لماذا حرم من فرصة العمل. لكن تم تجاهل طلبه وهذا ما ادى الى وفاته برأي والده الذي يسكن في حي الكرمة الفقير في المدينة التي تعد اكثر من 80 الف نسمة والقريبة من الحدود مع الجزائر.
وقال عثمان وهو أب لستة أولاد وابنتين آخرين "اذا لم احصل على حق ابني، انا مستعد للتضحية بغيره"، مطالبا بتعويض مالي عن وفاة رضا وبان تعترف السلطات به "شهيدا" مثل 338 من ضحايا الإرهاب وضحايا القمع الدامي للانتفاضة التي جرت في نهاية 2010 ضد نظام زين العابدين بن علي.
ومنذ السبت، يشارك عثمان اليحياوي مع مئات آخرين في الاحتجاجات اليومية امام مقر الولاية وسط انتشار امني كثيف.
- شباب فقير -
وبالمثل، يقول محرز البالغ من العمر 36 عاما ان "اهمال الدولة لهذه المنطقة المهمشة منذ عشرات السنين" هو السبب في موت أخيه.
ويضيف الشاب الباحث عن عمل أن "الوضع الاجتماعي شديد الصعوبة" موضحا ان السلطات "تدفع الشباب الفقير على التوجه نحو الاتجار بالمخدرات او الارهاب" بعد ان التحق آلاف التونسيين بصفوف التنظيمات الجهادية مثل تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا المجاورة.
ويشاركه الرأي الكثير من شباب القصرين حيث يرتسم الفقر على كل شيء فيها من الطرق المهملة الى الاحياء المكتظة والمساكن المتهالكة.
ويقول إبراهيم البالغ من العمر 24 عاما وينتعل حذاء مهترئا "نحن هدف سهل للتنظيمات الارهابية. نحن في حالة من التشاؤم والقرف واليأس بحيث أننا يمكن ان نسير خلف الشيطان للخروج من هذا البؤس".
السياسيون لا يفهمون شيئا
وتقول الخريجة الجامعية فوزية الرتيبي "نحن نعاني من الكثير من الظلم ولم تعد بنا طاقة للاحتمل. لقد طفح الكيل". وتضيف الشابة التي تعاني من البطالة منذ ثلاث سنوات انها مستعدة للعمل مقابل 200 دينار في الشهر (90 يورو) حتى تتمكن من شراء الدواء لامها المريضة.
وأمام هذا المشهد المتكرر بعد خمس سنوات من احراق البائع المتجول محمد البوعزيزي نفسه في سيدي بوزيد وانطلاق الثورة على النظام، يقول سليم البالغ من العمر 27 عاما وقد غطى نصف وجهه بمنديل، ان هذا دليل على ان "سياسيينا لم يفهموا شيئا".
ويضيف وهو يشارك مع عشرات اخرين في قطع الشارع الرئيسي في المدينة بالاطارات المشتعلة "اعتقد أن الوقت حان لكي نجعلهم يفهمون ولكي يرحلوا".
"عمل، حرية، كرامة وطنية" يردد المحتجون مستعيدين شعارات الثورة التي اطاحت بحكم زين العابدين من علي الذي تولى السلطة بلا منازع طيلة 23 عاما.