صواريخ روسيا تهز اقتصاد العالم.. رغيف الخبز يدفع فاتورة الحرب.. ارتفاع متوقع فى أسعار القمح والغاز

الخميس، 24 فبراير 2022 03:40 م
صواريخ روسيا تهز اقتصاد العالم.. رغيف الخبز يدفع فاتورة الحرب.. ارتفاع متوقع فى أسعار القمح والغاز

بوتيرة متسارعة، توالت أحداث الأزمة الأوكرانية بعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونتيسك ولوجانسك الواقعتين شرق أوكرانيا، وإبرام اتفاقيات صداقة مع حكومتي الجمهوريتين، يمكنه بموجبهما دخول الشرق الأوكراني لتمتد الأمور بعد ذلك إلى إطلاق عملية عسكرية، وهو التصعيد الذي قابلته الولايات المتحدة والغرب بحزمة عقوبات، ستؤثر بطبيعة الحال علي دولاً عدة من بينها بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بخلاف التهديد المباشر لإمدادات الطاقة للقارة الأوروبية.
 
ولعل التطورات الأخيرة، بإعلان روسيا بدء عمليتها العسكرية، في الأراضى الأوكرانية، بعد رفض مطلق من قبل موسكو لفكرة انضمام كييف إلى حلف الناتو، والذى تعتبره تهديدا صريحا لأمنها القومى، تمثل منعطفا جديدا في تداعيات كبيرة لن تقتصر على أوروبا الشرقية أو دول القارة العجوز بأسرها، وإنما تمتد إلى العالم كله، خاصة فيما يتعلق بعملية إمدادات الغاز، أو واردات القمح القادمة سواء من روسيا أو أوكرانيا لصالح العديد من البلدان حول العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط.
 
 
 
 
رغيف الخبز يدفع فاتورة الأزمة
 
فمع اندلاع الأزمة الأوكرانية، وبداية خطوات التصعيد الروسى، بدأت العديد من الدول العربية دراسة بدائل للقمح الأوكراني، من بينها المغرب والجزائر وليبيا ولبنان وغيرها من الدول التي تعد من مستوردي القمح في العالم، والتي تعاني من الجفاف قبل أسبوع علي وضع خطة طوارئ عاجلة ، والبحث عن أسواق آخري من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وكندا، وذلك إثر توقعات بتأثر وارداتها من القمح، خلال المرحلة المقبلة، جراء التطورات الكبيرة والمتسارعة على الصعيد الأوكرانى.
 
السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، قال في تصريحات لـ"اليوم السابع" إن تداعيات الأزمة الأوكرانية المباشرة هي أسعار القمح لاعتبارها من أكبر الدول المصدرة لهذه السلعة، وفى حال استمرار الأزمة فإن الأمر سيطال أسعار السلع الأخرى، ففي حال ارتفاع أسعار البترول والغاز، وفى ظل اقتراب سعر برميل البترول من 100 دولار، فإن أسعار الشحن والنقل سترتفع ما يؤدي لموجة غلاء في نهاية المطاف علي الصعيد العالمي.
 
وأضاف أن التساؤل الذى يطرح نفسه يدور حول الكيفية التي تدير بها واشنطن الأزمة، موضحا أن الأمور مازالت غير واضحة إلى حد كبير، ما إذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن، سوف تتبع سياسة الإدارة السابقة لإجبار العالم على فرض العقوبات على روسيا، وإلا تقع هي الأخرى تحت طائلة العقوبات، مؤكدا أنه حال اتباع مثل هذه السياسة فإن التداعيات سوف تمتد إلى دولا أخرى بعيدة عن منطقة الأزمة، خاصة مع ارتباط مصالح الدول من مختلف مناطق العالم بطرفى الصراع.
 
وفى تقرير سابق ، حذرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية علي لسان خبراء من سيناريوهات صادمة علي صعيد الأمن الغذائي عالمياً حال احتدام النزاع حول أوكرانيا التي تصدر 10% من إجمالي الصادرات العالمية للقمح، ونقلت عن أندرى سيزوف، العضو المنتدب بأحد شركات الأبحاث الروسية التي تركز على أسواق الحبوب في البحر الأسود، توقعاته عن ارتفاع الأسعار بنسب تصل إلى 20%.
 
وتستفيد الدول التي تشتري القمح من أوكرانيا في الشرق الأوسط من الطريق البحري القصير عبر مضيق البوسفور وفى حال نشوب حرب سيتعين عليهم دفع المزيد في تكاليف الشحن لجلب القمح من الولايات المتحدة أو أستراليا.
 
 
 
من القمح إلى الغاز.. الأمور تبدو معقدة
 
ومن القمح إلى الغاز، تبدو الأمور كذلك معقدة للغاية، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن روسيا هي المصدر الرئيسي للغاز في أوروبا الغربية، وبالتالي فإن العقوبات على قطاع الطاقة في روسيا يعنى ارتفاع كبير في الأسعار، وهو ما بدأت بوادره في الظهور خلال الأيام الماضية، مع زيادة ملحوظة في أسعار النفط والغاز، وما سوف يؤدى إليه من تداعيات كبيرة على أسعار باقى السلع في المرحلة المقبلة.
 
في هذا الإطار، قال الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، إن الأزمة الأوكرانية تساهم بصورة كبيرة في تفاقم الأوضاع الاقتصادية العالمية بصورة كبيرة، خاصة وأن العالم لم يتعافى حتى الآن من تداعيات جائحة كورونا، في إطار اعتماد أوروبا بصورة كبيرة على الغاز الروسى بنسبة تصل إلى 40% من الإمدادات، وهو ما يعنى أن العالم ربما يكون على شفا حالة من التضخم إثر الارتفاع الكبير في أسعار الغاز في المرحلة الراهنة، بينما تبقى الأمور مرشحة للتزايد بصورة كبيرة، حال عدم وصول الغاز الروسى إلى أوروبا.
 
وأضاف أن الأمر لن يقتصر على أوروبا، حيث سيعود الأمر على المنتجات وبالتالي زيادة فاتورة الواردات مما يساهم في تفاقم التضخم العالمي، موضحا أن القمح يبقى أحد السلع التي قد تؤدى إلى أزمة كبيرة خاصة إذا ما اتجه طرفى النزاع إلى استخدام هذه السلعة الاستراتيجية، كسلاح للضغط على دول العالم للحصول على دعمهم وهو ما يعتنى زيادة أسعاره بصورة كبيرة..
 
وعن العقوبات المفروضة على روسيا، يرى جاب الله أنها لن تضر الجانب الروسى فقط، وإنما ستترك تداعيات كبيرة على أوروبا خاصة وأن الغرب لن يجد بديلا للسلع الروسية بأسعار أقل.
 
وبخلاف التأثيرات السلبية المحتملة عالمياً ، فإن بعض الدول قد تستفيد من الأزمة الأوكرانية بحسب "رخا" الذي قال إن الخليج والدول التي تتمتع بوفرة نفطية وإنتاج عالي من مشتقات البترول ستكون في الجانب الرابح من الأزمة نظراً لارتفاع أسعار الطاقة، لافتا إلى أن الغاز المصري قد يعرف طريقه بشكل أقوي للسوق الأوروبية لكن الأمر يظل مرتبط بمدة الأزمة.
 
وأضاف رخا : تبقى فرص مصر كبيرة، ومع الطفرة التي سوف تشهدها مصر في انتاج الغاز، خلال العامين المقبلين، ولكن على المدى المتوسط، وليس القصير، مع تطوير البنية التحتية، لتسييل الغاز يمكن زيادة الصادرات المصرية بصورة كبيرة، مشددا على أن الغاز الروسى يغطى حوالى 40% من احتياجات أوروبا، وبالتالي يبقى من الصعب توفير هذه الكمية فورا.
 
وخلال العقد الأخير صعدت أوكرانيا إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب، حيث كانت تهدف هذا العام إلى احتلال المرتبة الثالثة في القمح والمرتبة الرابعة في الذرة، على الرغم من أن الصراع الأخير مع روسيا قد غرس الخوف في الأسواق بشأن ما إذا كانت جهود التصدير الأوكرانية يمكن أن تنجح.
 
وأدت موجات الجفاف التاريخية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي إلى تفاقم الاحتياجات من الحبوب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والمخاوف المستمرة بشأن النقص.
 
ورغم تحذيره من نقص القمح ، إلا أن "جاب الله" يري أن الدولة المصرية قادرة علي اجتياز تلك الأزمة بفض مشروع الصوامع وقدرات مصر علي تخزين المزيد من الاحتياطات الاستراتيجية من تلك السلعة الهامة، فضلاً عن اقتراب موسم الحصاد خلال شهر إبريل.
 
أما عن الغاز ، فقال "جاب الله"، إن الارتفاع العالمي لأسعار الغاز يعود علي الدولة المصري بفائدة كبيرة، في ظل زيادة انتاج الغاز المصري المرشح للتضاعف.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق