حرب عالمية ثالثة تلوح.. هل يدفع الضغط الغربي بوتين إلى إشعالها؟

الإثنين، 28 فبراير 2022 04:50 م
حرب عالمية ثالثة تلوح.. هل يدفع الضغط الغربي بوتين إلى إشعالها؟
فلاديمير بوتين

يزداد الضغط الغربي على االرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودائرته الضيقة لدفعهم إلى انهاء الغزو للأراضي الأوكرانية واحترام سيادة الدول بدلاً من تعريض الأمن العالمي للخطر، مع استمرار الدول الغربية في حلف الناتو في حشد القوة العسكرية اللازمة لمنع تمدد الحرب في شرقي اوروبا، إلا أن شرارة غير متوقعة قد تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة بعد أن ضيق الخناق بشكل كبير على الدب الروسي الذي لن يقبل بأي شكل من الاشكال الخسارة في هذه الحرب التي ستشكل هزيمة جديدة للاتحاد الروسي بعد ثلاثة عقود على انهيار الاتحاد السوفياتي.
 
واليوم بات اقتصاد روسيا في طريقه إلى الانهيار مرة جديدة، المجال الجوي الأوروبي مغلق أمام شركات الطيران الروسية، والعقوبات تتوسع، والنخب الثرية الروسية من الطبقة الحاكمة تتأذى بعد أن أصبحت الفوائد المالية الهائلة التي تحصل عليها من بوتين مهددة بشكل خطير. في حين ان ترسانة روسيا التي يبلغ قوامها 6000 رأس حربي هي الشيء الوحيد الذي يبقي عليها قوة عظمى.
 
العقوبات تضيِّق الخناق
 
أعلن الكرملين اليوم أن بوتين يصب جهوده حالياً على الرد الاقتصادي لمواجهة العقوبات القاسية، وسيعقد الرئيس اجتماعا لمناقشة تداعياتها الاقتصادية.
 
وكان رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو حذر من أن العقوبات الغربية على روسيا قد تدفع الأخيرة إلى حرب عالمية ثالثة. وقال لوكاشينكو مساء الأحد: «الآن هناك الكثير من الحديث ضد القطاع المصرفي والغاز والنفط وسويفت». إنها أسوأ من الحرب. هذا يدفع روسيا إلى حرب عالمية ثالثة.
 
ووافقت بيلاروسيا اليوم في استفتاء على دستور جديد يتخلى عن وضع البلاد كدولة غير نووية وهو ما يسمح نظريًا لروسيا بوضع أسلحة نووية على الأراضي البيلاروسية لأول مرة منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.
 
وكان بوتين اتهم الاتحاد الأوروبي بسلوك عدائي تجاه روسيا، قائلا إن إمدادات الأسلحة لأوكرانيا كانت خطيرة ومزعزعة للاستقرار، وأمر بوضع قوات الردع النووي الروسية في «نظام خاص» رداً على ما وصفه بالتصريحات العدوانية لحلف «ناتو» والعقوبات الاقتصادية، وهو ما عزز المخاوف حول العالم من استخدام الأسلحة الذرية، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية ثم أزمة الصواريخ في كوبا عام 1962 لم يجرؤ رئيس دولة على الذهاب إلى هذا الحد في الاستفزاز النووي.
 
حشد قوة الناتو
 
وكان حلف شمال الأطلسي بدأ السبت بنشر عناصر من قوة الرد السريع في الدول المجاورة لأوكرانيا، وفي هذا السياق أرسلت فرنسا بشكل خاص 500 جندي إلى رومانيا. كما تم تشكيل مجموعة قتالية في سلوفاكيا تضم ​​أكثر من ألف جندي من وحدات من ألمانيا وهولندا وجمهورية التشيك وبولندا وسلوفينيا والولايات المتحدة، ليصبح المجموع 4500 جندي منتشرين في المنطقة. كما ان حدة الصراع تضاعفت منذ نهاية هذا الأسبوع في العاصمة الأوكرانية كييف التي تقاوم وتنظم صفوفها في ظل انضمام العديد من المدنيين لمساعدة القوات العسكرية في البلاد مع توجه مواطنين أوروبيين إلى القتال في أوكرانيا، لاسيما تصريح البرلمان في لاتفيا لمواطنين بالقتال في أوكرانيا ضد روسيا، وهو ما قد يتذرع به بوتين لاحقاً بإعتباره بمثابة اعلان حرب من لاتفيا احدى جمهوريات دول البلطيق التي كانت ضمن حدود الاتحاد السوفيتي وهي الأن ضمن حلف الناتو.
 
وكذلك الأمر شكل تخلي ألمانيا عن أحد المحرمات، بقرارها تسليم أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا وثم رفع ميزانيتها الدفاعية تحدياً امام روسيا بقيادة بوتين التي كانت في السابق تسيطر على القسم الشرقي من المانيا خلال حقبة الحرب الباردة.
 
الهروب إلى الأمام
 
واعتبر خبراء أن تصريحات بوتين بشأن وضع الردع النووي الروسي في حال تأهب مجرد خدعة، في حين عدّها آخرون لعبة خطرة وهروبا للأمام، يظهر إحباط بوتين في مواجهة المقاومة العسكرية الأوكرانية والعقوبات الغربية، فهو أصبح حالياً معزولاً دبلوماسياً، ومنغلقا في منطق يحكمه جنون الارتياب، وهذا أمر مقلق يجعل من المستحيل فهم استراتيجيته القادمة.
 
وفي هذا السياق تقول صحيفة الأوبزرفر إن محاولة سحق بلد مستقل ونظامه الديمقراطي من خلال قوات رئيس مهووس يستدعي عهد النازية دفع أوروبا مرة أخرى إلى الأزمنة المظلمة. وتعلق الصحيفة أن بوتين قد يكون مجنونا أو غير مجنون، ولكنه بالتأكيد بلطجي والقوة هي سلاحه الوحيد والبروباغنداً الكاذبة هي ذخيرته.
 
الحظر الجوي فكرة مجنونة
 
وفي المقابل فإن الغرب لن يسمح بسقوط أوكرانياً، وفي هذا السياق يطرح فيه نواب بريطانيون فكرة تأمين مجال حظر جوي على أوكرانيا تحرسه الطائرات البريطانية والناتو، وهناك فكرة لتسليح وتدريب قوات شبه عسكرية، لكن كل هذا يثير العديد من المشاكل، فكما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس: منطقة حظر جوي قد تؤدي إلى مواجهات بين طائرات الناتو والمقاتلات الروسية بشكل يزيد من مخاطر الحرب الثالثة.
 
ونقلت صحيفة الغارديان عن بافيل بودفيج، أحد الخبراء البارزين في العالم في مجال القوة النووية الروسية قوله:«بعد إعلان بوتين سأكون صريحًا - أنا متوتر فالأمور لم تكن عقلانية في الكرملين مؤخراً، وبالتالي فهي ليست علامة جيدة».
 
ولا خلاف بين مراقبي روسيا، على أن ولع بوتين للتلويح بالترسانة النووية يعكس الضعف وانعدام الأمن، وهذه ليست صفة جيدة في زعيم قوة نووية عظمى.
 
خطوة بوتين
 
ويمكن لأي تصعيد أن يأخذ زخماً خاصا، ولأن الهوامش ضعيفة جدا - لا يتوفر للقادة الغربيين سوى بضع دقائق لاتخاذ القرارات إذا اعتقدوا أن بلادهم تتعرض للهجوم - سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن يتعاملوا بحذر شديد مع الموقف. وليس من الواضح ما هي الآثار العملية المترتبة على إعلان بوتين. فقد يعني ذلك تحميل القنابل النووية على القاذفات، أو نشر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات على منصات إطلاق متحركة، أو إطلاق المزيد من الغواصات المسلحة نوويا في البحر، كما يمكن أن يتضمن أمر بوتين توصيل الأسلاك، بحيث يمكن تنفيذ أمر الإطلاق فوراً إذا صدر. لذا فإن التحدي الذي يواجه حلفاء الناتو الآن هو الحفاظ على الدعم الذي تحتاجه أوكرانيا لبقائها مع توضيح أن بوتين لديه طريقة للخروج من الأزمة، بدلاً من تسلق سلم التصعيد إلى النقطة التي يتخذ فيها بوتين منطقا خاصا به، فالتهديد بفرض منطقة حظر طيران فوق أجزاء من أوكرانيا تعني أن الناتو مستعد لإسقاط الطائرات الروسية، وسيمثل ذلك تصعيداُ دراماتيكياً، في حين أن التلميحات حول تغيير النظام في موسكو من المرجح أن تعمق جنون العظمة لدى بوتين.
 
وبحسب جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي فإنه من مصلحة الجميع أن يوضح الغرب أن أشد العقوبات سيتم رفعها عند استعادة الوضع السابق، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه من الصعب على الغرب خلق مسار للتهدئة فمن المفترض أن يعتمد الكثير على الكيفية التي ينظر بها بوتين إلى العواقب الداخلية لتراجعه - وهو أمر لا يتحكم فيه الغرب.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة