قوات الردع النووي جاهزة.. التصعيد الأمريكي الروسي يفتح باب التهديد بحرب عالمية ثالثة

السبت، 05 مارس 2022 08:00 م
قوات الردع النووي جاهزة.. التصعيد الأمريكي الروسي يفتح باب التهديد بحرب عالمية ثالثة
تعبيرية
كتب- محمود علي

- قوات الردع الروسية تضم وحدات مجهزة بصواريخ وقاذفات وغواصات وسفن.. وواشنطن: لا داعي للقلق 

ألقت الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها على العالم أجمع، خاصة مع تسارع أحداثها واحتدام معاركها، حتى وصل الأمر إلى وضع موسكو قوات الردع النووية في حالة تأهب، ما أثار تخوفات عدة من أن تتحول الأزمة الراهنة إلى حرب عالمية يكون الكلمة الأولى فيها للسلاح النووي.

حرب نووية أم ورقة للتهدئة

وتعني هذه الخطوة، تجهيز أدوات روسيا النووية، لأوامر الإطلاق والقتال في أي وقت، ما دفع العالم إلى النظر بخوف من مستقبل الحرب التي تشهدها أوكرانيا، والتوقع بأنها قد تنتقل إلى ما أبعد من العمليات العسكرية المحدودة التي بدأتها موسكو يوم 24 فبراير الماضي.

ورغم ما يثار من قلق وخوف داخل الدول الغربية، من أن تستخدم هذه الورقة، في إطار التصعيد الروسي المحتمل ضد حلف الناتو، إلا أن البعض يقول إنها مجرد تهديدات ومن الصعب بل مستحيل تطبيقها، على اعتبار أنها ستحول العالم إلى نار مشتعلة في كل مكان، ولطالما تم إطلاق مثلها على مر العقود الماضية دون أن تؤخذ على محمل الجد.

وقال بوتين، الأسبوع الماضي إن وضع "قوة الردع" في الجيش الروسي في حالة تأهب، كان رداً على اتخاذ مواقف "عدوانية" تجاه بلاده، منتقداً العقوبات الاقتصادية الأوربية على بلاده والتي وصفها بـ "غير المشروعة" ردا على إطلاق عملية عسكرية ضد أوكرانيا.

ردود الأفعال الغربية، جاءت سريعة ورافضة ومستنكرة لقرار بوتين، حيث أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرج عن قلقه، فيما اعتبرت الولايات المتحدة أن هذه الخطوة تعد تصعيدا غير مقبول.

ورداً على سؤال عما إذا كان على الأمريكيين الخوف من اندلاع حرب نووية قال بايدن "لا داعي للقلق بشأن الحرب النووية"، فيما أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو"، تفعيل قوة الرد التابعة له لأول مرة في تاريخه، كإجراء دفاعي ردا على العملية العسكرية الروسية.

وتضم قوات الردع الروسية مجموعة من الوحدات المجهزة بصواريخ وقاذفات وغواصات وسفن، وعلى الصعيد الدفاعي، تتضمن درعا مضادة للصواريخ وأنظمة مراقبة جوية ودفاعات مضادة للطائرات وللأقمار الصناعية وهدفها ردع أي هجوم على روسيا "بما في ذلك في حال حرب تتضمن استخدام أسلحة نووية".

ولم تكتف الولايات المتحدة بتعليق بايدن عن الحرب النووية المحتملة، لترد عبر السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد التي أكدت أن "هذا يعني أن الرئيس بوتين يواصل تصعيد هذه الحرب بطريقة غير مقبولة على الإطلاق وعلينا أن نواصل وقف أفعاله بأقوى طريقة ممكنة".

أما أوكرانيا هي الأخرى، فردت على تلويح موسكو بهذه الورقة النووية، وقالت عبر وزير خارجيتها دميترو كوليبا إن وضع تأهب القوات النووية الروسية يستهدف زيادة الضغط على أوكرانيا أثناء المفاوضات، مشيرا إلى أن "هدف روسيا تدمير أوكرانيا لكننا لن نسقط".

هذه التصريحات تعني فقط أن الدول الغربية وحلف الناتو مجتمعا ربما يستنكر أو يعبر عن قلقه من خطوة بوتين، لكنه لا يريد التصعيد، وهو ما أكده التراجع الأوروبي وبالأخص بريطانيا فيما يخص إرسال متطوعين للقتال بجانب أوكرانيا في الحرب ضد روسيا.

وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس خرجت بتصريح مفاجئ وغريب، بعد دعمها البريطانيين الذين يريدون الذهاب إلى أوكرانيا للانضمام إلى القتال ضد الروس، مضيفة أنها تدعم دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتشكيل قوة مقاومة دولية من الخارج، إلا أن الأمر يبدو أنه تصريح شخصي لا يمثل لندن التي سارعت ونصحت عبر وزير دفاعها بن والاس، المواطنين بعدم الذهاب إلى أوكرانيا للقتال.

التراجع البريطاني، فسره مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن بأنه مرتبط بتخفيف حدة التصعيد مع الروس، وقال:"إن تصريح وزيرة الخارجية البريطانية بالتشجيع للتطوع إلى أوكرانيا لمقاومة ما أسمته الغزو الروسي في إشارة إلى إرسال مرتزقة وقوات غير رسمية لمحاربة دفع موسكو بالأساس للرد سريعاً عبر إعلان الرئيس فلادمير بوتين بتأهب القوات النووية".

وأضاف رخا في تصريحات لـ "صوت الأمة" أن هذا الرد الروسي العنيف طبيعي على حالة التصعيد التي تنبتها الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي عموما، مشيرا أن خطوة موسكو تعبير عن "أن صبرها على الغرب نفذ"، لاسيما مع الحرب الإعلامية التي تشنها الصحافة الدولية ضدها بعدما وصفوا العمليات العسكرية بأنها غزو غير محدود في حين أن الأمر يمكن وصفه بالاجتياح الذي يشمل استهداف بعض المناطق.

وهناك أسباب أخرى أشار لها الدبلوماسي المصري السابق حول اتخاذ روسيا هذه الخطوة التهديدية باللجوء إلى السلاح النووي، وقال "إن هناك تسريبات كانت قد تداولت بأن أوكرانيا ربما تحاول صنع أسلحة نووية وهو دفع روسيا إلى بدء عملياتها العسكرية في المدن المهيئة لحمل هذه الأسلحة والسيطرة عليها".

ورغم صعوبة تحقيق هذه الخطوة وفق السفير المصري السابق، لكن الحرب الأوكرانية دفعت بعض الدول الأوربية إلى التسابق نحو التسليح، وأخرها ألمانيا التي تعتبر حذرة جدا في مسألة التسليح إلى رفع ميزانية جيش بلادها 2% من الناتج القومي الألماني.

فخ «أفغاستان» يلوح في الأفق

على جانب آخر، فإن إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بنيته إنشاء "فيلق دولي أجنبي" للمتطوعين من خارج البلاد طرح تساؤلات عدة، حول أهداف الخطوة التي رآها مراقبون بأنها قد تطيل العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، فيما أثار هذا التصريح الشكوك من أن تتحول أوكرانيا إلى مستنقع جديد لروسيا في حرب أشبه بالفخ الذي نصبته الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لموسكو في القرن الماضي فيما عرف بالحرب السوفيتية في أفغانستان، والتي كانت استنزافية وأضعفت القوة العسكرية الروسية لسنوات.

 وتتمنى الدول الغربية أن تقع روسيا في المحظور، بتحول أوكرانيا إلى أفغانستان جديدة لموسكو، بعد خسائر الأخيرة الباهظة في ثمانيات القرن الماضي، حيث كانت يدعم الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة ما يطلق عليهم "المجاهدين الأفغان" لاستنزاف الجيش الروسي.

 لكن البعض يرى أن هناك مبالغة في هذا الأمر، وهذا ما أكده مساعد وزير الخارجية الأسبق رخا أحمد حسن الذي أكد "هناك أخبار مزيفة كثيرة ومبالغة في بعض الأحيان تداول عن العمليات العسكرية التي تخوضها روسيا في أوكرانيا".

وأضاف لـ "صوت الأمة" أن "روسيا توجه ضربات على المناطق القريبة من الحدود وتحاول أن تتفادى الدخول في نفس المستنقع الأفغاني"، مؤكداً أن "العمليات العسكرية الروسية تشمل استهداف مواقع للجيش الأوكراني فقط دون الدخول في معارك استنزافية"، مؤكداً أن خطة روسيا هي "إرباك القوات الأوكرانية من خلال توجيه ضربات لقواعده وتمركزاته في أكثر من منطقة"، مستدلاً بذلك بأن الجيش الأوكراني بالفعل بدأ في الانسحاب من أطراف الدولة وقام بالتركيز أكثر على العاصمة والمناطق المحيطة لها".

 وتابع أن "مسألة دخول روسيا وتورطها في المستنقع الأوكراني مثلما حدث مع أفغانستان مستبعد تماماً"، مشيراً أن روسيا متيقنة لهذا الأمر حيث يحاول حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن يحقق هدفه الأساسي من هذه الحرب وهو استدراج روسيا لحرب استنزافية دون أن ينظر إلى ما ستشهده أوكرانيا من دمار نتيجة ذلك.

وأكد أن الهدف الثاني لحلف الناتو هو وجود مبرر قوي لفرض مزيد من العقوبات الدولية على روسيا ومن ثم استنزاف اقتصادها ووضعه في خندق مغلق، موضحاً أن الهدف الثالث من "محاولة استفزاز الناتو للروس هو وجود مبرر جديد لضم أوكرانيا لدول الحلف".

ولفت أن "روسيا من البداية وتؤكد أنها مدركة لهذه التحركات المريبة وما يضعف احتمالية الدخول الروسي وسقوطه في فخ المستنقع الأوكراني أن هناك نقاط قوة لدى موسكو يمكن استخدامها بدل الوقوع في ذات الفخ، أبزرها اختلاف العرقيات المتواجد في أوكرانيا حيث يوجد عدد كبير لا بأس به مناصر للتدخل الروسي، ما يصعب على كييف أن توحد موقفها أمام رؤية موسكو الرافضة لأي تواجد للناتو على حدودها".دخول الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر في الحرب يراه البعض أمر مستبعد، لكن قد تتحرك بحدود لإشعال الوضع في أوكرانيا، من ناحية لاستنزاف الروس عسكرياً وإنهاكها اقتصاديا، ويتم ذلك عبر تسليح أوكرانيا أو دعمها عبر أجهزة الاستخبارات والتجسس الأمريكية المنتشرة على الحدود الأوكرانية وبداخلها، وكشف موقع

«طائرات دون طيار» أمريكية بالقرب من المعركة

civmilair  المتخصص في رصد تحركات الطائرات العسكرية والمدنية، عن إطلاق الجيش الأمريكي طائرات بدون طيار بالقرب من الحدود الأوكرانية، فيما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تستطلع الأجواء المحيطة للحرب الروسية الأوكرانية التي أطلقت الخميس الماضي.

وأكد الموقع أنه رصد طائرة بدون طيار للجيش الأمريكي على ارتفاع 17000 قدم فوق بولندا، وعلى بعد حوالي 20 ميلاً من الحدود الأوكرانيةوتتهم روسيا أمريكيا بتزويد أوكرانيا بأسلحة ومعتاد عسكرية ثقيلة لتطويل أمد الحرب، دفاعاً على مصالح الولايات المتحدة، كما أكدت موسكو رصدها طائرات بدون طيار أمريكية تشارك في المعركة.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيجور كوناشينكوف الأسبوع الماضي، إنه أثناء إجلاء العشرات من العسكريين الأوكرانيين، بعدما ألقوا أسلحتهم طواعية، حاول 16 قاربا من البحرية الأوكرانية مهاجمة السفن الروسية في البحر الأسود" بينما كانت طائرات أمريكية بدون طيار تحلق في السماء".

وعلى الرغم من نفي وزارة الدفاع الأمريكية ما تداوله الروس حول استخدام واشنطن بعض الطائرات بدون طيار لمساعدة أوكرانيا على مهاجمة سفن روسية، فأن ما كشفه الموقع المتخصص في رصد الطيران عن قرب الطائرات الأمريكية بدون طيار للحدود الأوكرانية يضع النفي الأمريكي في محل شك.

ويقول المراقبون إن هدف الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية من شحن الأوكران ضد الروس، ودفع كييف لاتخاذ قرارات مستفزة للدولة الجارة، هو استقطاب موسكو لمستنقع جديد يشبه الأفغانستاني الذي أدى إلى ضعف الاتحاد السوفيتي وخسارته هيبته لعقود.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق