خليك ماركة.. واوعى تنبهر

الثلاثاء، 29 مارس 2022 09:30 ص
خليك ماركة.. واوعى تنبهر
أمل عبد المنعم

خداع المظاهر قد يلفت النظر لكن بالتأكيد لا يلفت القلوب، فيواجهنا من يحرصون على استقلال سيارة ماركة وساعة ماركة حتى ملابسهم لابد أن تكون ماركة، يسعون للمناصب والشهرة والمال، ويسيطر عليهم شعور إنهم السادة ولا يمكن أن يرفض لهم طلباً، وهذا ما يجعلنا نتساءل ما الذي ينقص رجل أعمال لديه مليارات الدولارات؟، ولديه العديد من متع الحياة لكي يستغل فتيات يتيمات وصغار في السن لاحول لهن ولا قوة، ولا يستطيعن الدفاع عن أنفسهن، غير إنه يغلب عليه شعور الذات العليا المهيمنة معتقداً أنه لا يقف أمامه أحد.

 ليترك ضحايا يعيشن أبشع شعور مدى سنين حياتهن، وكذلك رجل أعمال أخر لديه أيضاً العديد من المليارات من الجنيهات، ووضع اجتماعي محترم وأملاك ومؤسسات، ولا يحتاج إلى أي شيء حتى يقع فريسة في قضية اتجار في الأثار والتمويل لها، ليعد الثراء السريع هو الهدف السريع المرجو دون النظر للوسيلة ومدى مشروعيتها، وغيرهم من الأثرياء اللذين يهربون أموالهم للخارج أو يدخلون في صفقات مشبوهة أو عمليات غسيل أموال.

فنجد قضايا الرشاوي تمس أسماء كبيرة ومناصب عليا سواء كانت الرشا متكررة أو في لحظة ضعف، وليست كل الرشا أموال فهناك مناصب بدون وجه حق ومرتبات لا يقابلها أي أعمال بالإضافة إلى المحاباة والمجاملات الزائدة لأشخاص مفروضين على مؤسسات دون خبرة ودون تاريخ مهني مشرف، وفي ذات الوقت الذين ينافقونهم بداخلهم ألف لعنة لكنهم يظهرون العكس، وغيرهم من ذي الوجهين يتعاملون بمنتهى الرفق واللطف وبمجرد غروب الوجه يتراشقون بسلسلة من الشتائم والسباب، وكل هذا من أجل الحفاظ على مصالحهم ومرتباتهم الباهظة، يتناسون "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً"، ودائماً تسيطر عليهم النفس الأمارة بالسوء وتغلب النفس اللوامة والمطمئنة.

 ذات الأشخاص قد يقفون مع أنفسهم خاصةً أن بعض زملاؤهم أو أهل بيتهم أو حتى جيرانهم غيبهم الموت، لكن للأسف تكون العظة والتأثير لديهم لمدة لحظات والبعض الأخر أيام وعند أشخاص تستمر شهور قليلة ثم يعيدون لشرور أنفسهم مرةً أخرى، ويتناسون أقرب الأشخاص إليهم الذين توفوا دون منصب أو شهرة أو نفوذ أو مال، وهذه طبيعة بشرية الله عز وجل لا يعطي الثبات للكل فسبحانه وتعالى له اختيارات لجنوده، كما أن المكانة الربانية أكبر بكثير من المكانات والمناصب الدنيوية الزائلة.

الماركة الحقيقية في جوهر الإنسان وأخلاقه وسلوكه وتصرفاته ومعاملاته بالأخص وقت الغضب لتظهر الرحمة متجلية وغير مصطنعة أو مفتعلة، الانبهار بالقشور قد يصدأ بمرور الوقت، فقد نجد أشياء تلمع من بعيد ننبهر بمظهرها الخارجي لكن بالقرب نجدها خاوية، الماركة الحقيقية تظهر وقت الشدائد والمصاعب دون تخلي أو خذلان أو استكبار، محاربة شرور النفس كما جسدها الفنان الكبير محمد صبحي بشكل كوميدي لتصل للعقل والقلب في مسرحية" الهمجي"، وكانت ترتكز على نفس الشيء أن لم تحارب (الطمع، الحسد، الكذب، الفتنة، الشك، الخيانة)، وكيفية محاربة الخير للشر، وإن لم تستطيع محاربتهم فمهما وصلت من مكانة "أنت همجي".

الكل يعلم ما بداخله فالسيء يعلم إنه سيء حتى لو أخفى ما في نفسه عن أعين الناس فالكاذب يعلم أنه يكذب أو ينافق أو يحقد ويحسد أو يأذي، والسارق يعلم بجرمه وكذلك كل الأفعال المجرمة من قتل وسطو وزنا، والتغافل يكون من أجل الاستمرار فكلاً منا عند وقوع مصائب أو مرض أو فقد أو فواجع وحوادث كبرى، يعلم إذا كان يندرج تحت مسمى "المؤمن مصاب" أم " ومن أعمالكم سلط عليكم" أو" إن ربك لبالمرصاد"، بالرغم من هذا العلم يلجأ الكثير للتبرير أن ما حدث حسد وسحر وليس ذنب أودين "فداين تدان" في الخير والشر.

ولذلك أعيدوا اكتشاف من حولكم بدون ماسكات لتروا وجوههم الحقيقية وتصرفاتهم دون تجميل، انتزع منهم مناصب ومصالح ومرتبات ومكافآت لا يستحقونها، ووقتها سوف تروا أفعالهم الحقيقية وتعرفون حقيقة من حولكم الذين يتعاملون ويتصرفون بدون ماسكات، ودون المطالبة بأيا ًمن هذه الأشياء، ومهما تم الضغط عليهم لا يخرج منهم غير كل شيء جميل ونفيس، فهناك فرق كبير بين المحترم والذي يمثل الاحترام، والخلوق والذي يمثل الأخلاق، فالمواقف كاشفة وعارية لهؤلاء، و" الحب والأخلاق، والصحة، والستر، وراحة البال، والسمعة" كلها أشياء لا تشترى ولا تباع.

 

تعليقات (1)
موضوع رائع
بواسطة: Raghad Ahmed
بتاريخ: الأربعاء، 30 مارس 2022 12:40 ص

كالعادة إبداع رائع ،وطرح يستحق المتابعة.

اضف تعليق