«الطيب»: كونوا لينين مع العصاة واحتوهم

الخميس، 07 أبريل 2022 01:09 م
«الطيب»: كونوا لينين مع العصاة واحتوهم
منال القاضي

أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بحسن التعامل مع العصاة أو الخارجين عن حدود الله في أفعالهم وافكارهم فيما سماهم "العصاه"، ضمن معالجة القضايا المجتمعية  موضحا  فلسفة التعامل بطرق المعالجة ،و احتوائهم لكي لا يكونوا نواة لمن يستغلونهم ضد الأمم والشعوب ويستغلهم البعض فيما يهدد  أمن الناس وتزازد بهم اعمال العنف  .

و يكرر الطيب  التعامل مع المتطرفين فكريا  قائلا ولا يجيب أن يتعامل معهم بنوع من العنف والتأنيب أو تجاهلهم، بل يجب التعامل معهم بنوع من الرحمة والعقلانية واحتوائهم لان من صفات الله سبحانه وتعالى الرحمة وهو منزها عن كل شيء ويجيب على الانسان ان يكون رحيما بالعصاة.

 كما  رفض من قبل تكفير فئة معينه نتهج منهج العنف والتطرف باسم الدين " الدواعش " وقال الطيب لا نملك تكفير كل من يحمل شهادة الا إله الا الله  همها بغلت ذنوبه

وقال فضيلة الإمام الأكبر إن الرحمة بالنسبة للإنسان هي حالة من الشفقة والرقة القلبية تدفعه على أن يساعد غيره ويقف إلى جواره ويستمر معه إلى أن تقضى حاجته التي تنهي حالة الرقة وحالة الشفقة عند هذا الرحيم من البشر،موضحا أن رحمة العبد بغيره تصاحبها حالة من الآلام ،بحيث يتأثر بالمشكلة أو بالحاجة التي نزلت بهذا الشخص أو ما يسمى بالمرحوم، فهناك عبد راحم وعبد مرحوم تنزل به مصيبة أو حاجة تضطره إلى أن يستعين بغيره، هذا الذي يستعين به يجد في نفسه رقة قلبية مصحوبة بألم،  أو تأثر على هذا الشخص الآخر.

 

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، خلال الحلقة الخامسة من برنامجه الرمضاني "الإمام الطيب"، أن الرحمة بهذا المعنى لايمكن أن نقول بأنها صفة من صفات الله تعالى،  لحدوث حالة من الرقة لم تكن موجودة قبل ذلك ، ثم زالت تلك الحالة بعد أن قٌضيت الحاجة، ، فهي مرتبطة بحالة تحدث ثم تزول ، كما أنها مرتبطة بشعور الألم وشعور التأثر، وهذه الأمور يستحيل على الله تعالى أن يتصف بها، حيث أن من صفات الله سبحانه وتعالى أنه منزه عن كل صفة من صفات العباد أو المخلوقات أو الموجودات، لأن كل صفات الحوادث صفات وإن كانت كاملة من جانب فهي ناقصة من جانب آخر، وبالتالي يستحيل أن يتصف الله تعالى بها، لأن من صفاته أنه متصف بالكمالات منزه عن النقائص، لا يتشبه ،فالله سبحانه وتعالى رحيم ورحمن بالعباد، لا يلحقه الألم أو لا يزول بعد أن تقضى هذه الحاجة .

 

وأضاف فضيلة الإمام أن العلماء أكدوا أنه لا توجد رحمة من البشر لغيرهم دون مقابل، فلا يمكن أن تكون مجردة كما هي عند الله تعالى، فحين يشعر العبد بألم الآخر أو بمشكلة الآخرين ويرحم هذا العبد ويبدأ في مساعدته ويشعر بالألم ، فهو أيضا يتطلع إلى أن يوقف الألم المصاحب عنده والمترتب على تألم الآخر فكأنه يقضي حاجة الآخر في مقابل أن يوقف الألم الذي يشعر به هو نفسه، فهنا مقايضة، كأنه يدفع شيئا في مقابل الشيء ، بينما الله سبحانه وتعالى لا ينطبق عليه أو لا يتصف بهذا لأنه يرحم دون مقابل ، ودون دفع أي شيء .

 

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر  أن اسم "الرحمن" لا ينطبق على العبد، ولكنه يستطيع أن يكون له نصيب من هذا الاسم في أنه يكون راحما يبسط رحمته على الناس، ويستشعر بينه وبينهم نوع من الأخوة والصلة المستمرة، بحيث لا يتوقف ذلك عند المؤمنين فقط، بل يوسع دائرة الرحمة والتآخي والشفقة والصلة بينه وبين الناس، مستشهداً بقوله تعالى، "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، فالتعارف هنا تبادل المنافع والصلات، وما جاء في الحديث النبوي الصحيح ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عقب صلاته " اللهم ربنا ورب كل شيء ، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة " ، موضحا أن كلمة العباد تشمل المؤمنين والكافرين والأعداء وغيرهم، بما يؤكد أن منطق الأخوة ومعناها يقتضي الرحمة بين العباد، وبخاصة الفقراء والمرضى ، بمعنى إن كان مثلا ذا مال يواسي بالمال ، وإن كان ذا جاه يواسي بالجاه ، وهكذا بالعلم أو بالطب أو غيره ،فالكل يرحم الآخر بما عنده .

 

وكشف فضيلة الإمام الأكبر أن الإنسان ينبغي أن يكون رحيما حتى بالعصاة، من خلال أن يعلم أو يتدبر في أن المعصية تساوي المرض ، وأن العصاة مرضى بهذا المرض ، وأن موقف الإنسان الرحيم من المريض ومن المرضى هو موقف العلاج والرحمة ، وليس التشفي أو التبكيت أو اللوم والعنف ، مستنكرا الصياح الذي يحدث من بعض الدعاة في لوم العصاة وفي تقريعهم، مؤكدا أن واجب الداعية أن يحمد الله سبحانه وتعالى أن عافاه من مرض المعصية، وأن يجتهد ليعالج العصاة من هذه المعاصي وكأنها أمراض تعالج وتداوى، وليس كأخطاء تستحق التبكيت واللوم والتعنيف.

وقال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر ، ردا على سؤال حول عدم اصدار الأزهر بياناً لتكفير داعش، "إنه لكي تكفر شخصا يجب أن يخرج من الإيمان وينكر الإيمان بالملائكة وكتب الله من التواره والانجيل والقرآن، ويقولون: «لا يخرجكم من الإيمان إلا إنكار ما ادخلت به».

وتساءل شيخ الأزهر، خلال اللقاء المفتوح مع طلاب جامعة القاهرة،  في 2015 ، ما حكم شخص يؤمن بتلك الأمور، ويشرب الخمر ويرتكب إحدي الكبائر، هل يصبح كافر ؟، موضحا اختلاف المذاهب في الأمر، " فوضعه محل مشكلة واختلاف، فقديماً اذا ارتكبت الكبيرة خرج من الإيمان وأصبح كافرًا، وهناك مذاهب أخري، تقول أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو مؤمن عاصي، فلو أنه مات وهو مصراً على كبيرته لا تستطيع أن تحكم عليه أنه من أهل النار، فأمره مفوض لربه».

 

واستشهد شيخ الأزهر بالآية الكريمة، «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم».

 

وتابع، «الأزهر لا يحكم بالكفر على شخص، طالما يؤمن بالله وباليوم الآخر، حتى ولو ارتكتبت كل الفظائع»، قائلاً: «داعش لا استطيع أن اكفرها، ولكن احكم عليهم أنهم من المفسدين فى الأرض، فداعش تؤمن أن مرتكب الكبيرة كافر فيكون حلال دمه، فأنا أن كفرتهم اقع فيما ألوم عليه الآن».

 

كما رد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على سؤال لأحد طلاب جامعة القاهرة عن لماذا لم يصدر الأزهر بيان بتكفير داعش حتى الآن؟ قائلا: "المسألة ستتوقف هنا على الإيمان بالله تعالى، فالايمان هو أن تؤمن بالله ورسوله وملائكته والقضاء والقدر، إذن النبى حدد كيف تدخل الإيمان؟، والخروج من الإيمان هو الكفر بذلك".

 

وأضاف شيخ الأزهر، بكلمته خلال اللقاء المفتوح مع طلاب جامعة القاهرة ، أن الكفر بالله هو الذى يخرج الشخص من الايمان، مؤكدا أن الأزهر لا يحكم بالكفر على شخص حتى إذا ارتكب كل فظائع الدنيا، وداعش تؤمن ولكن ارتكبت كل الفظائع، ولكن نحكم عليها بالفسق والفجور، وليس لدينا حكم بتكفيرها، قائلا: "مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان فهو مؤمن عاصى، ولو أن مرتكب الكبيرة مات وهو مصر على كبيرته لا تستطيع أن تحكم عليه أنه من أهل النار ولكن أمره مفوض إلى الله".

وتابع شيخ الأزهر، أن ما سبق لا يعنى أنه يبرر ما تفعله "داعش" أو نتركها تفعل الفظائع، قائلا: "ليس الحكم أن أقول إنهم كفار وإلا كنت مثلهم فداعش تؤمن بأن مرتكب الكبيرة كافر وأن الشعوب التي لا تحكم بما أنزل الله كافرة وإذا حكمت عليهم بالكفر سأكون مثلهم".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق