شوقي علام: القرآن نهى عن عدم الإفتاء بغير علم في أي تخصص ومجال

الثلاثاء، 26 أبريل 2022 10:20 ص
شوقي علام: القرآن نهى عن عدم الإفتاء بغير علم في أي تخصص ومجال
منال القاضي

الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية:
 
المراقب للحالة الدينية المعاصرة يعلم جيدًا كم تسبَّبت فوضى الفتاوى والتجرُّؤ على الفتيا في إحداث الاضطرابات والفتن 
لا يوجد مجال تجرَّأ عليه غير أهل الاختصاص فيه وادَّعاه مَن لم يحسنه ويتقنه أكثر من المجال الديني 
التديُّن الصحيح له دلائل ومقوِّمات من أهمها وفي مقدمتها عدم مخالفة الأمر الصريح من الله ورسوله 
القرآن أرشدنا إلى الأحق بممارسة الإفتاء وخوض غماره وهم أولو العلم 
مقام الفتيا مقام رفيع في الدين ومسؤولية جسيمة فقد تتسبب فوضى الفتاوى وجهالة المفتي في قتل الناس وإشاعة الفوضى والفتن
دار الإفتاء جهة متخصصة في صناعة الفتوى وبها العديد من التخصصات في جميع المجالات الشرعية  
دار الإفتاء تقوم بإعداد البرامج المتخصصة بإعداد المفتين في مصر والعالم الإسلامي ليتمكنوا من ممارسة الإفتاء باقتدار  
دار الإفتاء تستند إلى مبدأ الاجتهاد الجماعي من أفاضل العلماء في كافة التخصصات الشرعية مستعينين بمتخصصين في قضايا وعلوم الواقع  
دار الإفتاء واجهت الجماعات الإرهابية المتطرفة التي مارست العنف والتكفير باسم الدين  
ممارسة العلم الشرعي تخصص علمي دقيق وممارسة الإفتاء تخصص أدق وهذا ليس من باب الكهانة في الدين   
الكهنوت الحقيقي هو الذي تمارسه الجماعات الإرهابية التي ألزمت أتباعها مبدأ السمع والطاعة المطلقة   
الكهانة بعينها هي الفتاوى التي تصدر من غير المؤهلين ومن غير المتخصصين  
دار الإفتاء تبذل جهودًا كبيرة من أجل العمل على شيوع الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز 
 
قال  الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن المتابع المراقب للحالة الدينية المعاصرة يعلم جيدًا كم تسبَّبت فوضى الفتاوى والتجرؤ على الفتيا في إحداث الاضطرابات والفتن، ولا يوجد مجال تجرأ عليه غير أهل الاختصاص فيه وادَّعاه من لم يحسنه ويتقنه أكثر من المجال الديني بشكل عام والإفتاء بشكل خاص". 
 
 وأضاف فضيلته أن هذه الجرأة لا يمكن أبدًا أن تصدر عن تديُّن سليم ولا عقل مستقيم؛ ذلك أن التدين الصحيح له دلائل ومقوِّمات من أهمها وفي مقدمتها عدم مخالفة الأمر الصريح من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء النهي القرآني الواضح عن عدم الإفتاء بغير علم في أي تخصص ومجال في قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36]؛ أي لا تقولن في شيء بما لا تعلم، وهذا النهي موجَّه في المقام الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فما بالنا بآحاد أمَّته وأتباعه؟ أليس مَن هو دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بهذا النهي من أفضل خلق الله وخاتم رسل الله؟ 
 
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها اليوم خلال إطلاق فعاليات الصالون الثقافي للنشء، الذي تنظِّمه وزارة الشباب بالتعاون مع دار الإفتاء المصرية. 
 
وأوضح فضيلة المفتي أن القرآن الكريم أرشدنا إلى من هو الأحق بممارسة الإفتاء في الدين وخوض غمار البحث في دقائق الأمور وهم أولو العلم، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة : 122]، وقال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء: 83]. 
 
كما روى الإمام أحمد في مسنده عن ابْن عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلامٌ، فَأُمِرَ بِالاغْتِسَالِ، فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمِ اللَّهُ، أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ السُّؤَالُ؟! وقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ مَنْ يُفْتِي النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَفْتُونَهُ لَمَجْنُونٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّهُ قَالَ: "مِنَ الْمَسَائِلِ مَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهَا. وَمِنْهَا مَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجِيبَ عَنْهَا". 
 
وبيَّن مفتي الجمهورية أن كل هذه الأحاديث والآثار تبين لنا بيانًا شافيًا أن مقام الفتيا مقام رفيع في الدين ومسؤولية جسيمة، فقد تتسبَّب فوضى الفتاوى وجهالة المفتي في قتل الناس وإشاعة الفوضى والفتن. 
 
وقال فضيلته: "حينما نتكلَّم في هذه المحاضرة عن خطورة الفتاوى المجهولة المصدر، فنحن لا نعني بجهالة المصدر -أي جهالة العين أو الشخص- أنها صدرت من فلان أو من فلان، ولكن المقصود الأهم من جهالة المصدر هو جهالة الجهة التي تلقَّى فيها هذا المتصدر علومه، وجهالة الجهة التي أذنت له بالإفتاء؛ ذلك أنَّ الإفتاء يحتاج إلى الاطلاع الواسع على علوم الشريعة والإحاطة بمصادر التشريع، ومعرفة مواطن الإجماع والخلاف، والإحاطة بعلوم الواقع وعوائد الناس ومعرفة طريقة استعمالهم للألفاظ، والأهم من ذلك عدم الميل إلى اتباع سبيل التشديد على الناس". 
 
وأضاف أنَّ كل هذه المقومات تحتاج إلى ممارسة العلم بطريقة متخصصة في الأزهر الشريف أو ما يماثله في المنهج والتخصصية، هذا من جهة العلم، أمَّا من جهة الممارسة فإن الأمر يحتاج إلى تدريب عميق في المؤسسات المتخصصة في شأن الإفتاء وعلى رأسها دار الإفتاء المصرية. 
 
 وأشار مفتي الجمهورية إلى أن دار الإفتاء المصرية بوصفها جهة متخصصة في صناعة الفتوى بها العديد من التخصصات في جميع المجالات الشرعية كقضايا الأحوال الشخصية أو المعاملات المالية أو الأمور الاجتماعية أو القضايا المتعلقة بالواقع والشأن العام، وتقوم مؤسسة دار الإفتاء بإعداد البرامج المتخصصة بإعداد المفتين في مصر والعالم الإسلامي، حتى يبلغوا الدرجة التي تمكِّنهم من ممارسة الإفتاء باقتدار وتمكُّن، وحتى تكون الفتاوى الصادرة عنهم سببًا في شيوع الأمن والأمان والاستقرار. 
 
وأوضح فضيلته أن صناعة الإفتاء في دار الإفتاء تستند إلى مبدأ الشورى والاجتهاد الجماعي الذي يقوم به ثلة من أفاضل العلماء في كافة التخصصات الشرعية، مستعينين بثلة من المتخصصين في قضايا الواقع وعلومه. 
 
وتابع:  "وقد واجهت دار الإفتاء المصرية تلك الرياح العاتية التي مرت على مصرنا العزيزة من الجماعات الإرهابية المتطرفة التي مارست العنف والتكفير باسم الدين، وأفتت الناس بما يخالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت معول هدم في جسد الأمة الإسلامية بعامة والأمة المصرية بوجه خاص، فهم مدركون تمام الإدراك أنه إذا سقطت مصر فلن تقوم للوطن العربي قائمة بعدها، وقامت دار الإفتاء المصرية بالتصدي لهذا السيل من الفتاوى المتشددة، وكانت الاستجابة الجيدة العالية من عموم الشعب المصري الذي يميل بطبعه إلى انتهاج مبدأ الوسطية والبعد عن التشدد والغلو في الدين". 
 
وأكَّد مفتي الجمهورية أن ممارسة العلم الشرعي تخصُّص علمي دقيق، وممارسة شأن الإفتاء تخصُّص أدق، وهذا ليس من باب الكهانة في الدين ولا احتكار الفتوى ولا العلم الشرعي، بل من باب التخصصية وإسناد الأمر إلى أهله، والمجال مفتوح لكلِّ مَن تأهَّل وتصدَّر بعلم وتلقَّى العلم على يد المتخصصين من علماء الأزهر الشريف. 
 
وبيَّن فضيلته أن الكهنوت الحقيقي هو الذي تمارسه الجماعات الإرهابية التي ألزمت أتباعها مبدأ السمع والطاعة المطلقة وعدم مناقشة أمرائهم وقادتهم فيما يصدر عنهم من فتاوى وأحكام في كل أمر صغير وكبير حتى في شأن الدماء والأعراض، هذه هي الكهانة بعينها، والكهانة بعينها هي الفتاوى التي تصدر من غير المؤهلين ومن غير المتخصصين، أما أن يقال للمتخصِّص الذي عاش حياته متفرغًا لدراسة العلوم الشرعية أنه يمارس الكهانة واحتكار التفسير والفتوى فهذا لا يقول به عاقل أبدًا في أي مجال من المجالات. 
 
واختتم مفتي الجمهورية كلمته بقوله: "إن دار الإفتاء المصرية تبذل جهودًا كبيرة من أجل العمل على شيوع الأمن والاستقرار في هذا الوطن العزيز، وهي تتواصل مع الناس بكافة الطرق الممكنة في الليل والنهار، وتمد يديها بالخير إلى كل من يريد الخير والاستقرار لهذا الوطن شأنها شأن جميع المؤسسات الوطنية التي تعمل من أجل سلامة هذا الوطن واستقراره"، داعيًا الله أن تنعم مصر بالاستقرار والأمان وأن تحقق العبور الحضاري الذي يليق بها نحو مصر الحديثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله ورعاه. حفظ الله مصر وشبابها وشعبها وجيشها".
 
 
ومن جانبه قال الدكتور محمد مختار جمعه وزير الاوقاف بان الوزارة تطلق في مسيرتنا التي نرجو أن ننال بها رضاه في ضوء اجتهادنا وفهمنا لفقه المتاح وترتيب الأولويات وتكامل الرؤى بين مؤسسات الدولة المختلفة فيما يتطلب تنسيقا و رأيا جماعيا كالتعامل مع معطيات أزمة كورنا .
 
مع استمرارنا في كشف زيف وكذب الجماعات المتطرفة و غل أيديهم عن العبث بعقول شبابنا وعدم تمكينهم من السيطرة مرة أخرى على أي مسجد من المساجد بعد أن خلصها الله عز وجل من بث تطرفهم وضلالاتهم و جهلهم وتحريفهم الكلم عن مواضعه واتخاذهم إياها مرصدا لتجنيد عناصر جديدة يسممونها بأفكارهم الضالة . 
وبفضل الله لا يزيدنا كيدهم ومكرهم إلا صلابة في الحق وتمسكا به وإيمانًا بأن قضيتنا في مواجهة أهل الشر قضية عادلة وحسبنا في ذلك نيتنا في خدمة ديننا ووطننا والوفاء بحق الأمانة التي نتحملها .
 
وليعلم الجميع أننا اتخذنا من عمارة بيوت الله عز وجل مبنى ومعنى منهجا وشعارا فما تم إنشاؤه ويتم افتتاحه من مساجد في مصرنا المحروسة كما وكيفا غير مسبوق نسأل الله أن يتقبله ، وكذلك ما نقوم به من تصحيح للمفاهيم الخاطئة التي حاولت جماعات أهل الشر ترسيخها لعقود،  مع عملنا الدءوب على إعداد وتأهيل جيل شاب من أئمة الأوقاف يحمل لواء الحق ومشعل الفكر المستنير ، و استمرار خدمتنا لكتاب الله عز وجل وتشجيع حفظته من خلال المسابقات القرآنية المتتابعة بحوائز تحفيزية غير مسبوقة ، وبإذن الله ماضون في كل ذلك بلا تردد ولا كلل ولا ملل ، نصوب ما يطرأ من أخطاء فردية هنا أو هناك إن كانت بغير قصد ونتعامل معها بحسم حال تكرارها أو مع سوء تصرف من قام بها .
  
سائلا الله عز وجل أن يحفظ مصر وأهلها من كل سوء ومكروه وأن يحفظنا جميعا وإياكم بحفظه  من كيد الكائدين وحقد المتطرفين و مكر الخونة والعملاء والمأجورين . 
 
 
aeb4c539-dbb7-46a2-a32f-4fa289dea24b
aa6f04a6-bd2e-4266-bffd-a02f12189a4b
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق