إنجازات الرئيس السيسي.. رؤية موضوعية لثماني سنوات في حكم مصر

الأحد، 08 مايو 2022 02:48 م
إنجازات الرئيس السيسي.. رؤية موضوعية لثماني سنوات في حكم مصر
د. أيمن منصور ندا

 
في مقدمة كتابه "عبقرية عمر"، أشار الأستاذ "العقاد" إلى "قصة العاهل الذي تحاكم إلى قاضيه مع بعض السوقة في عقار، يختلفان على ملكه، فحكم القاضي للسوقة بغير العدل؛ ليغنم سمعة العدل في محاسبة الملوك، وعزله العاهل لأنه ظلم وهو يبتغي الرياء بظلمه، فكان (الملك) أعدل عادل حين بدا كأنه يحرص على مال مغصوب، ويجور على تابع جسور؛ لأنه أنصف وهو مستهدف لتهمة الظلم، وقاضيه قد ظلم وهو يتراءى بالإنصاف"..
 
شيء من موقف القاضي (الظالم) قد يذهب إليه بعض الكتاب ليغنموا سمعة الشجاعة والجسارة، مخافة أنْ يبدو ذكر محاسن الحاكم نوعاً من التملق، وأسلوباً من أساليب "التطبيل".. والظلم، كلُّ الظلم، هو أن يحاول الكاتب إظهار جسارته على حساب الحقيقة.. والجور، كلُّ الجور، هو أن يحاول الكاتب تأكيد شجاعته على حساب الموضوعية... ولستُ شخصياً، في هذا المقام والمقال، ببعيد عن هذا وذاك.. أعترف بأنني "سيسيُّ" الهوى، وداعم لسياسات نظامه في مجملها، ورغم ذلك، أحاول جاهداً أن أكون مستقلاً في الرأي، وموضوعياً في التقييم.. وقد يدفعني خوف الاتهام بالتطبيل بطريق مباشر أو غير مباشر، وبقصد أو بغير قصد، إلى بعض الظلم لهذا النظام ولرجالاته!
 
أقول هذا، وأعلم أنَّه كثيراً ما تؤدي مواقف الكاتب الفكرية وتحيزاته السياسية إلى أخطاء معرفية قاتلة في القياس والتعميم.. فعلها "هيكل" مع السادات (خريف الغضب)، وفعلها "أنيس منصور" مع عبد الناصر (عبد الناصر المُفتَرَى عًليهِ وَالمفتَرِى عَلينَا).. وفعلها "كريم ثابت" مع الملك فاروق (عشر سنوات مع الملك فاروق).. وكما أن المعاصرة حجاب، فإن اتباع الهوى مُفْسِد، والغرض مرض.. وقانا الله جميعاً شرها.  

التقرب إلى الرئيس زلفى
ليس من قبيل النفاق أو التقرب إلى الرئيس السيسي زلفى إن ذكرنا أنَّ إنجازاته من الكثرة بحيث يصعب حصرها في مقال، وأنَّ مهمة الاختيار والانتقاء كانت أكبر صعوبة واجهتنا عند كتابة هذا المقال ... حاولتُ جاهداً أن أختار الإنجازات التي عليها اتفاق عام، والمكتسبات التي لا خلاف عليها..... هناك إنجازات مشتبهات وخلافية حاولنا الابتعاد عنها وتركناها، وهناك إنجازات لا علم لنا بأبعادها كاملة عدلنا عنها وتجاوزناها.... نذكر ذلك، ونحن على يقين بأن الأمر ليس بالكثرة العددية؛ فإيجابيات "عبد الناصر" المتعددة لا تجعلنا نغفر له هزيمته القاسية والمذلة في يونيو 1967.. وتحرير "السادات" للأرض وصيانته للعِرض الوطني لا يجعلنا ننسى خطيئته الكبرى في إطلاق يد الجماعات الإسلامية في سبعينيات القرن الماضي.. ومحافظة "مبارك" على الاستقرار، واهتمامه بالبعد الاجتماعي في السياسات الحكومية، لا يجعلنا ننسى جريمته في "تبوير" البيئة السياسية المصرية، وتجريفها، ووضع البلد كلها في "الثلاجة" لمدة ثلاثين عاماً حتى فسدت من قمة رأسها إلى أخمص قدمها.
 
الرئيس السيسي له مميزاته ومحاسنه، وله عيوبه ونواقصه.. كأي إنسان طبيعي.. والتقييم الموضوعي هو أن يظهر الكاتب الجانبين معاً، وأن يحاول أن يوازن بينهما، في محاولة لأن يزن الأمر بالقسطاس المستقيم قدر استطاعته ومقدار جهده. وقد تكون الصعوبة الحقيقية هي أن يتخلص الكاتب من خوفه وطمعه، وأن تبتعد السلطات الأمنية عن تعسفها وبطشها!

الحفاظ على الهوية
لعلَّ الإنجاز الأكبر الذي تحقق في عهد الرئيس السيسي في هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر هو الحفاظ على كيان الدولة المصرية وهويتها، ومنع انزلاقها في هاوية الضياع التاريخي.. كانت مصر على شفا حفرة من النار وأنقذنا السيسي وجيش مصر.. منع الرئيس السيسي اختطاف الدولة وتغيير هويتها.. واستطاع في لحظة فارقة أن يغير دفة الأحداث بما يسمح بالحفاظ على سفينة الوطن من الغرق.. إن لم يكن للرئيس السيسي غير هذا الإنجاز لكفاه، ولضمن له مكانة متميزة في التاريخ الحديث لمصر.
 
الرئيس السيسي في إنجازه هذا يماثل ما قام به المستشار الألماني "أوتو فون بسمارك" (1871- 1890) ويتشابه معه إلى حد كبير. كما لا يقل ما قام الرئيس السيسي بالنسبة لمصر عما قام به "شارل ديجول" لفرنسا (1959- 1969) ... كذلك يمكن اعتباره المعادل المصري للرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" (1933- 1945).. صحيح أن هناك فروقاً في السياقات بين التجارب الألمانية، والفرنسية، والأمريكية من ناحية والتجربة المصرية من ناحية أخرى، غير أنه اختلاف في الدرجة لا في النوع، وفي شكل المظهر وليس في عمق الجوهر.
 
العناصر المشتركة بين هذه التجارب الدولية المعاصرة هي قدرة هؤلاء القادة على الحفاظ على بلدانهم بعد أزمات طاحنة، وإعادة بنائها بعد ظروف صعبة، ونجاحهم في الحفاظ على وحدتها، وفرض نظام عام عليها.. نجح الرئيس السيسي إلى حدّ كبير في هذا التحدي.. ولا تزال أمامه خطوات عديدة لإنجاز مهمته على النحو الذي نتوق إليه ويتمناه هو شخصياً.

"وآمنهم من خوف"
قد نختلف حول أشياء عديدة في مصر في الوقت الحالي، لكننا لا نستطيع أن ننكر أنَّ هناك حالة من الأمن والأمان في السنوات الأخيرة.. وأنَّ هناك حالة من الاستقرار الأمني الداخلي افتقدناها عدة سنوات بعد ثورة يناير 2011.. تستطيع أن تمشي الآن في أي شارع وأنت آمنٌ مطمئن.. عادت الحياة إلى طبيعتها العادية.. وفي الحدود العالمية المقبولة.. هناك حوادث مروعة.. نعم.. هناك جرائم متكررة.. نعم.. غير أنها في النسب الآمنة الموجودة في كل دول العالم حتى تلك التي تدعي قدرتها على الوصول إلى المريخ..
 
وقد يقول البعض إنَّ هناك إفراطاً في القوة، و"غشومية" في استخدامها أحياناً.. عانيت من بعضها شخصيا، ونتفق معهم إلى حدّ كبير في هذا الرأي، لكنها قوة في محلها في معظم الأحيان، وإفراط في مكانه في أغلب المواقف.. لا تستطيع أن تسيطر على الدولة وتحافظ على أمنها واستقرارها، في ظل التحديات الداخلية والخارجية، بغير هذه الأساليب الأمنية.

اللي بنى مصر
حجم المشروعات الضخمة التي يتم تشييدها وإقامتها في مصر مظهر آخر من مظاهر الإنجاز في سنوات الرئيس السيسي.. في كل شارع هناك يدٌ تبني؛ هناك طريق يتم رصفه، وكوبري يتم إقامته.. وفي كل قرية هناك ترعة يتم شقها أو تنظيفها أو تبطينها.. هناك حركة دائبة في البلد.. تختلف أو تتفق حول جدواها وحول أولويات تنفيذها، ولكنها قائمة، ويعمل بها ملايين الأشخاص وتعتبر مصدر دخل رئيسي لهم..
 
المشروعات الكبرى امتدت أفقياً لتشمل معظم محافظات الجمهورية، ورأسياً لتشمل كلَّ مجالات الحياة.. وذلك وفقاً لحلم السيسي الذي بدأ به مشروعه الإصلاحي الشامل (مصر أم الدنيا، وهتبقى أد الدنيا).. الحلم القومي من الضرورات لأية دولة: لو بطلنا نحلم نموت.. الحلم مع الرئيس السيسي أعطانا بارقة أمل في إمكانية التمني والإنجاز بعد فترة جمود طويلة.. نختلف على نهايات الحلم وما تحقق منه حتى الآن، ولكننا نتفق على أنَّ هناك إرادة، وحركة، ونشاطاً، وتصميماً على تحقيقه وإن طال الزمن.
 
من مظاهر الإنجاز الكبرى في عصر الرئيس السيسي وضع حدّ لكثير من المشكلات الحياتية الكبرى للمصريين، وإن كان الثمن غالياً، والمقابل ليس في استطاعة الكثيرين.. ودعت مصر مشكلة انقطاع الكهرباء إلى غير رجعة.. وتخلصت مصر من مشكلات البنزين والغاز ونقص الموارد البترولية بشكل نهائي.. ولم نعد نرى طوابير "العيش" على الإطلاق.... لا يعرف قيمة هذه الإنجازات وعظمتها إلا الذين عانوها وعاشوا ويلاتها.. صحيح أنها حقوق أساسية للمواطنين في كثير من بلدان العالم، ولكنها كانت بالنسبة لنا في مصر، ولعقود طويلة، حلماً بعيد المنال وصعب التحقيق..

مكاسب متنوعة
يحسب للرئيس السيسي أيضاً في سنوات حكمه الثمانية إعادته لعلاقات مصر الخارجية المتميزة مع كثير من القوى الدولية.... في سنوات حكم السيسي، لا توجد عداءات حقيقية مع أية دولة في العالم حتى تلك التي اختلفت مع نظامه بشدة.. لم تتورط الدولة في حالة عداء صارخ مع أي أية دولة.. اختلافات في التقديرات تصل إلى حد الخلاف و"التلاسن" الإعلامي، لكنها لا تصل بأية حال من الأحوال إلى حالة العداء الحقيقي.
 
يُحسب لنظام حكم الرئيس السيسي أيضاً نجاحه في عبور عديد من الأزمات الدولية الطاحنة بأقل قدر من الخسائر: أزمة كورونا مثالاً.. احتوت الحكومة الأزمة، وتجاوزتها رغم ضعف إمكانياتها، بكثير من النجاح على عدد من المؤشرات.. صحيح أن درجة نجاحها لم يكن بالقدر نفسه في احتواء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما أدت إليه من ارتفاع فاحش في الأسعار، ونسب تضخم غير مسبوقة، وحالة كساد شديدة، غير أن الوقت لا يزال مبكراً للغاية للحكم على هذه الجهود وعلى تقييمها. وفي الأزمتين، كانت المظلة التأمينية التي أتاحتها الدولة لشرائح عديدة خاصة الأقل دخلاً هي الضامن الأساس لحياة كريمة إلى حد ما لهذه الشرائح السكانية.
 
بعض الفئات النوعية أصبح لها حضورها المميز في سنوات الرئيس السيسي.. الشباب والمرأة، وذوو الهمم نماذج لهذه الفئات.. نختلف حول مظاهر الاهتمام وحول شمولها وجدواها الحقيقية، غير أنها تحسب لهذا النظام بشكل أو بآخر.. مؤتمرات الشباب العالمية، وأنشطة المرأة البارزة، وفعاليات ذوي الهمم كلها شاهدة على ذلك الاهتمام الرئاسي بها.
 
الإنجازات هي أحد وجهي العملة.. ونقوش الإنجازات واضحة ومميزة في العملة المصرية الحالية

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق