يوسف أيوب يكتب: الحوار الوطني.. الأحزاب والقوى السياسية من "مشاهدين" إلى مشاركين

السبت، 21 مايو 2022 08:49 م
يوسف أيوب يكتب: الحوار الوطني.. الأحزاب والقوى السياسية من "مشاهدين" إلى مشاركين

- مؤتمر الشباب وتنسيقية الأحزاب والسياسيين تجارب تؤكد رغبة الدولة الحقيقة للدولة في الاستفادة من العقول المفكرة

المحصلة النهائية لكل النقاشات التي تلت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى في 26 إبريل الماضى، للحوار الوطنى، أن هذه الدعوة تعد أحد الدعائم القوية لـ"الجمهورية الجديدة" التي دشنها الرئيس، ويؤمن بأنها تستوعب الجميع، وترحب بتنوع الآراء والاختلاف فى وجهات النظر، طالما أن هذا التنوع والاختلاف على أرضية وطنية وفى إطار من الاحترام، ويستهدف في نهاية المطاف تحقيق المصلحة الوطنية العليا.

هذه القراءة أو المحصلة التي تابعتها ولا أزال اتابعها على مدار اليوم، تؤكد أيضاً أن الحوار في حد ذاته بمثابة الرافعة التي ستحول الأحزاب والقوى السياسية من مجرد "مشاهدين" إلى مشاركين، وهو ما يقتضى أن يكون لها بالفعل فكر ورؤى قابلة للتنفيذ وفقاً للمعطيات على الأرض، أو بمعنى أدق، فأن الحوار يلقى مزيد من المسئولية على القوى السياسية والحزبية المدعوة للمشاركة، فهى مطالبة أمثر من وقت مضى بأن تستثمر هذه الفرصة لتثبت للجميع امتلاكها بالفعل الرؤى الموضوعية التى تساهم فى تنمية وتقدّم الدولة المصرية، وفى نفس الوقت تقدم حلولاً بدلاً من التركيز على تصدير الأزمات والسلبيات.

ولكى تكون الصورة أكثر وضوحاً علينا أن نعود مرة أخرى للمبدأ المهم الذى أكد عليه الرئيس السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، حينما أشار إلى إن الحوار ينطلق من أرضية أن "مصر هي أسرة واحدة قوية ومترابطة، ولكن لايوجد ما يمنع من أن يكون هناك حواراً صحياً داخل هذه الأسرة حتى يمكن الوصول إلى الأفضل كلما كان الأمر ضرورياً وممكناً"، لذلك الإعلان عن اطلاق الحوار السياسى ضمن من مجموعة من القرارات الهامة المتعلقة بالعديد من القضايا المختلفة التي تهم الدولة المصرية في حاضرها ومستقبلها، بما يؤكد للجميع أن الدعوة للحوار جاءت في أعقاب دراسة متأنية لكافة الجوانب، وأنه جاء أيضاً في توقيت له الكثير من الدلالات، أهمها على الأطلاق التقدم الملحوظ الذى تشهده الدولة في العديد من المجالات خاصة في المستوى الامنى والاقتصادي، وهو ما أتاح للدولة مزيد من الاستقرار السياسى، والتواجد الفاعل في المحيط الإقليمي والدولى.

الرسالة الأهم الآن للقوى السياسية والحزبية، أن الإطار أو المبدأ العام للحوار الوطنى، أن المشاركة ستكون متاحة للجميع دون تمييز، بهدف العمل على بلورة أولويات العمل الوطني، مع الأخذ في الاعتبار هنا أن مفهوم المشاركة بلا استثناء أو تمييز لا يعنى أن المجال يمكن أن يكون مفتوحاً أمام أية قوى اتخذت العنف منهجاً، أو حملت السلاح ضد الدولة والمصريين، ومن واقع الأحاديث التي أدلى بها السياسيين والحزبيين، فأنهم على يقين بهذه الحقيقة، بل لديهم اجماع كامل على رفض مثل هذه الجماعات، لإنها في الأساس تظل في خانة الأعداء، مهما حاولوا الاختباء خلف أقنعة.

وهنا يجب أن يقبل الجميع على الحوار بقلوب صافية وعقول متفتحة للحوار والنقاش، وأن يعيدوا قراءة المشهد السياسى المصرى من جديد، لكى يستوعبوا حقيقة ما يحدث من تغيير، وهذا التغيير للحقيقة لم يكن وليد اليوم، وإنما هو السمة التي ميزت الدولة المصرية منذ 2014 ولا تزال مستمرة معنا، ويكفى هنا الإشارة إلى المؤتمرات الوطنية للشباب التي انطلقت في 2016، وحققت حراكاً في الشارع السياسى المصرى، لم يكن أحد يتوقعه او يتخيله، وأصبحت التوصيات الصادرة عن كل مؤتمر من هذه المؤتمرات بمثابة خارطة طريق تسهر الدولة على تنفيذها.

والشاهد في هذه المؤتمرات إن الدولة فتحت ابواباً كانت مغلقة للحوار بين الشباب، والدولة بكافة مؤسساتها، وهو حوار مفتوح بلا قيود، وساهم مع مرور الوقت في إكساب الشباب الثقة، ونتج عن ذلك إفساح المجال امامهم لتولى المناصب التنفيذية ودخول المعترك السياسى، دون تفرقة بين شاب وأخر بسبب الانتماء السياسى او الفكر الإيدلوجى، وربما تكون "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين" خير شاهد على التنوع الفكر والسياسى والأيدلوجى الذى أخرج لنا أفكاراً مبهرة، وسياسات وبرامج عمل تخطت في فكرها الأحزاب.

لذلك فإن تجربة المؤتمرات الوطنية للشباب، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، يجب أن تكون ماثلة أمام المدعوين للمشاركة في الحوار الوطنى، ماثلة بكل تفاصيلها ونتائجها، لإنها بالفعل تجربة تستحق الدراسة المتأنية، ليكون الجميع على إدراك بالنية الحقيقية لدى الدولة المصرية التي تنتظر من الحوار نتائج ترقى للمشاركين فيه، وتكون أحد الدعائم القوية للجمهورية الجديدة.

وإذا كنا نتحدث عن المؤتمر الوطنى للشباب وكذلك التنسيقية، فإن هذا يدعونى للحديث عن أمر أخر في الحوار، وهو أنه يجب أن يمنح مساحة كافية للشباب، ليكون لهم فرصة كبيرة للمشاركة الفعالة والتعبير عن مواقفهم، وهو ما تؤمن به الدولة، وعلى القوى السياسية أن تؤمن بهذه المشاركة أيضاً، لإن الشباب بما لديهم من أفكار وطاقة سيكونوا قادرين على الإفادة وتقديم منتج جيد.

نقطة أخرى اراها ضرورية، وهى أنه ولكى يكون للحوار فوائده المرجوة، فيجب بداية الا يكون الوقت سيفاً مسلطاً على رقاب المتحاورين، لإن الحوار في مجمله يتطلب ألا يكون هناك أى نوع من التعجل حتى يمكن الوصول إلى النتائج المرجوة من هذا الحوار الوطنى الهام.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق