طلال رسلان يكتب: حياة كريمة وعام المجتمع المدني والعفو الرئاسي.. ثلاثية ترسم أضلاع الحوار الوطني

السبت، 21 مايو 2022 10:00 م
طلال رسلان يكتب: حياة كريمة وعام المجتمع المدني والعفو الرئاسي.. ثلاثية ترسم أضلاع الحوار الوطني
طلال رسلان

بلا شك أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إطلاق "حوار وطني" مع كل القوى دون استثناء أو تمييز، ورفع مخرجات هذا الحوار لرئيس الجمهورية شخصيا، خطوة جاءت في وقتها تماما، من ناحية تكاتف الجميع في ظل ظروف عالمية صعبة خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ناحية أخرى تدعيم أسس الجمهورية الجديدة التي تقوم على مبدأ المشاركة من الجميع، ومن ثم إغلاق باب المتاجرة بالحقوق السياسية في مصر.

بشهادة الجميع فإن الحوار الوطني، الذي أطلقه الرئيس، نقلة نوعية، وتدشين لمرحلة جديدة في المسار السياسي للدولة المصرية من أجل مصلحة البلاد، إضافة إلى أنها مبادرة تعيد بحث ملف الإصلاح السياسي، بعد الاستقرار الأمني وصولا إلى الوضع الحالي للبلاد.

وقال الرئيس السيسي إن "خطواتنا كانت ثابتة وراسخة وعزيمتنا لا تلين من أجل تحقيق البقاء والبناء لمصرنا العزيزة"، متابعا: "التحديات كانت عظيمة لكن نجاحاتنا أعظم".

إذا فتوقيت الحوار الوطني السياسي، لا يقل أهمية عن المبادرة نفسها، حيث التحديات الكبيرة التي فرضتها لحرب الروسية الأوكرانية، ما يحتاج إلى حوار موسع يضم كافة الآراء وتبادل وجهات النظر، وبحث خطة الحكومة المستقبلية في الملف الاقتصادي، وهو ملف سيكون ضمن أجندة الحوار.

بالطبع فإن أحد أهم الدلالات لإطلاق الحوار الوطني، هي أن هناك رغبة لتنشيط العمل الحزبي، وتقديم رؤى وأفكار جديدة في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم ومصر، إضافة إلى التوافق على أجندة عمل على المدى القريب والمتوسط وأن تعمل الحكومة وفقا لنتائج هذا الحوار.

الحوار الوطني.. تكملة أضلاع حقوق الإنسان في مصر

بقراءة في المشهد السياسي المصري، سيظهر جليا التكامل بين إطلاق مبادرة الحوار الوطني مع استراتيجية حقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس السيسي من قبل، ليكتمل المشهد السياسي والاجتماعي مع ما قدمته الدولة المصرية من إنجازات في مبادرة حياة كريمة.

الأهداف واحدة والتكامل واضح، هكذا جاء المشهد السياسي المصري بعد إطلاق الحوار الوطني، وقبله أطلق الرئيس الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان، والتي تهدف لتعزيز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية داخل البلاد.

وتعد استراتيجية حقوق الإنسان، أول استراتيجية ذاتية متكاملة وطويلة الأمد في مجال حقوق الإنسان في مصر، إذ تتضمن تطوير سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع عدد من الملفات ذات الصلة بحقوق الإنسان، والبناء على التقدم الفعلي المحرز خلال السنوات الماضية في مجال تعظيم الحقوق والحريات والتغلب على التحديات في هذا الإطار، وقال الرئيس السيسي إن إطلاق الاستراتيجية يعد نقطة مضيئة في تاريخ مصر، معتبرا إياها خطوة جادة على سبيل النهوض بحقوق الإنسان في مصر، موضحاً أن الرؤية المصرية لحقوق الإنسان تستند على عدد من المبادئ الأساسية أبرزها أن كافة الحقوق والحريات مترابطة ومتكاملة وأن ثمة ارتباطا وثيقا بين الديمقراطية وحقوق الإنسان مع أهمية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات وبين حق الفرد والمجتمع وضرورة مكافحة الفساد لضمان التمتع بالحقوق والحريات، وهذا ما يهدف إليه أيضا الحوار الوطني.

مبادرة الحوار الوطني كمكمل أساسي لاستراتيجية حقوق الإنسان جاءت نتيجة جهد كبير بُذل على مدار عام ونصف من الحوار المجتمعي بين اللجنة الدائمة العليا لحقوق الإنسان التي يرأسها وزير الخارجية سامح شكري، وكافة الأطراف المعنية بملف حقوق الإنسان في مصر.

شملت لاستراتيجية المصرية لحقوق الإنسان، 4 محاور رئيسية، هيّ الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق المرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات في حقوق الإنسان.

حياة كريمة والحوار الوطني.. تكامل الحقوق السياسية والاجتماعية

وليست مبادرة الحوار الوطني بمعزل عن الحقوق الاجتماعية للمصريين والتي قطعت فيها الدولة المصرية شوطا كبيرا، فمنذ تولي الرئيس السيسي الحكم أخذ على عاتقه قيام مؤسسات الدولة بواجباتها تجاه حقوق المواطن المصري، انطلاقًا من مفهوم المواطنة والمساواة بين المواطنين في الحقوق، وأن حقوق الإنسان لا تقتصر على الحقوق السياسية فقط؛ بل يجب أن تشمل مجالات التعليم والصحة والإسكان، ومن وقتها تتضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لتحقيق أهداف المبادرة على أكمل وجه.

وتعد مبادرة "حياة كريمة" الرئاسية من المبادرات المجتمعية بمفهومها الخدمي الكامل، حيث استهدفت توفير حياة أفضل للمواطنين المصريين، وراعت حقوق الإنسان بكل أبعادها وعلى رأسها الاهتمام بالحق في الحياة وتحسين جوانب المعيشة، من خلال تبني خطة موسعة لحياة كريمة بالريف، إذ تجسد المبادرة الرئاسية رؤية الدولة للعدالة الاجتماعية.

تستهدف المبادرة الارتقاء بحياة الإنسان من خلال توفير مياه شرب نظيفة وصرف صحي وخدمات تتلاءم مع المعايير الدولية، وتوفير كل حقوقه، وهي أيضًا حدث فريد، وبخاصة أن القيادة السياسية تحرص على إحداث نقلة نوعية متكاملة لكل القطاعات التي تتلامس مع احتياجات المواطنين، كما أنها انعكاس حقيقي لإحداث حياة أفضل وتغيير ثقافة العامة وتطوير يشمل مناحي الحياة.

النائب طارق رضوان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، يقول إنه بفضل توجيهات الرئيس السيسي وصل صدى مبادرة "حياة كريمة" للقرى والنجوع، فباتت حياة الكثير من المواطنين أكثر آدمية، لاسيما في صعيد مصر، أضاف:"هذه المبادرة بمثابة حق من حقوق الإنسان في العيش بحياة آدمية للجميع دون أي تمييز". ويشير رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى أن مبادرة حياة كريمة تؤكد حرص الدولة المصرية وقيادتها على الاهتمام بحقوق الإنسان، ويضع الرئيس عبد الفتاح السيسي نصب عينيه، حقوق مواطنيه بجميع أنحاء الجمهورية، والذي يعد المأكل والمسكن والمشرب من أهم هذه الحقوق، وكذلك توفير حياة اجتماعية واقتصادية وسياسية سليمة.

ويعتبر سعيد عبد الحافظ، رئيس مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، مبادرة حياة كريمة من أهم آليات الدولة المصرية في الفترة الأخيرة، لضمان الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمواطن المصري، بعد أن تدهورت حالتها وتراجعت ثلاثين عاما، موضحاً أن المبادرة تتضمن في جوهرها إنقاذ ملايين المصريين من الحاجة والفقر، وتمكينهم من مواجهة أعباء الحياة بعيدا عن الآثار السلبية التي يخلفها الفقر على بعض الفئات، ونطمح أن تمتد مظلة الحماية إلى أعداد وفئات أخرى في المستقبل، حتى يتمتع كل مصري بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية بما يتوافق مع المواثيق والثقافات الدولية. وجاءت مبادرة "حياة كريمة" الرئاسية، لتقدم نموذجا واقعيا وعمليا على تحقيق مفهوم النمو الاحتوائي، والذي يستهدف توزيع ثمار التنمية على كل فئات الشعب توزيعًا عادلًا، مع الأخذ في الاعتبار التوزيع الجغرافي لكل محافظات الجمهورية على خلفية ما تم تحقيقه من إنجاز كل المستهدفات الخاصة بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الناجح الذي كانت له تداعيات على الفئات الأكثر فقرا واحتياجا.

عام المجتمع المدني.. والحوار الوطني

ودعا الرئيس السيسى، المجتمع المدني إلى مواصلة العمل بجد واجتهاد جنبا إلى جنب مع مؤسسات الدولة المصرية، لتحقيق التنمية المستدامة في كل المجالات، ونشر الوعى بثقافة حقوق الإنسان، مساهمة في تحقيق آمال وطموحات الشعب المصري العظيم، كما أعلن الرئيس خلال حفل ختام النسخة الرابعة لمنتدى شباب العالم، توصيات المنتدى التي تضمنت تكليف إدارة المنتدى والمؤسسات المعنية بإنشاء منصة حوار فاعلة بين الدولة والشباب ومؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية، بجانب تكليف إدارة المنتدى بتفعيل مبادرتها لإنشاء حاضنة لرواد الأعمال والمشروعات الصغيرة بالتنسيق مع الحكومة وإشراك القطاع الخاص وشركاء التنمية، وهو ما يعد أول تحرك رسمي بعد تخصيص 2022 عاماً للمجتمع المدنى.

على أرض الواقع، شهدت الفترة الأخيرة تحركات جادة من الحكومة في إعادة تشكيل وحدات لحقوق الإنسان بالوزارات والمحافظات، ووفقا للتفاصيل تختص الوحدات بنشر ثقافة حقوق الإنسان التي يكفلها الدستور عن طريق عقد دورات تدريبة متتاليه بمركز التدريب الإداري و التنمية البشرية بالمحافظات ووضعها ضمن الخطة التدريبية للمركز وكذلك الاهتمام بشكاوي الفئات المهمشة و الأسر الفقيرة وذوي الإعاقة والمرأة المعيلة وكبار السن، كما أعلن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء عن تشكيل مجموعة عمل تشرف على الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

  وفقا للعاملين في مجال حقوق الإنسان في مصر، فإن هناك إقرارا عاما بأن مصر تشهد نشاطا غير مسبوق في مجال حقوق الإنسان بمبادرات تبنتها الدولة، وآخرها إعلان رئيس الجمهورية 2022 عاما للمجتمع المدني في البلاد.

ويتفق الحقوقيون على أن بداية الطريق نحو تمكين استراتيجية المجتمع المدني، كانت في إعلان توفيق أوضاع المنظمات الأهلية وفقا للوائح التنفيذية لقانون تنظيم العمل الأهلي، والمناظر أن تستكمل من خلال التعديل التشريعي المقترح حاليا والمرحب به من مجلس الوزراء لتمديد المهلة على نحو يتيح استكمال خطوات توفيق الأوضاع، وتعويض المنظمات عن الفترة التي جرى خلالها بناء منظومة التسجيل الرقمي.

في إطار المناقشات حول إعلان 2022 عامًا للمجتمع المدني، أشار رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، أيمن عقيل إلى إن الدولة المصرية لديها إرادة سياسية حقيقية تدعم التحركات الجادة في ملف حقوق الإنسان، وهذا ما برز في أن منظمات المجتمع المدني كانت شريكة أساسية وفعالة في إعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وأضاف أن من أبرز ملامح دعم مؤسسات المجتمع المدني، تفاعلها في المشاركة بكافة الحوارات والموضوعات المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان والعمل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهنا تكمن أهمية إشراك المجتمع المدني في تحقيق التنمية وتطوير ملف حقوق الإنسان مع مؤسسات الدولة ضمن رؤية مصر 2030 والتنمية المستدامة.

 يتبقى لمؤسسات المجتمع المدني المسؤولية الكبرى في المساهمة بشكل فعال في تطبيق الاستراتيجية من خلال إطلاق حملات توعوية للمواطنين بنشر ثقافة حقوق الإنسان، وحملات أخرى لتحسن أوضاع المواطنين والتوعية في القضايا الوطنية مثل حقوق المرأة والطفل وتجديد الخطاب الديني ومحاربة الإرهاب والتطرف بالإضافة إلى تلبية احتياجاتهم في مختلف القرى والمحافظات.

فلا شك أن القاهرة الآن تتعامل مع ملف حقوق الإنسان بطريقة متكاملة تخدم ظروف شعبها الذي يكافح إلى جانب القيادة السياسية من أجل العيش الكريم، ولذلك أتت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان أكثر نضجًا بمفهوم العدالة الشامل لبناء الإنسان المصري، ذلك الإنجاز الكبير الذي حققته الدولة في تطوير ملف كافة الملفات، وأبرزها حقوق المرأة وذوي الإعاقة وتمكين الشباب.

ما حدث من تطور في ملف حقوق الإنسان بمصر مؤخرا، يؤكد وجود الإرادة السياسية الحقيقية لإحداث طفرة في ملف حقوق الإنسان بمفهوم شامل، والارتقاء بأوضاع حقوق المواطنين من خلال ترابط كافة مؤسسات الدولة بالشراكة مع المجتمع المدني لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق